هوية بريس – د. رشيد بنكيران يتضمن هذا الشريط، وهو للمفتي السابق بمصر د. علي جمعة، إساءةً خطيرة في حق عالم كبير معاصر، خدم هذا الدين، من خلال وقوفه على ثغر عظيم، وهو الاشتغال بتصفية الأحاديث المنسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ فميز الصحيح والضعيف منها، كما كان لهذا العالم الكبير أيادي بيضاء في نشر سنن نبوية مهجورة، فأحيا -بتوفيقٍ من الله- مجموعة منها، وترك للأمة تراثا علميا ضخما قلّ نظيره في هذا الزمان، ولا أعرف طالبَ علم، أو باحثا أكاديميا في العلوم الشرعية إلا وهو يستفيد من علم هذا الرجل في تخريج الأحاديث النبوية، إنه الشيخ المحدث رافعُ لواء الدليل محمد بن ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه. ولكن، أبى صاحبُ الشريط إلا أن يطمس بعثراته المشينة به هذه الحقائق الآنفة الذكر وأنّى له ذلك !؟ وقال كلاما في حق الشيخ الألباني رحمه الله، إذا سمعه أحد من عامة الناس، ظن أن الألباني متطفل على العلوم الشرعية، ولا فقه لديه ولا منهجا، وأنه أفسد أكثر مما أصلح، وهذا في تزهيد للناس في علم الشيخ الألباني، كما أن فيه ظلما منه في حقه، وجورا عليه لا يمكن السكوت عليه. ولتأكيد المكانة العلمية الكبيرة للشيخ الألباني رحمه الله، أنقل لعموم الناس شهادات لعلماء كبار، بينوا فيها قيمة هذا العالم الكبير، ونظرا لقوة هذه الشهادات في بيان المراد، فإني أسوقها بين أيدي من اطلع على هذه الكلمة دون تدخل مني: شهادة الشيخ عبد العزيز بن باز قال رحمه الله في حق الشيخ الألباني: "ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العّلامة محمد ناصر الدين الألباني". وسئل عن مجدد هذا القرن بناء على حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام : «إن الله يبعث لهذه الأمّة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، فقال رحمه الله: "الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني، و الله أعلم". شهادة العّلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحم الله في الشيخ الألباني: "فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به – و هو قليل -، أنه حريص جداً على العمل بالسنّة، و محاربة البدعة، سواءً أكانت في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جمّ في الحديث، رواية و دراية، و أن الله – تعالى – قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد". وقال كذلك رحمه الله: "الألباني – رحمه الله- عالمٌ محدّثٌ فقيهٌ – وإنْ كان محدِّثاً أقوى منه فقيهاً-، ولا أعلم له كلاماً يدلُّ على الإرجاءِ أبداً". وقال أيضا رحمه الله: "الألبانيُّ رجلٌ مِنْ أهلِ السُّنَّة – رحمه الله-، مُدافعٌ عنها، إمامٌ في الحديث، لا نعلم له أحداً يباريه في عصرنا، لكنّ بعض الناس – نسأل اللهَ العافية – يكون في قلبه حقدٌ، إذا رأى قبولَ الشخص ذهب يلمزه بشيءٍ؛ كفعل المنافقين الذين يلمزون المطّوِّعين من المؤمنين في الصّدقات، والذين لا يجدون إلا جُهدهم؛ يلمزون المتصدِّق المكثر من الصَّدقة، والمُتصدّق الفقير". قلت: وإذا كانت الشهادتان السابقتان من عالمين قد يقال عنهما: إنهما ينتميان إلى المدرسة نفسها التي ينتمي إليها الشيخ الألباني، فهذه شهادة أخرى من عالم آخر لا يمكن أن يزايد عليه أحد في أنه لا ينتمي إلى المدرسة التي ينتمي إليه الشيخ الألباني من حيث التوجه، ولا من حيث طريقة الفقه ولا المنهج الإصلاحي، وهو الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله. – شهادة الشيخ يوسف القرضاوي قال مترجما للشيخ الألباني بعد وفاته بقليل: "توفي المحدث الكبير الشيخ محمد ناصر الدين الألباني. ويبدو أن هذه السنة هي سنة رحيل العلماء، علماء الشرع والدين عن هذا العالم، فقد ودعنا فيها عددًا منهم، ابتداء من العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ مناع القطَّان، والشيخ عطية سالم، والشيخ محمد المجذوب، وأخيرًا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المحدِّث الشهير، صاحب الكتب الحديثية التي شرَّقت وغرَّبت". وقال عنه ذلك: "كان الشيخ الألباني أحد كبار علماء الحديث في عصرنا، الذين اشتغلوا بتحقيق عدد من كتب الأحاديث وأخرجوها للناس، وألَّف كتبًا شتى…" وقال عنه كذلك: "وأعترف للرجل بسعة اطلاعه وتبحره في علوم الحديث، ووصوله إلى الدرجة الرفيعة فيه، حتى أصبح بكثرة إنتاجه المحدث الأول". وقال عنه أيضا: "وخطأ العالم في بعض المسائل لا يسقط منزلته، فالعالم كما قيل في الحديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث». فالعالم المشهور إذا كان له بعض الأخطاء في فتاواه، فهذه الأخطاء لا تسقط منزلته". قلت: فهذه شهادات من علماء كبار تفند ترهات صاحب الشريط ، وأرجو أن ينتفع بما كتبته كل من طلب الحق في هذه المسألة، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.