أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية بين المغرب والاتحاد الأوروبي    ابتداء من غد الثلاثاء.. أطباء القطاع العام يضربون ل3 أيام    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    ذكر وأنثى فقط.. ترامب يتعهد بوقف جنون التحول الجنسي    الإيليزي يستعد للإعلان عن الحكومة الجديدة    الكرملين ينفي صحة تقارير إعلامية تركية عن حياة الأسد وزوجته بموسكو    الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي        شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    أسرة المدرسة العليا للتربية والتكوين بجامعة ابن طفيل تستنكر "المس بالأعراض" الذي يتعرض له بعض أطر المؤسسة    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتاح الجنة: التوحيد
نشر في هوية بريس يوم 02 - 02 - 2021

ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم: "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"، أن أبواب الخير كثيرة، لا يهتدي إليها إلا موفق. وبدأ بالباب الأول، وهو أعظم باب يتوق المسلم إلى ولوجه، ويرهن حياته كلها في سبيله، ألا وهو باب: "الجنة". وذكر رحمه الله أن مفتاحَه: "التوحيد".
هذا وفتح الباب ليس بممكن * إلا بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الإخلاص والتوحيد تلك شهادة الإيمان
وللجنة على التفصيل ثمانية أبواب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَىَ عَبْدُ الله، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ" متفق عليه.
ولاحظ أن كلمة "التوحيد" هي المفتاح الأساس لدخول الجنة عموما، مع وجود مفاتيح أخرى مخصوصة بكل باب، كما سيأتي إن شاء الله .
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ، إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ" مسلم.
وهنا أيضا تلبست عبادة الوضوء بكلمة التوحيد، فكانت مفتاحا للجنة.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا : "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلاَّ تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ" صحيح سنن ابن ماجة.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأبواب الجنة على سبيل التفصيل، وذكر معها المفتاح المخصوص لكل باب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ الله (أي: من أنفق شيئين من نوع واحد، مثل: درهمين، أو فرسين، أو قميصين)، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةَ: يَا عَبْدَ الله، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ" متفق عليه.
فهذا ذكر لأربعة أبواب: باب الصلاة، وباب الجهاد، وباب الصدقة، وباب الصيام.
وأما الباب الخامس، فهو الباب الأَيْمن، ويدخله من لا حساب عليه من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. يقول ربنا عز وجل مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث الشفاعة القدسي : (يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ) متفق عليه.
وهم المقصودون في قوله عليه الصلاة والسلام : "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ". قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "هُمُ الَّذِينَ لاَ يَرْقُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ (أي: يتركون ذلك مع جوازه، لشدة توكلهم على الله، ورضاهم بقضائه)، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: "أَنْتَ مِنْهُمْ". فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ" متفق عليه.
وأما الباب السادس من أبواب الجنة، فقد جاء في ذكره حديث مرسل أن أصحابه هم من يعفون عن المظالم، ويتجاوزون عن الإساءات. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للهِ بابًا في الجنَّةِ لا يَدخلهُ إلَّا مَن عَفا عن مظلِمةٍ" ذكره ابن حجر في الفتح.
فهذه ستة أبواب عُلمت تسميتها، واختلف العلماء في الباقي. وقد جزم ابن حجر في الباب السابع فقال: "هو الحج"، ورجح أن يكون الثامنُ بابَ الذكر أو العلم.
أما النار فلها سبعة أبواب، كما قال تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الأبواب هي: جهنم، والسعير، ولظى، والحطمة، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي أسفلها. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "وكل باب أشد حرًّا من الذي يليه سبعين مرة".
ومن عجيب الإعجاز، أن الله تعالى قال في أبواب الجنة: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) بالواو في: (وَفُتِحَتْ)، أما في أبواب جهنم، فقد قال تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا) بدون واو في: (فُتِّحَتْ). فمنهم من قال: هذه الواو تسمى: واو الثمانية، كما في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)، دخلت في أبواب الجنة لكونها ثمانية، بخلاف أبواب النار فإنها سبعة. ومنهم من قال: إن الملائكة تسوق أهل النار إليها وأبوابها مغلقة، حتى إذا جاءوها فتحت في وجوههم، فَفَجِئَهم العذاب بغتة.. فلم يستأذن لهم في دخولها. وأما الجنة، فدار كرامته تعالى ، ومحل خواصه وأوليائه، فإذا انتهوا إليها، صادفوها مغلقة، فيستشفعون إلى ربهم بأولي العزم من رسله، فكلهم يتأخر عن ذلك، حتى تقع الدلالة على خاتمهم، وسيدهم، وأفضلهم صلى الله عليه وسلم ، فيقول: "أنا لها". فإذا دخل أهل النار النار، أغلقت أبوابها. قال تعالى : (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ)، أما أبواب الجنة، فتبقى مفتوحة: (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ)، لتمكين الملائكة من الدخول عليهم من كل باب وفي كل وقت. قال تعالى : (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ). قال مقاتل: "تدخل الملائكة عليهم من كل باب في كل وقت، بالتحف والألطاف من ربهم".
فإذا كان مفتاح الجنة التوحيد، وكلمته هي: " لا إله إلا الله"، فإن لكل مفتاح أسنانا هي شروط فتحه، كما أن ل"كلمة التوحيد" شروطا لا بد من تحقيقها.
قيل لوهب بنِ مُنبِّه: أليس "لا إله إلا الله" مفتاح الجنَّة؟ قال: بلى؛ ولكن ما من مفتاحٍ إلا وله أسنان، فإنْ جئتَ بمفتاحٍ له أسنانٌ فُتح لك، وإلاَّ لم يفتح لك".
وقيل للحسن البصري رحمه الله : إن ناساً يقولون: من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة. فقال: "من قال (لا إله إلا الله) فأدَّى حقها وفرضها، دخل الجنة".
وقال رحمه الله للفرزدق الشَّاعر وهو يدفن امرأته: ماذا أعددتَ لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلاَّ الله منذ سبعين سنة. فقال الحسن: "نِعم العُدَّة، لكنَّ ل(لا إله إلاَّ الله) شروطًا، فإيَّاك وقذف المحصنات".
فلا تنفع كلمة التوحيد مع الاتصاف بالكذب، أو النفاق، أو السرقة، أو الاعتداء، أو الظلم.. وغيرها. قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه فهو مُنافِقٌ، وإنْ صامَ وصلَّى، وقال: إنِّي مُسلمٌ: مَنْ إذا حدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلفَ، وإذا اؤْتُمن خانَ" صحيح الجامع. وفي لفظ: "وإِنَّ صام وصلَّى وحَجَّ واعتمَرَ".
فجنة الله غالية، لا تقبل أن يكون صاحبها متلونا ذا وجهين، بل لا بد أن يكون الإخلاص سياجا لأعماله، وأقواله، ومواقفه، وعلاقاته. قال صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ: (لا إله إلا الله) قَطُّ مُخْلِصًا، إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ" صحيح سنن الترمذي.
مَن قَالَهَا مُعْتَقِداً مَعْنَاها * وَكَانَ عَامِلاً بِمُقْتَضَاهَا
في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ مُؤمِنا * يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
ولذلك نص أهل العلم على أن شروط كلمة التوحيد سبعة، وهي التي ذكرها الشيخ الحكمي في قوله:
العلم واليقين والقبول* والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبةْ * وفقك الله لما أحبَّهْ
ومن جملة أعمال البر التي تندرج تحت كلمة الإخلاص وتستوجب دخول الجنة من أي أبوابها الثمانية، هذه الأمور الخمسة:
1 صحة المعتقد، بنفي الشريك عن الله، والإتيان بعبادات مخصوصة، مثل الصلاة، والزكاة، وعقد السمع والطاعة للإمام. ويجمع كل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَبَدَ اللهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، فَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ (أي: أطاع الأمير)، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ. وَمَنْ عَبَدَ اللهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَعَصَى، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى مِنْ أَمْرِهِ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ" رواه أحمد وهو حديث حسن.
2 التنزه عن إهدار الدم الحرام، لأن قتل النفس التي حرم الله من أعظم الكبائر، كما قال تعالى : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). وكما في الحديث الشريف: "لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا" البخاري. فكان التندي بالدم الحرام حاجزا عن الجنة. قال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ حَرَامٍ، إِلاَّ دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ" صحيح سنن ابن ماجة، واللفظ لأحمد.
قال الإمام ابن حجر الهيثمي رحمه الله في قوله تعالى : (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا): "وجَعَل قتل النفس الواحدة كقتل جميع الناس، مبالغة في تعظيم أمر القتل، وتفخيما لشأنه".
3 طاعة المرأة لزوجها ابتغاء مرضاة الله، فهي من أعظم سبل ولوج الجنة. يقول صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ" أحمد وهو في صحيح الترغيب.
وعن الحصين بن محصن أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟". قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ" صحيح الجامع.
وخيرُ الناسِ مَن في الناسِ يَسعى * بخيرٍ أو يوَدُّ لهم وِئاما
وشرُّ الناسِ من يَسعى لشَرٍّ * ويقضي العمرَ حِقداً وانتقاما
4 طاعة الأبوين، وهي من أعظم الطرق إلى الجنة. بل هي وصية رب العزة والجلال حين قال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
قال صلى الله عليه وسلم في حق الأب: "الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ" صحيح سنن الترمذي.
وورد في حق الأم حديث معاوية بن جاهِمَة السُّلَمي الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم من جهة جنبه الأيمن، ومن جنبه الأيسر، ومن أمامه، كل ذلك يقول له: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله وَالدَّارَ الآخِرَةَ. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: "أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟". فيقول: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا". وفي الثالثة قال له: "وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ" صحيح سنن ابن ماجة.
5 ومن أراد الجنة، لزم الأدعية المأثورة، ومن ذلك أن يكثر أن يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله". فقد أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسة من أصحابه، منهم معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله".
وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن قيس: "يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ" متفق عليه.
اللهم ادفع عنا الغلاء، والوباء، والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين. والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.