هوية بريس – السبت 29 نونبر 2014 لست من متتبعي نشاط الشاب المجتهد الملقب ب"الشيخ سار" -حفظه الله- لكن شريطه الأخير حول التحرّش الجنسي المتبادل بين الجنسين: الشابة بلباسها المثير، والشاب بكلام الغزل في الشارع العام؛ أثار فضولي بسبب الحملة ضدّه، التي بلغت مداها بتدخل وزيرة في الحكومة الحالية، وقيادي من "العدالة والتنمية"، نكنّ لهما كل الاحترام.. مضمون الفيديو يركّز على تحمّل المرأة، بلباسها المثير، قسطا كبيرا من المسؤولية في نشر الإثارة في المجتمع، وبالتالي تتحمّل جزءا من آثار ذلك في مسألة التحرّش ببنات جنسها في الشارع العام : محتشمات أو متبرّجات.. ثقافة "الفيمينيزم" المهيمنة في الغرب، تجعل الرجل وحده المسؤول في قضية التحرّش الجنسي عند تقييم هذا السلوك، وهي ثقافة تقوم على الصراع والعنف ضد الرجل، في حين تشرعن للمرأة الحق في التعرّي واختيار اللباس المثير في الفضاء العام بمرجعية "الحرية الفردية".. والحقيقة أن هذا عبث، فالدين والعلم يجمعان على أن المرأة تتحمّل مسؤولية كبيرة بلباسها الكاشف عن التحرّش بها وبغيرها؛ فلننظر ماذا يقرّر العلم الحديث أولا: يكشف العلم الحديث عن كيفية استعداد الجسم للجنس عندما يرى الإنسان جسدا مثيرا.. إذ أن هناك نقطة في المخ لها علاقة بالإثارة النفسية، تضاء عندما يقع نظرنا على جسد مثير، فيتم إفراز هرمون "الدوبامين" بغزارة، وكذلك الناقلات العصبية التي تجعل الجسم مستعدا للشعور بالإثارة، فيزداد خفقان القلب، وهذا يعني الاستعداد لممارسة الجنس.. كما تؤكد الأبحاث العلمية الحديثة أن الرجل يستمتع بالنظر إلى امرأة جميلة ويبذل جهدا ذهنيا لاشعوريا بسبب ذلك، في حين أن المرأة لا تبذل أي جهد في النظر إلى رجل وسيم.. والسبب راجع للاختلاف بينهما في الإفرازات الكيميائية في مخّ الرجل وهو ينظر إلى امرأة جميلة، بخلاف الأنثى وهي تنظر إلى رجل جذّاب (من أبحاث الدكتور بنيامين هايدن اختصاصي العلوم العصبية من جامعة ديوك الأمريكية).. أما من وجهة نظر الدين، فإنه يوافق معطيات العلم الحديث، ويخالف "ثقافة الفيمينيزم" التي تفرد الرجل بالمسؤولية وحده في قضية التحرّش الجنسي، وتحرّض الأنثى على التعرّي واللباس المثير في الفضاء العام؛ بل إنها ابتكرت أسلوب التعري الفاضح في التظاهرات الاحتجاجية. القرآن الكريم واضح في تحريمه للعري واللباس المثير: (ضيقا يصف أو شفّافا يظهر المفاتن..).. قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المومنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يوذين، وكان الله غفورا رحيما)، والجلباب لباس ساتر واسع مثل الملحفة.. ومن أسباب نزول هذه الآيات ما ذكره المفسّرون عندها : "كان رجال من الفساق يخرجون بالليل يتعرّضون للنساء، لأن مساكن المدينة كانت ضيقة؛ فإذا كان الليل خرج النساء ليقضين حاجتهنّ، فيتلصّص عليهنّ أولئك الفسّاق يتحرّشون بهن.." فسمّى الله التحرّش بهن إيذاء لهن، وجعل اللباس الساتر مانعا من ذلك: (فلا يوذين).. أما الحديث النبوي فيعزّز مقاصد القرآن، ويغلظ العقوبة على الكاسيات العاريات، كما في الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا" رواه مسلم.. فهذا الوعيد الشديد لمن يتولى ضرب الناس بغير حق من ظَلَمَة الشُّرَط أو من غيرهم، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة.. ولمن تتبرّج وتخرج كاشفة عن مفاتنها.. فوصفهن كاسيات كسوة لا تسترهن إما لرقتها أو لقصورها، فلا يحصل بها المقصود، ولهذا قال: "عاريات"، لأن الكسوة التي عليهن لم تستر عوراتهن.. "مائلات" يعني: عن العفة والاستقامة.. "مميلات" لغيرهنّ من ضعاف النفوس.. فهما معصيتان كبيرتان تستوجبان دخول النار بنص الحديث، إلا من تاب وعمل صالحا فإن الله يتوب عليه ويبدّل سيئاته حسنات.. والحاصل أن معيار الحكم على التحرّش الجنسي وأسبابه يختلف جذريا بين الثقافتين الإسلامية والغربية، وما ذهب إليه الشيخ سار يوافق مرجعيتنا، ويخالف المرجعية الغربية.