اعتبرت وزير الدفاع في حكومة مدريد مارغريتا روبلس، أن "سبتة ومليلية مدينتان إسبانيتان"! في تعليق جديد على مطالب المغرب بالرغبة في استرجاع الثغرين المحتلين، ورفضت إسبانيا الزج بالمؤسسة العسكرية في النقاش الدائر حول الموضوع. ويهدف حزب "فوكس" القومي المتطرف إلى جر وزارة الدفاع للحديث بطريقة أكبر حول هذا الموضوع الشائك، لا سيما بعدما انضم إلى صفوفه عدد من قادة الجيش السابقين الذين لديهم مواقف غير ودية تجاه المغرب. وفي حوار أجرته معها وكالة "أوروبا برس" نهاية الأسبوع، أعربت وزيرة الدفاع عن رفضها لأي نقاش يشكك في الهوية الإسبانية لسبتة ومليلية قائلة: "سبتة ومليلية إسبانيتان مثل مدريد وسيوداد ريال وأشعر أنني سبتاوية ومليلية". وانضمت بهذا إلى وزيرة الخارجية أرانتشا غونثالث سانشيس، ونائبة رئيس الحكومة كارمن كالفو، للرد على رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الذي صرح منذ أسبوعين "بمغربية سبتة ومليلية مثل الصحراء". وفق "القدس العربي" فقد رفضت الوزيرة توريط المؤسسة العسكرية في جدل حول هوية المدينتين، في وقت لا يوجد هذا الجدل وليس مطروحا على مائدة المفاوضات، مصرّة حرفيا على "لا يوجد موضوع للنقاش" حول المدينتين. وقالت بقيام الجيش بدوره المعتاد وهو حماية البلاد بعيدا عن الصخب السياسي، وأعطت مثالا على دور مهام الجيش في الأزمات بتوليه نقل اللقاح ضد كورونا إلى المدينتين كما فعل في أرجاء أخرى من إسبانيا. وكانت وزيرة الدفاع بهذا ترد على حزب "فوكس" القومي المتطرف الذي يستغل قضايا شائكة لإحراج الحكومة من جهة، وللتهجم على المغرب من جهة أخرى، وذلك بحكم ارتكاز خطابه السياسي على المعتقد الصليبي والتاريخي الموروث عن سياسيين ومفكرين قوميين متطرفين، تركوا إرثا غير ودي تجاه الجار الجنوبي الذي هو المغرب. ويظهر هذا الإرث السياسي بين الحين والآخر في التعامل مع المغرب. وقبل هذه الفترة، كان الفكر القومي المتطرف قد انتعش خلال أزمة جزيرة ليلى، عام 2002، عندما كان خوسي ماريا أثنار، رئيسا للحكومة. ويوظف حزب "فوكس" قضايا مثل الهجرة، للترويج "للغزو الإسلامي" القادم من الجنوب، ويقترح تحويل 2 يناير إلى عيد وطني، وهو الذي يصادف 2 يناير 1492 تاريخ سقوط مملكة غرناطة ونهاية التواجد الإسلامي في الأندلس. وانتهز الحزب الضجة الأخيرة حول سبتة ومليلية لكي يقوم بحملة ضد الحكومة في مدريد ويتهمها بعدم الدفاع عن مصالح إسبانيا في مواجهة ما يصفه ب"التوسعات المغربية" الرامية لاستعادة سبتة ومليلية المحتلتين. وكان رد فعل حزب "فوكس" على تصريحات رئيس حكومة المغرب حول سبتة ومليلية نارية ومتطرفة للغاية مقارنة مع باقي الأحزاب. ولكي تمتص حكومة مدريد ردود فعل اليمين المحافظ والمتطرف، قامت باستدعاء سفيرة المغرب في إسبانيا لتستفسر بشأن تصريحات العثماني. ونتيجة مطلب المغرب حول سبتة ومليلية، طالب حزب فوكس بضرورة قيام حكومة مدريد بعرقلة المساعدات والاتفاقيات الأوروبية مع المغرب كعقاب لهذا البلد، والدفع بقوات إلى المدينتين ضمن استراتيجية الردع. كما يستغل الحزب وجود قادة عسكريين في صفوفه ومنهم جنرالات تولوا قيادة أركان الجيش الإسباني سابقا، للضغط على الحكومة اليسارية في مدريد للرفع من ميزانية الجيش الإسباني نظرا لتسلح المغرب خلال السنوات الأخيرة. وكذلك التدخل لدى الدول الكبيرة مثل الولاياتالمتحدة لكي لا تبيع أسلحة متطورة للمغرب حتى لا يشكل خطرا على الأمن القومي الإسباني. وتقع سبتة ومليلية شمالي المغرب، وتحتلهما اسبانيا منذ مدة طويلة، ويطالب المغرب باستعادة السيادة عليهما، ولكنه خلال العقدين الأخيرين جمّد المطالب وتفرغ لإنهاء نزاع السيادة على الصحراء. ويقوم جزء من اقتصاد المدينتين على التهريب، ومنذ بداية السنة الماضية، بدأ المغرب يحارب التهريب، وبعد جائحة فيروس كورونا أغلق الحدود البرية مع المدينتين منذ مارس الماضي.