قال الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، إن "أي محاولة لإصلاح صندوق المقاصة، يجب أن لا تبدأ من الداخل، لأن الاختلالات التي يعرفها نظام الموازنة تجاوزت المنطق التدبيري وصارت هيكلية"، داعياً إلى إلغاء نظام الموازنة القائم على دعم السلع، وتعويضه بالدعم المباشر للفئات الفقيرة تحت اسم "مدخول الكرامة". حديث الخبير الاقتصادي، جاء في إطار ندوة "صندوق المقاصة: أي تأثير؟ أي إصلاح" المنظَّمة بالمعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة يوم الخميس المنصرم، والتي شهدت غياب محمد نجيب بوليف عن حزب العدالة والتنمية. وأكد أقصبي، أن صندوق المقاصة يعاني من ثلاث مشاكل جوهرية، فهو بداية مكلف اقتصادياً، إذ تصل مصاريفه إلى 55 مليار درهم، أي 6,6% من الناتج الداخلي، ثانيا فهو غير فعال وغير تنافسي، بحيث يحمي قانونياً بعض المقاولات الكبرى ويعطيها الفرصة من أجل الهيمنة على السوق بدل مساعدتها على تطوير جودتها من أجل مزيد من التنافسية، وثالثا فهو غير عادلٍ اجتماعياً ما دامت الفئات الأكثر فقراً لا تستفيد منه سوى بنسبة 9,9%، في وقت تصل استفادة الفئات الأكثر غنى حوالي 43%. وأضاف القيادي في حزب "الاشتراكي الموحد" كذلك أن "هذا الصندوق صار مرادفاً لاقتصاد الريع" الذي يرعاه ما نَعتَه ب"المخزن الاقتصادي"، المستحوِذ على عدة شركات تحتكر السوق، "فهذا الكيان السلطوي يحمي شركاته اقصادياً ويحوّلها إلى أداة لجمع الثروة" على حد قول الباحث، الذي شدد كذلك على أن هذا الصندوق، يزيد من تعميق الهوة بين العالمين الحضري والقروي، بحيث يستفيد الأول أكثر من الثاني. "تقديم دعم مادي بقيمة ألف درهم شهرياً لكل عائلة فقيرة تحت اسم "مدخول الكرامة"، ثم دعم آخر بقيمة 500 درهم للطبقة المتوسطة كحماية من التفقير، أي بتقديرات قد تصل إلى دعم مليون عائلة فقيرة ومليوني عائلة متوسطة، حلول ستخفض تكلفة الصندوق بحيث لن تتجاوز 24 مليار درهم" يقول أقصبي، مؤكداً أن هذه الطريقة في الدعم، سيستفيد منها حوالي نصف سكان المغرب، وستمكّن من اقتصاد نصف نفقات المصاريف الحالية للصندوق التي تجاوزت سنة 2012 حوالي 55 مليار درهم. وتفاعلاً منه مع مداخلات الطلبة والحاضرين، أجاب الخبير الاقتصادي، على عدد من الانتقادات التي همّت الدعم المباشر واعتبرته غير قابل للتنفيذ لصعوبة تحديد الفئات المستهدفة، بأن هناك عدة آليات تُمكّن من تحديد الفئات الأخيرة كنظام المساعدة الطبية "راميد"، منبهاً إلى أن أي إلغاء لصندوق المقاصة دون ضبط قنوات التوزيع، سيتسبب في عدة مآسي اجتماعية واقتصادية، منها تمهيد الطريق للمضاربين، نسبة عالية من التضخم، وارتفاع مهول للأسعار يكون الفقراء هم أكثر الدافعين لضريبته.