بعد توقيع الاتفاق الاجتماعي السبت المنصرم، تستعد الأطراف لبدء جولة جديدة من المفاوضات تشمل مواضيع وقضايا محددة، توصف بالحارقة، ظلت عالقة منذ سنوات. ويأتي ملف إصلاح أنظمة التقاعد على رأس هذه القضايا التي توليها الحكومة الأولوية، حيث وجه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، دعوة إلى المركزيات النقابية من أجل الشروع في عقد سلسلة من الحوارات بغية إصلاح أنظمة التقاعد. وقال رئيس الحكومة، خلال التوقيع على الاتفاق الاجتماعي السبت الماضي، إن "نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، ستشرع في عقد سلسلة من الحوارات مع النقابات بغية إصلاح أنظمة التقاعد، وذلك بعد مرور حوالي 15 يوما على عطلة عيد الفطر". وفضلا عن ذلك، تسعى الحكومة لإخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ومراجعة مقتضيات مدونة الشغل والتدابير القانونية المتعلقة بالانتخابات المهنية وقانون المنظمات النقابية. ووضع الاتفاق الاجتماعي جدولة زمنية محددة من أجل استكمال الترسانة القانونية لتشريعات العمل وملاءمتها مع تحولات سوق الشغل الوطنية والدولية. في هذا الصدد، تم الاتفاق على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود قبل نهاية الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحالية، أي قبل يناير 2023، ومراجعة مقتضيات مدونة الشغل والتدابير القانونية للانتخابات المهنية قبل يوليوز 2023. كما تم الاتفاق على إخراج قانون المنظمات النقابية في غضون يوليوز 2024. ومن المرتقب أن يتم تشكيل لجنة مشتركة مختصة بالتشريع من أجل الوصول إلى توافق بين الحكومة والنقابات بشأن مشاريع النصوص العالقة. وتسعى النقابات إلى إخراج قوانين تحمي المكتسبات المحققة وتحمي الحريات النقابية. في هذا الصدد، صرح ميلودي موخاريق، الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، لهسبريس بأن الاتحاد يملك رؤية متكاملة حول جميع القضايا المطروحة للنقاش، وأنه يعول على نهج حوار حقيقي من طرف الحكومة. ودعا موخاريق إلى مراجعة القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، معتبرا أن هذا المشروع جاء للقضاء على حق الإضراب وجعله مستحيلا. وأضاف: "إذا كان حق الإضراب مضمونا بنص الدستور، فإن المشروع الذي فشلت الحكومة السابقة في تمريره بسبب رفض النقابات جاء للقضاء على هذا الحق في مخالفة للدستور وللمواثيق الدولية". وسجل الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن القانون يجب أن يحمي حق الإضراب وحرية العمل، مشيرا إلى أن 67 في المائة من الإضرابات راجعة لعدم تطبيق مدونة الشغل، حيث يكون الإضراب هو آخر الوسائل التي يتم اللجوء إليها بعد انسداد أبواب الحوار. أما بخصوص تعديل مدونة الشغل، فقد جدد موخاريق رفضه لمطالب أرباب العمل المتعلقة بالمرونة، موردا أن "هذه الكلمة حلوة في التعبير مرة في التطبيق، وهي تعني في المحصلة طرد العمال والعاملات بتعويضات هزيلة وبدون ضمانات، ونحن نرفض هذا التوجه ونريد استقرار العمال، ونطالب بحمايتهم من الشطط". كما دعا موخاريق إلى مراجعة جذرية لمشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية، معتبرا أنه يمثل تدخلا سافرا في الشؤون النقابية، كما لم يخضع لأي نوع من التشاور سابقا. وشدد موخاريق على ضرورة الإنصات للنقابات ودعمها، نظرا لأن أدوارها تتجاوز الدفاع عن الشغيلة إلى الدفاع عن القضايا الكبرى للوطن، مشيرا في هذا الصدد إلى أن "وفدا من نقابة الاتحاد المغربي للشغل توجه اليوم الأحد إلى مكسيكو للمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي، وهي محطة لمواجهة خصوم الوحدة الترابية"، بتعبيره. من جهته، أعلن يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح لهسبريس، أن الكونفدرالية مستعدة لمناقشة كافة القضايا والدفاع عن حق الشغيلة. وشدد فيراشين على أن بوصلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل واضحة، وهي عدم التراجع عن المكتسبات المحققة وتطوير تشريعات الشغل. وسجل أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ليست لديها تحفظات كثيرة على مشروع القانون المتعلق بالنقابات، لكنها تدعو إلى ضرورة مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، والتراجع عن منع المهاجرين من تولي مسؤوليات داخل النقابات. أما بخصوص القانون المتعلق بتنظيم حق الإضراب، فاعتبر القيادي النقابي أنه يطرح إشكالات كبيرة لتعارضه مع المواثيق الدولية والمرجعية الحقوقية ومبادئ منظمة العمل الدولية، رافضا مطلب المرونة الذي يرفعه أرباب المقاولات، معتبرا أن "أوضاع العمال داخل المقاولات هشة أصلا ولا ينبغي أن نشرع لمزيد من الهشاشة".