المعرفة الأفقية هي التي عرفها ومارسها اليونان، ويعرفها ويمارسها الغربيون المعاصرون، ومن قلدهم ودار في فلكهم. والمعرفة الأفقية العمودية المتقاطعة؛ هي التي تشكل العمود الفقري للفكر الإسلامي ولحضارة المسلمين. إن المعرفة الأفقية تعتمد في بنائها وتصورها وممارستها، على أداتين اثنتين: الحواس والعقل. والمعرفة الأفقية العمودية المتقاطعة تتأسس على أدوات ثلاث: الحواس، والعقل، والوحي. ثم إن المعرفة الأفقية مادية حسية: أفقها ومجالها الأرض والمحسوسات المادية؛ "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" (الروم 6). بينما المعرفة الأفقية العمودية المتقاطعة، تربط في نقطة تقاطعها الأرض بالسماء، والمخلوقات بخالقها، فيحصل عند المسلم التطابق الكلي بين مشاهداته الحسية واستنتاجاته العقلية، وبين منطوق الوحي الصحيح. ومن نتائج المعرفة الأولى؛ الشقاء، والحيرة، والتيه (موت الإله عند نيتشه، والعبثية والعدمية عند كامو وسارتر، وموت الإنسان عند فوكو،…). ومن نتائج المعرفة الثانية؛ السعادة، والطمأنينة، والهداية. والتاريخ الحضاري الإسلامي شاهد على ذلك. كما أن الصحوة الإسلامية المعاصرة، وإقبال غير المسلمين على الإسلام ودخولهم في حظيرته، لمن أعظم البراهين على صدق المعرفة الثانية وقوتها، وكونها سببا لحصول السعادة في الدنيا والآخرة.