في هذا الحوار مع هسبريس، تستعرض نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الحكومة من أجل ضمان تموين السوق بالمواد الاستهلاكية خلال شهر رمضان وتفادي ارتفاع الأسعار. كما تتطرق وزيرة الاقتصاد والمالية إلى أهمية مشروع قانون حرية الأسعار والمنافسة ومشروع قانون مجلس المنافسة، والمستجدات التي ستطرأ على هذين القانونين. ما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتفادي ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان؟ يعتبر شهر رمضان الكريم من الأشهر التي تعرف فيها أسواق المواد الاستهلاكية حركية جد مهمة، حيث يتضاعف استهلاك الأسر ويبلغ مستويات جد عالية مقارنة بباقي أشهر السنة، خاصة بالنسبة لبعض المواد الأساسية. ومن أجل تأطير هذه الحركية وتوفير المواد الاستهلاكية للمواطنين في ظروف صحية ملائمة وبأثمان تتماشى مع قدرتهم الشرائية، خاصة الفئات ذات الدخل المحدود، تقوم الحكومة بعدة إجراءات استباقية واستشرافية يكون الهدف منها ضمان الشروط المناسبة للمستهلك من أجل اقتناء حاجياته خلال هذا الشهر الفضيل من خلال: السهر على تموين الأسواق الوطنية بكميات وافرة من المواد الأكثر استهلاكا خلال هذا الشهر الكريم، وتفعيل مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة وقانون حماية المستهلك من أجل محاربة المضاربات في الأسعار، والتصدي للاحتكارات التي من شأنها الرفع غير المعقلن لهذه الأسعار، وضمان الشفافية في كل التعاملات التجارية. كما ستسهر الحكومة على سلامة المواد المعروضة للبيع، ومراقبة تطابقها للمعايير المعتمدة في هذا الشأن، والحرص على احترام الشروط الصحية لتخزينها وتنقيلها وكذا عرضها للبيع من أجل الحفاظ على صحة المواطنين. وكما يعلم الجميع، يأتي شهر رمضان لهذه السنة في ظروف استثنائية تتمثل في الارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الأولية الأساسية على صعيد السوق العالمية، وضعف المحصول الوطني من بعض المواد الفلاحية الأساسية نظرا لشح التساقطات خلال هذا الموسم، حيث بلغ سعر النفط ومشتقاته مستويات قياسية، إذ فاق برميل النفط 130 دولارا، وسعر الغازوال 1236 دولارا للطن، وسعر البنزين 1140 درهما للطن، بينما ارتفع السعر العالمي للقمح اللين بما يناهز 60 بالمائة بين بداية السنة والفترة الراهنة. ما هي الإجراءات المتخذة لضمان توفير المواد الاستهلاكية خلال هذا الشهر؟ من أجل ضمان مرور هذا الشهر الفضيل في أحسن الظروف ضاعفت الحكومة مجهوداتها لتوفير مختلف المواد المستهلكة خلال هذا الشهر، حيث قامت كل القطاعات الوزارية، حسب الاختصاصات المخولة لكل منها، ولعدة أسابيع قبل حلول الشهر الفضيل، بتعبئة المهنيين على مستوى سلاسل الإنتاج والتحويل والتوزيع من أجل مد الأسواق بالكميات الضرورية من المواد الاستهلاكية الأساسية كالخضر والفواكه والحبوب والقطاني واللحوم والألبان والمواد الغذائية المصنعة، بالإضافة إلى المواد الطاقية الأساسية كغاز البوطان والمحروقات السائلة، إلى غير ذلك من المواد الأساسية. كما تقوم اللجنة الوزارية المختلطة المكلفة بتتبع التموين والأسعار وعمليات المراقبة، التي تترأسها وزارة الاقتصاد والمالية، بعدة اجتماعات يتم خلالها تجميع المعطيات المتوفرة لدى مختلف القطاعات من أجل رصد حالة السوق ومقارنة العرض المتوفر من هذه المواد بالحاجيات المرتقب استهلاكها خلال هذه الفترة، واتخاذ الإجراءات الضرورية في حالة ملاحظة اختلال في السوق من قبيل الرفع من الإنتاج المحلي أو اللجوء إلى استيراد هذه المواد في إطار شروط معينة، من بينها الترخيص الاستثنائي للاستيراد، والتقليص أو تعليق الرسوم الجمركية المطبقة على واردات هذه المواد. وفيما يخص عمليات المراقبة، سواء تعلقت بمراقبة الأسعار ومحاربة الاحتكارات والممارسات المخلة بالتكوين الطبيعي للأسعار أو مراقبة سلامة المواد الغذائية، تم، في إطار الاستعداد لشهر رمضان الأبرك، عقد سلسلة من الاجتماعات التواصلية من أجل تدارس كيفية تفعيل هذه المراقبة وجعلها أكثر فعالية، وكذا كيفية التنسيق بين الهيئات المخول لها هذه المراقبة، خاصة المراقبين التابعين لوزارة الداخلية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وتتم عمليات المراقبة في إطار لجن مختلطة محلية تحت إشراف الولاة والعمال. وتقوم هذه اللجن بخرجات ميدانية منتظمة لمراقبة نقط البيع والمطاعم الجماعية والمؤسسات الصناعية للمواد. بالإضافة إلى ذلك تقوم فرق المراقبة المتنقلة بعمليات تحسيس لأرباب نقط البيع عبر إسداء بعض النصائح لهم، ومدهم بملصقات تقدم شروط السلامة الصحية الواجب احترامها. وإضافة إلى العمل التنسيقي الذي قامت به الحكومة من أجل تزويد السوق بالمواد الأساسية بشكل طبيعي، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية تمثلت أساسا في تعليق الرسوم الجمركية المطبقة على واردات مجموعة من المواد الأساسية كالقمح اللين والقمح الصلب والقطاني، وتخصيص دعم إضافي لأثمنة القمح اللين المستورد بهدف المحافظة على سعر القمح اللين في مستوياته العادية، وضمان استقرار مشتقاته كدقيق القمح اللين والخبز، والرفع من الميزانية المخصصة لدعم غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني من أجل ضمان استقرار أسعارها، فضلا عن دعم مباشر لمهنيي النقل من أجل الحد من انعكاس ارتفاع أسعار المحروقات على كلفة النقل وتأثيرها على باقي المواد الاستهلاكية. كما سيتم تكثيف عمليات مراقبة الأسعار، واحترام شروط بيع المنتوجات من قبيل إشهار الأسعار وتقديم الفاتورة. في ظل ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية وغلاء المحروقات، ما الذي يمكنك قوله للمواطنين والمواطنات؟ يعيش المغرب على غرار مجموعة من الدول ظرفية استثنائية وخاصة باعتبار التوتر الجيوسياسي الذي تعرفه أوروبا، والذي أرخى بظلاله على مجموعة من الاقتصادات المجاورة، فجزء كبير من حاجيات هاته الدول من القمح أو الطاقة كان مصدره أوكرانيا أو روسيا، ناهيك عن الضغط الذي خلفه هذا النزاع على الأسواق العالمية للنفط، التي أصبحت تعرف ارتفاعات غير مسبوقة. والحكومة المغربية، رغم هذه الظرفية الصعبة التي تزامنت مع سنة فلاحية من المحتمل أن تكون جد متواضعة، تواصل مجهوداتها من أجل التخفيف من حدة هذه الوضعية على القوة الشرائية للمواطنين والمواطنات من خلال توفير كل المواد وبأسعار مناسبة. وآخر إجراء اتخذته في هذا الشأن هو تعويض مهنيي النقل عن الارتفاعات التي يعرفها الغازوال، حيث تم رصد ملياري درهم لتنفيذه، تمت إضافتهما إلى المبالغ المرصودة لدعم غاز البوطان والسكر والقمح اللين وبعض مشتقاته، بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، والحد من التضخم الذي سينتج عن ارتفاع كلفة النقل. إن المجهودات التي تقوم بها الحكومة يجب أن يواكبها وعي من المواطنات والمواطنين من أجل ترشيد الاستهلاك، خاصة خلال هذا الشهر الفضيل، وتفادي التبذير الكبير الذي يطال مجموعة من المواد الاستهلاكية كالخبز والمعجنات. كما يجب تجنب بعض السلوكات التي من شأنها الضغط على الطلب والرفع من الأسعار واقتناء الكميات المعقولة من المواد المستهلكة، حيث إن مجمل أسعار المواد الأكثر استهلاكا خلال شهر رمضان تعرف تراجعا ملحوظا خلال النصف الثاني منه . ما الهدف من تغيير قانون حرية الأسعار والمنافسة؟ الهدف الأساسي من تغيير قانون حرية الأسعار والمنافسة هو إضفاء الدقة اللازمة، خصوصا في الجانب الزجري، وإن لم يطرأ على العقوبات المنصوص عليها في القانون أي تغيير، حيث لا تزال قائمة، إلا أنه تم إدخال بعض التدقيق فيما يخص طريقة احتساب العقوبة أخذا بعين الاعتبار المبلغ بشكل منفرد، وحجم خطورة الأفعال المؤاخذ عليها، ونسبة مشاركة الشركة في الأفعال المحظورة، وأهمية الضرر الملحق بالاقتصاد. كما سيتم تحديد العقوبات طبقا لمعايير شفافة وموضوعية كرقم المعاملات الذي له علاقة خاصة بالأفعال المؤاخذ عليها، ومدة ارتكاب المخالفة محسوبة بعدد السنوات، والإثراء والمبالغ المحصل عليها دون وجه حق من خلال المخالفة، ودرجة تورط المنشأة أو الهيئة في تنظيم ارتكاب المخالفة. كما يتناسب مبلغ العقوبة المالية، الذي سيحدد بالنسبة لكل شركة أو هيئة، مع الأفعال المحظورة المؤاخذ عليها وأهمية الضرر الذي ألحقته بالاقتصاد، ومع وضعية المنشأة الصادر ضدها العقوبة أو المجموعة التي تنتمي إليها المنشأة، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود ظروف مخففة ومشددة. كيف عالج المشروع الجديد مسألة تضارب المصالح داخل مجلس المنافسة؟ مسألة تضارب المصالح كانت موجودة في القانون الحالي، وهم التعديل إضافة مسطرة جديدة تتعلق بتجريح أعضاء المجلس والمقررين. ويهدف هذا التعديل إلى ضمان الحماية القانونية للمستثمرين والمقاولات وجميع الجهات التي تستشير المجلس، والذين يطمحون إلى قرارات منسجمة للمجلس. هل تم إشراك مجلس المنافسة في إعداد هذه المشاريع؟ المجلس كان شريكا في تحضير مشاريع النصوص القانونية، وقد تمت استشارته بحكم تجربته المتراكمة في مجال تطبيق القانون، وباعتباره هيئة دستورية يلزم القانون بالرجوع إليها في القضايا التي تهم مجال اشتغاله.