هوية بريس – الأربعاء 08 أكتوبر 2014 إعلامنا العلماني الباحث عن الشذوذ في كل شيء، لا ينظر إلى المعلمين الشرفاء -على الأقل الذين علموهم مبادئ الحساب والكتابة والخط والقراءة، فضلا عمن درسهم علوما مختلفة طوال سنين، فضلا عمن فقههم في تخصصهم المتبع- لا ينظر إلا إلى شرذمة قليلة من شواذ الأساتذة، الذين اغتصبوا تلميذا هنا أو هناك، أو تحرشوا بتلميذة بطريقة أو بأخرى!!!!!!!! وتراهم يرفعون لفضحهم كل راية، ويجرون وراءهم في المحاكم بعد إدانتهم، كأنهم فرحون مستبشرون بالخبر الذي سيجنون من ورائه خبزا بئيسا لعينا على ظهور من علمهم وحرص على ضمان مستقبلهم… إنه لا ينكر جرم الشذوذ وعظم جريرة مقترفه، غير أن فاعليه ثلة لا ترى في ميزان عموم الأساتذة الشرفاء الغيورين على العلم والتلميذ، وحتى إن كانت مردودية نسبة لا بأس بها متوسطة، وأخرى دون المتوسط، لاعتبارات كثيرة لا يتسع المقام لبسطها، فعلى الأقل هم لا يعتدون على التلاميذ ماديا ولا معنويا، ويسعون إلى ما فيه خير العباد والبلاد. ولا زلنا نذكر منهم أناسا كثيرين، ممن علمونا وسهروا علينا، وهذبوا أخلاقنا، وأدبونا ضربا لأجل إصلاحنا وتقويم اعوجاجنا في الصغر، وكانت لهم مكانة في القلوب، ومحبة في النفوس، وعلق بالعقول؛ لإخلاصهم البين، واستئهالهم تلك المناصب السامية التي لا يقدرها حق قدرها إلا اليابانيون والدول المتفوقة!!! والإعلام كثيرا ما ينسى أن التعليم هو مصدر وجوده، ومنبع رزقه؛ إذ لولا المعلمون لما استطاع الإعلامي حمل قلمه، ولا سطر فكره، ولا إتقان تقريره من جميع جوانبه… وقد تبع الإعلامَ المضلل كثيرٌ من الناس، فأصبحوا يتفكهون بالأستاذ في المجالس، ويتهمونه بفساد المنظومة التربوية تأكيدا -للأسف- لتصريح وزير التربية الوطنية بذلك!!! ويحكون من خلال بعض الحالات الشاذة أمورا تقع لأبنائهم مع أساتيذهم، من غير تحر عن حقيقة الأمر، من الظالم ومن المظلوم؟ فينزهون أبناءهم المراهقين عن الخطأ، ويلصقونه بالحائط القصير الذي لا ركن له ليستجير به!!! وكم سمعت في بعض المجالس عوام الناس يقولون: أشمن معلمين بقاو؟؟؟ وإذا أومأ إليه أحد الأصدقاء برأسه أنني أستاذ، يستدرك قائلا: ولكن راه كاينين ولاد الناس اللي تايخافوا الله!!!! ومصدر كل ذلك هو الصورة السيئة التي ينتجها الإعلام عن المعلم، الذي هُضمت حقوقه المعنوية حتى استأسد عليه العوام ممن لم يمروا بالمدرسة قط!!! والذين انتظر الأستاذ منهم خيرا لينصفوه ويقروا بفضله -وهم موظفو وزارته- كانوا أول متخل عنه، بل أول مشعل لشرارة ابتلائه، من خلال قراراتهم غير المبالية به، ومن آخرها منع الأستاذ من متابعة دراسته الجامعية، في ضرب سافر لأعظم حق لا يُتخلى عنه، وأفضل ما يفكر فيه الأستاذ المثقف الواعي باني عقول الأجيال، وأجل ما حث عليه القرآن الكريم، ألا وهو العلم النافع للأمة. وقد تحججوا لذلك بغياب بعض المعلمين عن تلاميذهم واستهتارهم بحقوق المتمدرس لتحقيق أغراضهم الخاصة المعرفية، وهي حجة أوهى من بيت عنكبوت لمن يتأمل حقيقة الحال؛ حيث إن مسطرة التغيب غير المشروع بشكل فاضح يؤذي التلاميذ لا تخفى على مدير مسؤول أمام الله، ثم أمام مرؤوسيه، ومهمة الإدارة هي حسم مادة المشكل مع كل أستاذ مخادع لا يرقب في المتعلم إلا ولا ذمة، وخلاف ذلك يعني تهاون الإدارة أو تواطؤها مع الغشاشين المتغيبين. إن الوزارة قد وقعت في شر لم تتفطن إليه، حينما ادعت تغيب الأساتذة المتابعين لدراساتهم الجامعية عن أداء وظيفتهم زعما منها أنها أحرص على التلاميذ من الأستاذ المسؤول!!! وذلك طعن فيها لأنها لا تؤدي مسؤوليتها في مراقبة من يتغيب حق المراقبة، وفي تطبيق قانون التغيب على من تغيب، خصوصا إن أصبح التغيب ديدنه المعتاد!!! والوزارة نفسها من أعطت التراخيص لموظفيها ليتابعوا دراستهم سنين عديدة، أفلم تكن منتبهة آنذاك إلى تغيب الأساتيذ؟ أم أنه مكر مكرتموه في الوزارة؟؟ أو لم تكن تلك التراخيص سببا في حصول كثير من المعلمين على أطاريح جامعية راقية في شتى التخصصات، نفعت الطلبة في الكليات، ونفعت أصحابها أنفسهم؟؟ ثم ألم يتابع كثير ممن يعمل داخل مقر الوزارة دراساتهم للحصول على ما يعلم الجميع؟؟؟ وكيف يسمح لجميع الموظفين بمتابعة دراستهم ويمنع مصدر المعرفة الذي لقنهم ما به أصبحوا موظفين؟؟ أي منطق فاسد هذا الذي يُنهج في زمن العلم والمعرفة؟؟ وأسئلة أخرى يطول سردها… إنني أظن أن كثرة الأساتذة الحاصلين على شواهد جامعية على اختلاف نياتهم فيها، وما يفرضه ذلك من ترقية كانت مباشرة، فأُجهز عليها لتصير بمباراة، ورغبة الوزارة والحكومة في توفير المال على حساب أهل العلم والمعرفة، هي الأسباب في مثل هذه القرارات المجحفة القاضية على أي تقدم وتفوق مرجوين من مغرب التحديث والديموقراطية. ولا أدري كيف استساغ الوزير مثل هذا القرار وهو يعلم عواقبه الوخيمة، وعلى رأسها النظرة الدونية التي سيُرى المغرب عليها من قبل العالم المتقدم؟؟؟