باستثناء بعض الانتقادات العلمية الموضوعية و البناءة، من بعض المهنيين و الباحثين المتخصصين، و التي لا تسلم منها أي أطروحة علمية، اعتبارا لطبيعة العلم و نسبية نتائج البحث العلمي، فإن ما تعرض له الدكتور محمد الفايد، و لا يزال، من هجوم تحت يافطات بعناوين متنوعة من قبيل الشعوذة و التخلف و البدائية و الخرافة ….، لا علاقة له لا من قريب و لا من بعيد بكفاءة الرجل و خبرته و مصداقيته، و لا بعلمية تخصصه و مجال اشتغاله. بقدر ما هو نتيجة لمشكلة هذا الرجل مع مهاجميه من عمالقة التفاهة و الوقاحة. و أغلب مهاجمي الدكتور الفايد، إما من سدنة الإلحاد و مروجيه، ممن تشمئز قلوبهم من ذكر الله، و الحديث عن الإسلام. و إما من أبواق و سماسرة الرأسمالية المتوحشة،التي تقدس الدولار و تعظيم الأرباح، فضلا عن الذباب الإليكتروني لمن يتقاطع معهم في المصالح و الأهداف،من مناهضي ما يعرف بالإسلام السياسي، و خصوم الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. و يمكن إرجاع مشكلة هؤلاء مع هذا الخبير ، بالإضافة لشعبيته و تأثيره الجماهيري، و كذا الظرفية المواتية لإمكانية اعتناق و تنزيل أفكاره ، إلى عاملين رئيسسين: العامل الأول : يتعلق بربط الدكتور الفايد مجال تخصصه العلمي بالدين الإسلامي و بلغة القرآن، و حديثه عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم و السنة النبوية . و معلوم أن الإعجاز العلمي مما يقض مضاجع أعداء الدين بشكل عام، و الإسلام بشكل خاص، إذ يرونه في قرارة أنفسهم، وسيلة لتعزيز الثقة في الدين الحق، و الاعتزاز بالإسلام، و المطالبة بتطبيق شريعته، و قناة لفتح الأعين على آيات الله في الأنفس و الآفاق ، و الإجابة عن التساؤلات الكبرى التي تشغل في العالم أحرار الباحثين عن الحقيقة،أمام فتوحات الفيزياء الكونية التي يقف العلماء اليوم مشدوهين أمامها، و طريقا للدلالة على الله و التعرف على الإسلام، و تسريع وثيرة أفواج معتنقي هذا الدين ، أمام التداعيات النفسية و الاجتماعية لنظام التفاهة و ثقافة اللامعنى التي تسود العالم، بشكل يجعل العلم في خدمة الدين، و ينحسر معه الفكر المادي الإلحادي. في وقت يجدون فيه أنفسهم عاجزين عن مواجهته فكريا و علميا، و لا يملكون إزاء معطياته و حقائقه المتجددة سوى المكابرة و الهروب إلى الأمام و أساليب الضرب تحت الحزام. و إن اقتضى الأمر التنكر للعلم التجريبي في حد ذاته، بعد عقود من استغلاله المقيت، و وصفه بالخرافة و الفكر الخرافي بعما خذلهم و صار يغرد خارج أسرابهم، بل و السعي في ربط الإعجاز العلمي بالتطرف و الإرهاب. و الدعوة لإقصاء و اضطهاد الباحثين فيه مهما بلغت درجاتهم و كفاءاتهم العلمية. و هو ما يكشف زيف و هشاشة الطروحات المادية الإلحادية ، و يوسع الخرق على الإيديولجية الداروينية المحتضرة علميا، أمام نظريات الخلق، و التصميم الذكي، و المصمم الأعضم، و يعرقل خطط تشويه الإسلام و الحد من انتشاره. و إذا كان التفاعل مع محاضرات و دروس الإعجاز العلمي في العديد من المجالات العلمية كالفيزياء الكونية و الهندسة الوراثية و الطب و الجيولوجيا …، تحتاج لعدة علمية و حد أدنى من المبادئ الأساسية لهذه العلوم و العلم التجريبي بشكل عام، كمكونات المادة مثلا من قبيل: ) الجزيئات، الذرات، الكوركات، البروتونات، النيوترونات، الليبتونات ، الإليكترونات… (، و هي غير متاحة للجميع، فإن ما يميز الإعجاز العلمي في مجال التغذية، فضلا عن أسلوب تقديمه من قبل الدكتور الفايد، هو ارتباطه بالثقافة الشعبية للمواطن المغربي و معيشه اليومي )الزيتون، السانوج، القزبور، القرفة، القرنفل، لعصيدة ، رمضان … (، بشكل تصل معه فكرة هذا الإعجاز إلى أفهام و عقول و قلوب العامة قبل الخاصة، بيسر و سلاسة، و يتم التفاعل معه و الاستجابة له بفطرة و تلقائية . و في هذا تقويض للمجهودات، المؤدى عنها، لدكاكين و وكالات سدنة الإلحاد المتهلهل في تسويق بضاعتهم المزجاة ، و في محاولة طمس و محاصرة الوجه العلمي المشرق للإسلام و تشويه عقيدته و شريعته، و إفشال لمساعي شبكاتهم و ذبابهم الإليكتروني في التشويش عليه و الحد من انتشاره. فلا عجب أن تثور إذن، ثائرة مندوبي تجارة الإلحاد، و أن يزبدوا و يرعدوا، في مواجهة هذا الرجل و شعبيته و صدقه و فطرته و محبة الناس له و الإقبال عليه و على أفكاره بعفوية و تلقائية ، بشكل يعريهم و يصد الناس عنهم، و يكشف عجزهم و قلة حيلتهم. في مواجهة هذا الدين العظيم و شرائعه و آياته و رجالاته. و يهدد بانتهاء صلاحياتهم و إمكانية الاستغناء عنهم و عن خدماتهم و إلحاقهم بنكرات مزابل التاريخ، في ظل المتغيرات الراهنة التي سيعاد فيها لا محالة ترتيب أوراق العديد من الملفات و على رأسها نظام التفاهة، و فك التحالفات و قطع الرعاية و التمويل على المشاريع و البرامج و القنوات غير الناجعة و الأشخاص العقيمة التافهة؛ العامل الثاني: قيام فكر الرجل و تخصصه، و ما يروج له في المحصلة و النهاية، على أساس الوقاية قبل العلاج من جهة، و ترشيد الاستهلاك و الاعتدال في الإنفاق من جهة ثانية. و معلوم أن ترشيد الاستهلاك، و هو أخطر ما يهدد النظام الرأسمالي و آلياته من الداخل، كفيل بخلق الكوابح و العقبات أمام نمط الاستهلاك الحيواني غير الرشيد، القائم على الرغبات و الحاجات غير الحقيقية، و التي خلقتها المصالح التسويقية للآلة الإنتاجية، و روجتها و كرستها عن طريق المؤسسات الإعلامية و عبر مشاهير و قنوات الفن و الرياضة و غيرها من أدوات نظام التفاهة و استراتيجة الإلهاء، حتى صار إشباع الحاجات غير الحقيقية، ضرورة إنسانية، و مقوم من مقومات التجارة المعاصرة و أحد أعمدة الاقتصاد الليبرالي القائم. كما أن الاعتدال في الإنفاق، سيؤدي لا محالة إلى تدني حجم المبيعات و المداخيل،على نحو يتضرر معه المنتج و الفاعل الاقتصادي عموما من الناحية المادية. و لا شك أن الفترة الممتدة بين المرض و العلاج أو استحالة هذا الأخير، يتطلب إجراءات و يعرف تدخل عدة فاعلين و فعاليات، و تصريف منتجات و خدمات تسهم في الرواج الاقتصادي و در مداخيل على فئات عديدة من منتجين و تجار و مهنيين و أطباء و صيادلة … ، فيكون المرض في حد ذاته أحد محركات الدورة الاقتصادية. و تكون الوقاية لدى معتنقي عقيدة تعظيم الأرباح أمرا غير مرغوب فيه. و واضح أن من شأن شعبية الدكتور الفايد، و جماهيريته و التفاف الناس حول أفكاره و نجاحه في مخاطبة العقل و الوجدان و إيصال فكرته و الإقناع بها، و الترويج لحقائق و معطيات تخصصه العلمي الدقيق ببساطة و تلقائية، في هذه الظرفية المواتية ماديا و معنويا، أن تتأثر الطبقات الشعبية المكتوية أصلا بلهيب تكاليف إشباع الحاجات و الرغبات الوهمية المفتعلة، و أن تتنسم عبير حرية الاختيار و اتخاذ قرار التسوق و الإنفاق بعد عقود من القمع الإعلامي الناعم و التوجيه و التنميط الممنهج، و تفعل قواعد الوقاية أمام عجز النظام الصحي و مختبراته، و تعيد النظر في نمط الاستهلاك الحالي، خاصة بعد ثبوت أضراره و مساوئه و سلبياته المادية و الصحية و النفسية و الأخلاقية و الاجتماعية و البيئية. و بالتأكيد فلن يروق هذا الصنيع الآلة الإنتاجية ، التي ستتضرر لا محالة من أي تغيير و لو طفيف في نمط الاستهلاك المألوف، خاصة في ضل هذه الظرفية الاقتصادية العصيبة. و هي أشد ما تكون في حاجة إلى فكر مضاد لفكر هذا الرجل و أمثاله، حتى تأخذ الأمور مجراها و تستعيد بعض عافيتها، جراء ما عانته و ستعانيه، إن كتب لها البقاء و الصمود، من تبعات الإغلاق الاقتصادي، و حالة الطوارئ المرتبطة بالحجر الصحي. و هي التي لم تتتعافى بعد من مخلفات و آثار ما عرف بالمقاطعة الاقتصادية. فيكون من الطبيعي أن تسخر الآلة الإنتاجية جميع الوسائل المتاحة، للحد من كل ما من شأنه أن يمس هذا النمط الاستهلاكي غير الرشيد ، و هي التي أنفقت في سبيل خلقه و تسويقه و ترويجه و ترسيخه و تكريسه، الجهود و الأوقات و الأموال الطائلة، حتى صار إحدى الرئتين التي تتنفس بها الأسواق العالمية. فلا يستغرب أمام ما ذكر – و في ضل المتغيرات الراهنة، التي تحمل إرهاصات تغييرات جذرية ، ستجبر الجميع لإعادة حساباته، إن لم تبعثر كافة الأوراق – أن تتظافر الجهود و توجه السهام لهذا الرجل، في محاولة للنيل منه و تحجيم دوره و الحد من تأثيره، وإن استدعى الأمر تسفيهه و السخرية منه و من أفكاره، بل ومن تخصصه و علمه، فضلا عن التأليب عليه و الاستعداء عليه، و حتى رميه بالباطل زورا و بهتانا. في ضل عقيدة الغاية فيها تبرر الوسيلة، و الربح أقدس من حياة إنسان، لا يعدوا أن يكون في إيديولوجيتها، مجرد كائن حي مثله مثل نبتة مسمومة أو حشرة مضرة.