الإعلام الجزائري والبوصلة المقلوبة: كنا نتمنى أن يكون الإعلام الجزائري ضمير الشعب الجزائري الذي عرفناه محبا للمغرب، مقدرا لرموزه، مطالبا برفع الحواجز الوهمية بين الشعببين، والتوجه نحو الأسباب الحقيقية التي يعاني منها هذا الشعب الطيب، الذي يملك خيرات الدنيا، لكنه يعيش في كثير منه الهشاشة والفقر، والذي يحب دينه وتاريخه الذي يجعله مع المغرب في صف واحد، لكن تسلطت عليه شرذمة مجدت قاتل ملايين الشهداء منه، فصاحت المحتل الغاشم ويداه لما تغسل بعد من دماء شهداء الجزائر الأبية التي لما تسترجع بعض جماهم شهدائها من متاحفها القذرة… في الوقت الذي كنا ننتظر أن توجه بوصلتهم نحو العدو الوهم الحقيقي، وتعمل على إعلان موقف الجزائريين الأحرار الذي يتجسد في حبهم للمغرب والمغاربة وحب المغاربة والمغرب لهم…، تعمل بعض هذه المنابر الإعلامية على تحريف البوصلة والتوجه نحو رموز المغرب وعلى رأسهم حفيد السلطان مولاي عبد الرحمان، الذي ضحى باستقلال المغرب لأجل الجزائر في معركة إسلي سنة 1844، من أجل الجزائر، وحفيد الملك محمد الخامس الذي دعم رفقة المقامة المغربية المقاومة الجزائرية بالسلاح والعتاد، …، لعلمهم أن المغاربة قد يختلفوا، قد ينتقدوا سياسة بلدهم، لكن حين تمس رموزهم الوطنية: ملكا ودينا ووحدة ترابية ووحدة اجتماعية…، فإنهم يصبحون رجلا واحدا. خلفيات الهجمة الرعناء على رموز المغرب: لعل من بين أسباب هذه الهجمة على ملك البلاد أمير المؤمنين، ليس الجهل بالعلاقات التاريخية بين المغاربة عامة، والأسرة الملكية خاصة مع الشعب الجزائري، كما قد يظن ظان، ولكن هناك خلفيات كثيرة أشرنا إلى بعضها، ونذكر أهمها: – محاولة ضرب روح المحبة التي تجمع الشعبين الكريمين، اللذين يزداد اليقين يوما بعد يوم، أنه لا مستقبل لأحداهما دون الآخر، فتبين لجهات ما داخل الجزائر أنها كما فشلت في تدبير أمر الاقتصاد والحكامة في الجزائر، وكما فشلت في تطبيعه مع الفئة الفاسدة التي صنعت على عين المستعمر، فكان كل مرة ينهض كالعنقاء ويتفض ضد تلك لخفافيش التي تمتص دمه وخيراته منذ عقود…، كلما فشلت في ذلك، فإنها فشلت في أن تنسي الجزائريين علاقتهم بإخوانهم المغاربة، والروابط المتينة التي تجمعهم معهم. – محاولة إشعال حرب إعلامية وصراع بين الشعبين، بعد أن تحرك من لا يعرفون نواياها الخفية، فيوجهون نقدهم للشعب الجزائري، وهذا ما لن يقع المغاربة في فخه، إذ الشعب المغربي عنده من الوعي الذي يجعله يميز ما بين شرذمة مأجورة تعادي شعبها قبل غيره، وبين الشعب الجزائري الذي يدين مثل هذه التصرفات المشينة لأصحابها قبل غيرهم. – محاولة صرف الشعب الجزائري الأبي عن مشاكله الداخلية التي يعاني منها، غياب سلطة حقيقية في البلد، غياب أثر ثروته المهدرة في واقعه المزري، إذ أبناؤه يركبون قوارب الموت، ويصبحون طعاما للأسماك…، رغم انهم أغنياء بما حباهم الله من النعم الكثيرة… – خدمة أجندات دولية تهدف إلى تقسيم هذا المقسم، وجعل الجزائر سيفا مسلطا على المغرب لابتزازه لتحقيق أكبر قدر من التنازلات في كثير من القضايا – استنزاف الدولتين معا من خلال إشعال نار الصراع والفرقة بينهما، لمنع أي تطور لهما وسجنهما في هذا الصراع المقيت، الذي سخرت له مثل هذه الفئة المأجورة لتأجيجه كلما خبا وانطفأ. منهج الرد: ومن ثم، لا بد لكلا الشعبين العلم بالمؤامرة الكبرى التي تستهدفهما، فيوجهوا بوصلتهم نحو مثل هذه الجهات الفتانة وفضحها وإدانتها، بل مقاطعتها، وعدم الوقوع في شرك التعميم وإشعال صراع بين شعبين تربطهما المصاهرة والرحم والجوار، ويجمعها نفس الدين واللغة والتقاليد، والفقر والهشاشة، وقد رأينا في ذلك كثيرا من الإخوة الجزائريين يتبرؤون من تصرفات هذه القناة القذرة، التي وصفها أحدهم بقناة الصرف الصحي، والتركيز على التاريخ المشترك والعدو المشترك.