أثار وثائقي بثته قناة فرنسية حكومية، الثلاثاء 26 ماي 2020، حول الحراك الشعبي في الجزائر، موجة غضب واسعة، متهمين إياه ب"تشويه الحراك" الذي دخل عامه الثاني في البلاد. هذا الوثائقي تم بثه على قناة "فرانس 5" تحت عنوان "الجزائر حبيبتي"، لمخرجه ومنتجه الصحفي الفرنسي، من أصل جزائري، مصطفى كسوس. ويتناول الوثائقي الحراك الشعبي السلمي الذي انطلق بالجزائر في 22 فبراير 2019، وأطاح بالرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة. حسب ملخصه، يقدم الوثائقي، في 72 دقيقة، شهادات لشباب جزائري حول الحراك والديمقراطية والحرية وأحلامهم. أما سبب الاستياء والرفض، فيعود لما تضمنه الوثائقي من مشاهد أظهرت الشباب المشاركين في الحراك وهم يحتسون الكحول، ويبرز موضوع الكبت الجنسي لديهم، كما يُظهر فتيات يدخنَّ، في إشارة إلى الرغبة في اعتماد نمط حياة يكرس "المساواة". يضاف إلى ذلك تلخيص مطالب الحراك في بحث الشباب عن الحرية خارج القيود الاجتماعية، علاوةً على تعليقات تحذِّر من التطرف الإسلامي، على غرار ما حدث في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما اعتبره منتقدون تشويهاً من القناة للحراك الشعبي الجزائري. عبدالرزاق مقري، رئيس حركة "مجتمع السِّلم"، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، قال إنه "حين تابع وثائقي القناة الفرنسية الخامسة تأكَّد أن عبيد فرنسا في الجزائر تعلّموا الكذب من سيّدتهم (فرنسا)". أضاف مقري، في تغريدة عبر "تويتر"، الأربعاء: "عندهم شريحة قليلة جداً تُصدِّقهم يشحنونها بالدجل والسيناريوهات الخيالية". واعتبر أن "الحل مع هؤلاء هو الديمقراطية الحق؛ حتى يظهر حجمهم أمام العالم (..)، ولتبرز المكونات الحقيقية للحراك الشعبي". وفق "عربي بوست" فعرض الوثائقي خلَّف أيضاً موجة غضب واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، بردود فعل مستنكرة أطلقها نشطاء رداً على القناة الفرنسية. وفي تدوينة عبر "فيسبوك"، قال الإعلامي الجزائري حفيظ دراجي، إن "الحراك يزعج فرنسا وإعلامها يقويه أكثر، ريبورتاج (تقرير) فرانس 5 التافه سيوحد الجزائريين أكثر، ويزيدهم إصراراً على التمسك بحراكهم وثوابتهم وقيمهم". يضيف دراجي: "هذا الريبورتاج سيقوِّي الحراك ويجعله أكثر تماسكاً، ليثبت بأنه ثورة حقيقية ضد بقايا فرنسا". بدوره، قال الصحفي الجزائري جعفر خلوفي، إن "الوثائقي فيه علل كثيرة، أولاً من حق الصحفي أن يستجوب من يشاء، لكن من واجبه تقديم صورة شاملة عن الجزائر بتنويع الآراء والمتدخلين وعدم استنساخهم". أضاف خلوفي، عبر "فيسبوك"، أن "كل القصص يجب أن تُحكى، لكن من غير المقبول أن يعرض صحفي وثائقياً حول الحراك دون صوت شباب الملاعب، ودون حديث عن المعتقلين". وفق المتحدث، فإن "النظرة الفرنسية للتابوهات (المحرمات بالمعنى الاجتماعي) في الجزائر طغت على قرابة 20 دقيقة أو أكثر من العمل". كما أشار خلوفي إلى أن "المشكل ليس في تناول الكبت الجنسي، بل يكمن في تحويل مُعضلة سياسية بالدرجة الأولى، إلى شهادات مكرّرة وأحياناً مقحمة عنوة عن الواقع الجنسي للشباب". يشار إلى أن الجزائر تشهد منذ 22 فبراير الماضي، حراكاً شعبياً أدى إلى استقالة بوتفليقة من منصبه، ومحاكمة عديد من المسؤولين ورجال الأعمال من حقبته، وظل متواصلاً حتى مطلع 2020، قبل أن تعلِّقه تدابير تفشي فيروس كورونا.