رسميا.. محطة تحلية المياه بالجرف الأصفر تبدأ في تزويد مدينة خريبكة بالماء الشروب        الرباط تدعم تكوين بعثة فلسطينية    قبول 98.4% من طلبات الدعم الاجتماعي خلال يونيو    في برقية تعزية... الملك محمد السادس يشيد بلقاءات العمل التي جمعته بالرئيس السابق لنيجيريا الراحل محمدو بوهاري    أبرشان يُسائل "زكية الدريوش" حول مآل مشاريع قرى الصيادين ومناطق التفريغ بالناظور        خرائط تنبؤية لتحديد مناطق الخطر الحراري تصدرها وكالة المياه والغابات        الوزير البريطاني الأسبق للدفاع والتجارة الدولية: المملكة المغربية شريك أساسي للمملكة المتحدة    الملك يعزّي رئيس جمهورية نيجيريا الفيدرالية على إثر وفاة الرئيس السابق محمدو بوهاري    عجز الميزانية بلغ 24,8 مليار درهم عند متم يونيو الماضي    بونو وحكيمي يزينان التشكيل المثالي لكأس العالم للأندية    ارتفاع نسبة نجاح نزلاء السجون في البكالوريا لسنة 2025    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    شفشاون تُخصص مواقف سيارات مجانية لمحاربة فوضى "الجيلي الأصفر"    زيدان: اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت على 237 مشروعا استثماريا بقيمة 369 مليار درهم    وفاة "تيكتوكر" مغربية بعد عملية تكميم المعدة تثير الجدل حول التنمر وضغوط "السوشيال ميديا"    الحركة النسائية ترد بقوة وتتهم بنكيران بتكريس الوصاية على النساء    الدولي المغربي الشاب ياسين خليفي ينضم إلى سبورتينغ شارلروا        مفاوضات هدنة غزة تدخل أسبوعها الثاني دون تقدم وسط تفاؤل أميركي    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب إسبانيا    انتفاضة آيت بوكماز ضد الحيف الاجتماعي!    72 ساعة بين المباريات و21 يوما عطلة نهاية الموسم.. "فيفا" يصدر قرارات بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    دعوات لاستقصاء رأي مؤسسات دستورية في مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    لوكا مودريتش ينضم رسميا إلى ميلان    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    إنريكي ينفي اعتداءه على جواو بيدرو: "حاولت الفصل بين اللاعبين"        وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة    الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    ماليزيا تشدد قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الأمريكية    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب        لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة التوحيد: بَلسم الدنيا وجنة الآخرة
نشر في هوية بريس يوم 07 - 03 - 2020

إنها (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، التي بها قامت السماوات والأرض. أفضالها لا يحدها حد، ولا يحوطها العد. قال شيخ الإسلام رحمه الله : "وفضائل هذه الكلمة وحقائقها وموقعها من الدين، فوق ما يصفه الواصفون، ويعرفه العارفون، وهي رأس الأمر كله".
إنها الكلمة التي فطن لها الفطناء، وعمل لها العاملون، وشمر من أجلها المشمرون، فجعلوها أسمى أهدافهم، وأسنى مقاصدهم. قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: "إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ: شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله".
فهي أعلى شعب الإيمان وأرفعها، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ (لا إله إلا الله)، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ" متفق عليه.
وهي كلمة الشهادة، ومفتاح دار السعادة. فقد جاء رَجُل إلى اِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: "تَعْبُدُ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ" متفق عليه.
ولأجلها خلق الله الخلق، وأنزل الكتب، وبعث الرسل، (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وعلى هذه الكلمة يدور السؤال يوم القيامة: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ). (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ).
وهي العروة الوثقى التي ذكرها الله عز وجل في قوله: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا).
وهي العهد الذي ذكر الله عز وجل فقال: (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا).
وهي الحسنى التي قال فيها الله عز وجل : (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى).
وهي كلمة الحق في قوله تعالى : (إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وهي كلمة التقوى في قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا).
وهي القول الثابت الذي ذكر الله عز وجل في قوله: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ).
ومن هذا الثبات أن تكسب الميت عند موته راحة ورضوانا. قال صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلاَّ كَانَتْ نُورًا لِصَحِيفَتِهِ، وَإِنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ الْمَوْتِ" صحيح سنن ابن ماجة.
وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلا في قوله تعالى : (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء). قال ابن عباس رضي الله عنهما : "أصلها ثابت في قلب المؤمن، وفرعها العملُ الصالح في السماء صاعد إلى الله عز وجل ".
وهي الحسنة التي ذكر الله عز وجل في قوله: (مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعِ يَوْمَئِذٍ آمِنُون).
وهي المثل الأعلى الذي ذكر الله تعالى في قوله: (وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
وهي سبيل الوقاية من النار يوم القيامة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ أَنْ (لا إله إلا الله)، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ" مسلم. وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، فَقَالَ: "خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ" مسلم.
حتى العصاة من المسلمين، يخرجهم ربهم من النار بسبب (لا إله إلا الله). يقول الله تعالى يوم القيامة: "أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ (لا إله إلا الله) وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً" صحيح سنن الترمذي.
وهي أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة. فقد جاء في وصية سيدنا نوح عليه السلام لابنه قال: "آمُرُكَ بِ(لا إله إلا الله)، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ (لا إله إلا الله) فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ (لا إله إلا الله)" رواه أحمد وهو في الصحيحة.
وفي حديث البطاقة المشهور يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلاًّ، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لاَ ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ. فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: (أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ (أي: عملك وميزانك). فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ لاَ تُظْلَمُ. قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، فَلاَ يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ الله شَيْءٌ" صحيح سنن الترمذي.
وهي التي لا يحجبها شيء دون الله عز وجل . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ: (لا إله إلا الله) قَطُّ مُخْلِصًا، إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ" صحيح سنن الترمذي.
وهي خير الذكر وأفضله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الذِّكْرِ: (لا إله إلا الله)، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ: الْحَمْدُ لِله" صحيح سنن ابن ماجة.
وهي الكلمة التي من ختم بها حياته بشر بالجنة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: (لا إله إلا الله)، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ" متفق عليه.
غير أن هذا الاستحقاق لا يتم إلا بتوافر شروط (لا إله إلا الله).
فقد سأل رجل وهب بن منبه قال: أليس مفتاح الجنة (لا إله إلا الله؟). قال: "بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن أتيت بمفتاح له أسنان فُتح لك، وإلا، لم يُفتح لك".
وقيل للحسن البصري رحمه الله : إن ناساً يقولون: من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة. فقال: "من قال (لا إله إلا الله)، فأدَّى حقها وفرضها دخل الجنة".
مَن قَالَهَا مُعْتَقِداً مَعْنَاها * وَكَانَ عَامِلاً بِمُقْتَضَاهَا
في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ مُؤمِنا * يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
فلا بد من تحقيق شروط (لا إله إلا الله)، التي قد يغفل عنها بعض الناس. وهي سبعة شروط:
1 العلم الذي ينفي الجهل. قال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ). وقال صلى الله عليه وسلم: "قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) دَخَلَ الْجَنَّةَ" مسلم.
2 اليقين الذي ينفي الشك. قال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
3 القبول الذي ينفي الرد. فقد سأل سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الله الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ الله، قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لا أسْألُ عَنْهُ أحَدًا بَعْدَكَ. قال: "قُلْ آمَنْتُ بِالله، ثمَّ استقِمْ" مسلم.
4 الانقياد الذي ينفي الشك. قال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ). قال الطبري: "(مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ): أي: ممن استسلم وجهه لله فانقاد له بالطاعة".
إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينًا *** بِأَنَّ جَمِيعَ حَيَاتِي كَسَاعَةٍ
فَلِمْ لا أَكُونُ ضَنِينًا بهَا *** وَأَجْعَلُهَا فِي صَلاحٍ وَطَاعَةٍ
5 الصدق الذي ينفي الكذب. قال تعالى محذرا رسوله صلى الله عليه وسلم من المنافقين الذين يظهرون كلمة التوحيد ويضمرون غيرها: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يُحْزِنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).
6 الإخلاص الذي ينفي الرياء. قال صلى الله عليه وسلم: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ" البخاري.
7 المحبة التي تنفي الكراهة. قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلهِ).
ولقد جمع الحَكمي رحمه الله هذه الشروط فقال:
وبشروطٍ سبعة قد قُيِّدت * وفي نصوص الوحي حقاً وَرَدَت
فإنه لم ينتفع قائلها * بالنطق إلا حيث يستكمِلُها
العلم، واليقين، والقبول * والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبةْ * وفقك الله لما أحبَّهْ
وكما أن لِ(لا إله إلا الله) شروطا، فكذلك لِ(شهادة أن محمدا رسول الله) مقتضيات. قال تعالى : (وَرَفَعْناَ لَكَ ذِكْرَكَ). قال مُجَاهِدٍ رحمه الله : "لاَ أُذْكَرُ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي، وهِي: أشْهَد أنْ لاَ إله إلا اللهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رسُولُ الله".
ومن مقتضيات (شهادة أن محمدا رسول الله)، اتباعُه، وتعظيم أمره ونهيِه، ولزومُ سنته، والتفاني في طاعته. قال تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا). فالذي يعصيه يضل، والذي يخالفه يزل، والذي يشاقه يفتن. قال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
ومن مقتضيات هذه الشهادة، أن كل من سمع بدعوته، وجب عليه الإيمان به. قال صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" مسلم.
والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي الإيمان برسالته ولا بد، فلا دين إلا الإسلام، ولا اتباع إلا لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فقد أتَى عمرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَغَضِبَ وَقَالَ: "أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ مُوسَى عليه السلام كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي" رواه أحمد وهو حسن.
وأهل الكتاب في زماننا، وكذلك أهل الملل الأخرى من عباد الحجر، والشجر، والحيوانات وغيرها، بَلغتهم الدعوة، وعرفوا الإسلام. ووسائل التواصل اليوم قطعت الألسنة، وأبلغت في الحجة، وقام قائم القول المبين: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
لك الخلق والنعماء والأمر كله * فإياك نستهدي وإياك نعبد
خَلقَ الإلهُ الكونَ صنعةَ مُبدعٍ * حتى يكُونَ لهُ العِبادُ عَبيدا
وضعَ النظامَ بدقةٍ أبديَّةٍ * كَيما يحدِّثَ عقلَنا المَرصُودا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.