حققت الليرة التركية، خلال تعاملات الخميس، صعودا مفاجئا أمام العملات الأجنبية، وسجلت أعلى مستوى لها أمام الدولار، منذ إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين، ردا على رفض أنقرة الإفراج عن القس الأمريكي الذي يخضع للإقامة الجبرية، أندرو برونسون. ولأول مرة منذ فرض العقوبات الأمريكية ضد أنقرة، ارتفع سعر صرف العملة التركية إلى مستوى 5.97 ليرات للدولار الواحد، بعد حالة من الاستقرار النسبي، على مدار الأسابيع الماضية تراوحت عند مستويات (6.15 – 6.40). وربط خبراء اقتصاد ومحللون ماليون، خلال حديثهم لموقع "عربي21″، صعود الليرة التركية أمام العملات الأجنبية ببيانات إيجابية عن الاقتصاد التركي، إلى جانب الحديث عن انفراجة مرتقبة في الخلاف الدبلوماسي بين أنقرةوواشنطن على خلفية احتجاز القس الأمريكي، وبوادر تحسن في العلاقات بين البلدين. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للصحفين أنه يتوقع إجراء مناقشات مع المسؤولين الأتراك هذا الأسبوع بخصوص مصير القس الأمريكي الذي تسببت محاكمته في توتر العلاقات بين البلدين. وقال الباحث الاقتصادي، أحمد مصبح، إن قرار البنك المركزي التركي رفع سعر الفائدة بنسبة كبيرة بلغت نحو 6.5 بالمئة، أعطى مؤشرا واضحا لدى الأسواق والمؤسسات المالية الدولية على استقلالية البنك المركزي، ودحض مزاعم بعض مؤسسات التصنيف الائتماني التي كثيرا ما شككت في استقلالية قرارات البنك. وأشار مصبح، في تصريحات له إلى أن الاعتراف الضمني من الحكومة التركية بالتحديات التي تواجه الاقتصاد، وتبنيها خطة متحفظة وواقعية على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وتوقعها بتراجع بعض المؤشرات مع نهاية 2021، انعكس بالإيجاب على الأسواق، وساهم نوعا ما في تحقيق استقرار نسبي شهدته الأسواق خلال السابيع الماضية. وأكد الباحث الاقتصادي، أن السبب الرئيسي والأهم في عوامل دعم صعود الليرة التركية أمام الدولار خلال تعاملات الخميس، هو الحديث عن بوادر لحل أزمة القس الأمريكي، وكذلك الحديث عن تحسن العلاقات التركية الأمريكية، في ظل وجود القيادة التركية في نيويورك. ورجح مصبح، أن يكون التحسن في سعر صرف الليرة تمهيدا للإفراج عن القس الأمريكي المحتجز في تركيا بتهمة دعم الإرهاب، مؤكدا أن المتغير السياسي هو الذي يتحكم ويسيطر على أسواق الصرف. وأضاف: "إذا حافظت الليرة التركية على مستوياتها المرتفعة أمام العملات الأجنبية، في تعثر الوصول إلى تسوية للأزمة السياسية بين واشنطنوأنقرة، عندها يمكن القول إن أزمة الليرة في طريقها إلى الحل، والتعافي مجددا". وقال أستاذ الاقتصاد بأكاديمية العلاقات الدولية في إسطنبول، أحمد ذكر الله، إن الاقتصاد التركي يتمتع بمجموعة من المزايا القوية تظهر أنه اقتصاد قوي وحقيقي، أبرزها أنه يعتمد على صادرات بلغت نحو 157 مليار دولار العام الماضي، ومعدل نمو تجاوز ال 7 بالمئة العام الماضي أيضا، وناتج محلي إجمالي تجاوز 800 مليار دولار، وأوشك أن يكون ناتج دولة تريليونية. وأضاف ذكر الله في تصريحات ل "عربي21": "هذه المؤشرات القوية والحقيقية تؤكد أن كل ما حدث في أزمة الليرة التركية كان عبارة عن مؤامرة سياسية، عن طريق مجموعة من المضاربات الكبرى قدرها البعض بحوالي 2 تريليون دولار في أسبوع واحد فقط داخل البورصات العالمية، ما أحدث هذا التهاوي الكبير الذي شهدته الليرة التركية". وتوقع ذكر الله أن تستمر موجة ارتفاع الليرة أمام العملات الأجنبية خلال الفترة القادمة، مدعومة بمجموعة العوامل التي اتخذتها الإدراة التركية، سواء على مستوى السياسة المالية أو على مستوى السياسة النقدية، إلى جانب الحديث عن الانفراجه الدبلوماسية بين تركياوالولاياتالمتحدة. وأردف: "المهم في سعر صرف الليرة هو الاستقرار عندى أي مستوى، وليس عندى مستوى معين، مع التأكيد على أن السعر العادل لليرة هو عند مستوى من 4.5 إلى 5.00 ليرات للدولار".