ساد جو من "المصالحة" اليوم خلال مراسم تابين الزعيم نلسون مانديلا، رئيس جنوب افريقيا السابق، وشهد مصافحة تاريخية بين زعيمي العدوين الرئيسيين الولاياتالمتحدةوكوبا. وفي العديد من الكلمات التي القيت في مراسم التأبين التي جرت في ستاد سويتو الرئيسي الذي احتشد فيه عشرات الالاف رغم المطر الغزير، اشار المتحدثون الى قدرة مانديلا على توحيد مختلف المعسكرات المتناحرة حتى في مماته. وقال الامين العام للامم المتحدة "لقد فعلها ثانية" واشار بيده الى ستاد سيتي لكرة القدم حيث اجتمع خصوم محليون وعالميون لاحياء ذكرى أول رئيس اسود لجنوب افريقيا.. واضاف "نرى قادة يمثلون مختلف وجهات النظر ومختلف المشارب، جميعهم هنا متحدون". وصافح الرئيس الاميركي باراك اوباما رئيس كوبا راوول كاسترو الذي كان خصم الولاياتالمتحدة طوال الحرب الباردة، قبل ان يعتلي المنصة لالقاء كلمته.. وفسر البعض هذه البادرة على انها مؤشر على استعداد اوباما لمد يده الى اعداء الولاياتالمتحدة.. واشادت الحكومة الكوبية بهذه البادرة وكتبت على موقعها على الانترنت "هل تكون هذه بداية نهاية التعديات الاميركية ضد كوبا". وجمع حفل اليوم المعزون من طرفي الانقسام بين السود والبيض ابان الفصل العنصري، وخصوم من قادة دول العالم مثل بريطانيا وزيمبابوي، وممثلين من الاحزاب المتنافسة في جنوب افريقيا.. وقال بان كي مون في كلمة امام الحشود ان "مانديلا اظهر قوة رائعة للمسامحة وربط الناس بعضهم ببعض .. والمعنى الحقيقي للسلام". وترتبط كوباوالولاياتالمتحدة بعلاقات محدودة منذ نصف قرن خضعت كوبا في معظمها للقبضة الحديدية لحكم فيدل كاسترو شقيق الرئيس راوول.. وتواصل واشنطن فرض حظر تجاري على كوبا لعقود.. وشاهد الملايين بادرة اوباما حيث ان مراسم التابين بثت على الهواء مباشرة. واشار عدد من المتحدثين الى دور مانديلا كشخصية توسطت في العديد من المصالحات حيث انه قاد المفاوضات للتوصل الى تسوية سلمية بعد عقود من حكم الاقلية البيضاء.. فيما أطلق الاسقف ديزموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام ورفيق مانديلا، خلال المناسبة بادرة توحيدية حيث انه تلا مقاطع من خطابه بلغة الافريكانز وهي لغة الحكام البيض الذين اضطهدوا السود في السابق.. وختم كلمته بقوله "اسال الله ان يبارك بلادنا .. لقد وهبنا الله هدية رائعة تتمثل في ايقونة المصالحة هذه" في اشارة الى مانديلا الذي يعرف بابي الامة الجنوب افريقية. وقال ثاندوكسولو مانديلا المتحدث باسم عائلة مانديلا امام الحشد انه واثق من ان مانديلا "يبتسم من فوق" وهو ينظر الى الناس من مختلف الشرائح المجتمعين لتابينه.. وأضاف: "كما كان يتمنى مانديلا، يجتمع هنا بيننا هذا الصباح الاقوياء والضعفاء، الاغنياء والفقراء، العظماء والعاديين، جميعهم هنا موحدون".. وتابع: "هذا ما سعى اليه: المساواة بين الناس والاخوة والانسانية". وفي كيب تاون احيى حراس ورفاق مانديلا السابقون في الاسر ذكرى المناضل ضد الفصل العنصري في سجن روبن ايلاند الذي قضى فيه 18 سنة من سنوات الاعتقال السبع والعشرين التي حكم بها عليه نظام الفصل العنصري.. واشعلت شمعة واحدة امام صور الرجل العظيم في قاعة "ممر نلسون مانديلا" في المتحف والنقطة التي تنطلق منها حافلات النقل الى الجزيرة السجن في حي ووترفرونت" السياحي في الكاب. وقال لايونل ديفيس السجين السابق في روبن ايلاند "بوفاته تصالحنا مجددا نحن الجنوب افريقيين، اننا من جديد شعب من شعوب العالم، ويجب الان ان يجعل من ميراثه واقعا".. واضاف "من واجبنا كجنوب افريقيين ان نحيي تراثه الان يجب علينا كسر الحواجز التي ما زالت تفرق بيننا".. وفي خارج القاعة كتب مجهولون تعازيهم على دفاتر وضعت خصيصا لهذا الغرض ووضعوا زهورا والتقطوا صورا امام تمثال ايقونة المصالحة. وبعد حفل التأبين الرسمي سيسجى جثمان مانديلا لثلاثة ايام في مقر الحكومة في بريتوريا حيث يتوقع ان ترافق مواكب كل صباح الجثمان في شوارع العاصمة.. وسينقل السبت الى قريته الصغيرة كونو مسقط رأسه جنوب شرق اللابد وارض اجداد مانديلا الكوزو. وسيدفن الاحد هناك الى جانب والديه وابنائه الثلاثة في حفل تقليدي يجمع بين الشعائر المسيحية وشعائر الكوزو.