هوية بريس- محمد المكودي انتقل إلى جوار ربه، المناضل الكبير محمد الوفا. سليل الزعيم علال الفاسي، وعبد الكريم غلاب، وأبي بكر القادري… إلخ. رفيق محمد بوستة، وامحمد الخليفة، وعباس الفاسي… إلخ. رجل مجتمع، إذ زكاه "حزب الاستقلال" مرارا، وانتخبه الشعب لمسؤوليات، لعل أبرزها رئاسته لجماعة مراكش، في ثمانينات القرن الماضي. ورجل دولة، إذ عُين سفيرا في كل من إيران والهند والبرازيل، ووزيرا في حكومة عبد الإله بنكيران. أبرز صفات الرجل هي قوله الحقيقة بلا مواربة عندما يريد ذلك، والتشبث بقناعاته وما يراه سديدا. مداخلات البرلمان، مشاركاته التلفزيونية، حواراته، مواقفه الواضحة… كلها تشهد بصراحة الوفا وقدرته على قول الحقيقة لأي كان، إذا أراد هو ذلك. إنه وحيد وزراء "الاستقلال"، الذي قال "لا" لعبد الحميد شباط، في زمن "شباط ومن معه ومن خلفه". آخر سياسي يعطي لملف التعليم "نفسا شعبيا"، فكان الردّ قاسيا، وكان عبرة لمن سولت له نفسه الاقتراب من "الوسيلة الأكثر فعالية لعنف الدولة الرمزي". تتكثف فيه معاني رجل السياسة الوطني، المؤمن بخيار "الكتلة الوطنية التاريخية"، وبحاجة المغرب إلى "توافق تاريخي بين الدولة والمجتمع" حتى يتقدم خطوة أو خطوتين إلى الأمام. وفي خضم هذه المعركة، وهذا النقاش المحتدم، حيث يتفاعل الوفا بعفوية تخفي وتعلن، لا تجده في الغالب إلا مبتسما وبشوشا وساخرا على طريقة المراكشيين. ليس الوفا "سياسيا يمارس التفكيه"، كما حاول الإعلام "المأجور أو التافه الجاهل" تصويره. بل إنه مناضل وطني، تحمل طيلة حياته أمانة رصيد من خدمة الدولة والمجتمع معا. رحم الله المناضل محمد الوفا، وأسكنه فسيح جناته..