أعلن الرئيس الجنوب إفريقي، جاكوب زوما، عبر التلفزيون الرسمي مباشرة، مساء أول أمس الخميس، أن نلسون مانديلا، بطل الكفاح ضد التمييز العنصري، توفي عن عمر ناهز 95 عامًا في منزله بجوهانسبورغ. وقال زوما عند الساعة 21:30 ت.غ. عبر التلفزيون مباشرة إن "الرئيس الأسبق نلسون مانديلا فارقنا (...) إنه الآن بسلام. خسرت الأمة ابنها الأكثر تأثيرًا". وأضاف أن نلسون مانديلا "مات بسلام (...) لقد خسر شعبنا أباه". وأشاد مطولًا بالرئيس الجنوب إفريقي الأسبق. وأضاف "ستكون للغالي ماديبا مراسم دفن رسمية" معلناً أن الإعلام سوف تنكس اعتبارًا من الجمعة وحتى الدفن. وقال أيضا "فلنعرب عن امتناننا العميق لروح عاشت من اجل خدمة الناس في هذا البلد، ومن اجل القضية الإنسانية". وأضاف "أنها لحظة حزن عميق (...) سوف نحبك دائمًا ماديبا". وكان الرئيس الجنوب الإفريقي الأسبق غادر في شتنبر المستشفى في بريتوريا، حيث كان يعالج، منذ قرابة الثلاثة أشهر، في منزله حيث كان يتلقى العناية المكثفة نفسها التي كانت تقدم له في المستشفى. وكان مانديلا نقل إلى المستشفى في الثامن من يونيو لإصابته بالتهاب رئوي حاد في نهاية يونيو، واعتبرت حالته حرجة، ومن حينها والرئاسة تعلن تسجيل تقدم منتظم لكنها ترفض الدخول في التفاصيل احترامًا لسرية المعلومات الطبية. ويرجح أن تكون مشاكل مانديلا التنفسية ناجمة عن تداعيات إصابته بالسل خلال سجنه في معتقل روبن آيلاند قبالة مدينة الكاب، حيث قضى 18 سنة من أعوام السجن 27 في زنزانات نظام الفصل العنصري. وكان مانديلا، وهو أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، قد غادر المستشفى في شهر شتنبر الماضي بعد فترة علاج استمرت حوالي ثلاثة أشهر من عدوى متكررة في الرئة. ويتمتع الزعيم الإفريقي باحترام كبير لدوره في النضال ضد العنصرية في جنوب إفريقيا، ولصفحه عن سجانيه البيض السابقين، بعد إطلاق سراحه من السجن في التسعينيات من القرن الماضي. وقضى مانديلا 27 عامًا في المعتقل، وانتخب رئيسًا لجنوب إفريقيا في عام 1994، ثم تنحى عن الرئاسة بعد خمس سنوات. من جهته، نعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس نلسون مانديلا، الذي توفي اليوم عن 95 عامًا، معتبرًا أنه كان رجلاً "شجاعاً وطيباً". وقال أوباما في البيت الأبيض "بفضل كرامته الصلبة وإرادته التي لا تقهر في التضحية بحريته الخاصة من أجل حرية الآخرين، حول جنوب إفريقيا، ونال إعجابنا جميعًا". وأضاف "عمل أكثر مما يمكن أن ننتظره من رجل". يشار إلى أن أوباما لم يلتقِ الرئيس الجنوب إفريقي السابق إلا مرة واحدة في العام 2005، وقال الرئيس الأمريكي أيضا "اليوم، لقد رحل، وخسرنا أحد الرجال الأكثر تأثيرًا والأكثر شجاعة وأحد الأشخاص الأكثر طيبة على أرضنا"، مضيفاً "لم يعد بيننا، أصبح في الأبدية". كما أشاد رؤساء أمريكيون سابقون أيضا بنلسون مانديلا مثل جيمي كارتر وجورج بوش الأب وجورج بوش الابن وبيل كلينتون. من جانبه، أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بنلسون مانديلا، معتبرًا أنه "مقاوم استثنائي" و"مقاتل رائع". وفي بيان أصدره قصر الإليزيه، قال الرئيس الفرنسي إن مانديلا "كان يجسد شعب جنوب إفريقيا وأساس وحدة وعزة إفريقيا بأكملها". وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أشاد بمانديلا، الذي توفي الخميس عن 95 عامًا، معتبرًا أنه "عملاق كان يتمتع بحضور قوي" و"ابو جنوب إفريقيا". وقال فابيوس في بيان "مع نلسون مانديلا يرحل أبو جنوب إفريقيا، عماد النضال من أجل الحرية المستعادة ومن أجل المصالحة". وقرر الرئيس الفرنسي تنكيس الأعلام في فرنسا حدادًا على مانديلا، حسب ما أعلن أمس الجمعة رئيس الحكومة الفرنسية جان- مارك إيرلوت. وقال ايرلوت، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الصين: "الإنسانية بأسرها في حالة حداد. إن فرنسا تشارك في هذا الحداد وهي تقف إلى جانب الجنوب إفريقيين الذين يبكون اليوم هذا الرجل الكبير". أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فصرح أن "نورًا كبيرًا خبا"، بعد وفاة نلسون مانديلا، وأعلن أن العلم البريطاني سينكس أمام مكتبه. وكتب كاميرون على حسابه على تويتر أن "نورًا كبيرًا خبا". وأضاف أن "نلسون مانديلا كان بطل عصرنا". وتابع "طلبت تنكيس العلم أمام مقر رئاسة الحكومة"، بعد وفاة أول رئيس اسود لجنوب إفريقيا. من جهته، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول أمس الخميس، بنلسون مانديلا الذي رحل عن 95 عامًا، معتبرًا أنه كان "مصدر الهام" للعالم. وقال للصحافيين في مقر الأممالمتحدة في نيويورك "علينا أن نستلهم من حكمته وتصميمه والتزامه لنسعى إلى جعل العالم أفضل". أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فنعى فجر أمس الجمعة مانديلا. وقال عباس في تصريح لوكالة فرانس برس "ننعي الزعيم الأممي الكبير فقيد شعوب العالم أجمعها وزعيم جنوب إفريقيا وفقيد فلسطين الكبير الذي وقف معنا وكان أشجع وأهم رجالات العالم الذين وقفوا معنا". وأضاف "جمعتنا مع الزعيم الأممي مانديلا علاقات نضالية وتاريخية ستبقى راسخة إلى الأبد بين الشعبين الفلسطينيوالجنوب إفريقي". وأوضح "لقد كان مانديلا قائدًا ومقاتلاً من أجل حرية شعبه وكان رمزًا للتحرر من الاستعمار والاحتلال لكافة الشعوب من أجل حريتها". وأكد الرئيس الفلسطيني "لن ننسى ولن ينسى الشعب الفلسطيني مقولته التاريخية حين قال إن ثورة جنوب إفريقيا لن تكتمل أهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته". وأشار إلى أن مانديلا "كان رمزاً للحرية والنضال والقتال، من أجل الحرية والاستقلال وسيبقى رمزًا لكل أحرار العالم خاصة لدى الشعب الفلسطيني الذي يفتقده". وقال عباس أيضا إن "العالم بأسره مني اليوم بخسارة كبيرة بوفاة مانديلا، الذي كان أحد أهم رجالاته ورجالات عصرنا هذا". وختم قائلاً "سيبقى اسم مانديلا خالدًا في فلسطين بأسرها ولدى كل فلسطيني". وفي البرازيل، عبّرت الرئيسة ديلما روسيف عن حزنها لوفاة مانديلا "المثل الذي سيقود كل الذين يناضلون، من أجل العدالة الاجتماعية والسلام في العالم". ووصف رئيس نيجيريا غودلاك جوناثان في برقية تعزية وجهها إلى جنوب إفريقيا أن مانديلا وأحد من "أكبر المحررين في التاريخ" و"أيقونة للديمقراطية الحقيقية". أما الزعيم التاريخي لحركة تضامن البولندية ليش فاليسا، فقد وصف مانديلا بأنه "رمز للنضال ضد الفصل العنصري والعنصرية". وأخيرا، قال ديسموند توتو أحد أهم المناضلين ضد نظام الفصل العنصري إن مانديلا "علمنا كيف نعيش معًا ونؤمن بأنفسنا وبكل واحد"، وأضاف أن مانديلا "كان موحدًا منذ أن خرج من السجن" في 1990". كما أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن "إعجابهم العميق بالمزايا الأخلاقية والسياسية الاستثنائية" لنلسون مانديلا، معربين عن "تضامنهم مع شعب جنوب إفريقيا في هذا الوقت الحزين". وجاء في بيان لمجلس الأمن أن نلسون مانديلا "سوف يبقى إلى الأبد في الذاكرة بمثابة شخص ضحى بقسم كبير من حياته كي يكون لملايين آخرين مستقبل أفضل". وأضاف البيان أن الدول الأعضاء 15 "تعرب عن إعجابها العميق بالمزايا الأخلاقية والسياسية الاستثنائية" للرئيس الجنوب إفريقي السابق. وأوضح البيان أن "المعركة التي عاشها ضد القمع العنصري والدور الحازم، الذي لعبه في الانتقال السلمي الذي عرفته بلاده كي تصبح جنوب إفريقيا موحدة وديمقراطية، يشكلان إرثا دائماً لبلده ولباقي العالم". وأشادت بكين، من جهتها، بمانديلا "صديقًا مخلصًا للشعب الصيني"، الذي عرف أن "يربح احترام وإعجاب الأشخاص في العالم أجمع". وجاء في بيان لوزارة الخارجية الصينية أن بطل الكفاح ضد الفصل العنصري أرسى "مساهمة تاريخية في إقامة وتطوير العلاقات بين الصينوجنوب إفريقيا". وكانت وفاة نلسون مانديلا صباح أمس الجمعة أحد المواضيع الأكثر تناولاً في شبكات التواصل الاجتماعي الصينية. وأشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بدورها بنلسون مانديلا، معتبرة أنه "اسم ساهم إلى الأبد في المعركة ضد قمع شعبه"، حسب ما جاء في بيانها. وأضافت في هذا البيان "نحن مع شعب جنوب إفريقيا في حالة حداد بألمانيا على نلسون مانديلا"، مضيفة أن "اسمه سيبقى إلى الأبد ملازمًا للمعركة ضد قمع شعبه والنصر على نظام الفصل العنصري". وقالت أيضا "كل السنين في السجن لم تستطع كسر نلسون مانديلا أو تغييره"، مضيفة: "ومن رسالته للمصالحة ولدت جنوب إفريقيا جديدة". وأوضحت "شخصيًا، سأفكر بامتنان بلقائنا في بلاده. المثل الساطع لنلسون مانديلا والإرث السياسي لمعركته غير العنيفة، وكذلك رفضه لكل إشكال العنصرية ستبقى إلى زمن طويل مصدر وحي لشعوب العالم بأسره". واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مانديلا كان أحد السياسيين "الأبرز في عصرنا". ووجه بوتين "تعازيه بوفاة نلسون مانديلا رئيس جنوب إفريقيا لسنوات طويلة واحد أبرز السياسيين في عصرنا" على ما أعلنت الرئاسة الروسية في بيان. وأضاف بوتين أن "مانديلا الذي تجاوز المحن الأصعب، بقي وفيا لمبادئ الإنسانية والعدالة حتى نهاية حياته". وقال إن "اسم مانديلا مرتبط بحقبة من التاريخ الحديث لإفريقيا شهدت انتصارا على نظام الفصل العنصري وبناء جنوب إفريقيا ديمقراطية".