البلد يعاني من جمود و ركوض إلا من حركة الرشوة و دينامكية نهب مال الشعب. المشكل إذا الذي يعاني منه البلد هو انعدام التغيير و هذا تحصيل حاصل، و الدليل فقرات الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة. و هي، إن كانت معزولة، فلأنها تظل تابعة للنظام العالمي الذي أصابته الشيخوخة و العجز لمعالجة مشاكل الحياة الحديثة. النظام العالمي بات نظام تقليدي و تقلداني متخلف للغاية و جب تغييره أو إنعاشه على الأقل حتى لا يتجاوزه الزمان لدرجة قصوى تجعل الناس العالميين يسقطون عنه كل احترام، فتعم الفوضى التي ما بعدها فوضى... الملاحظ أن الإنسانية أنتجت بعض النظريات الثورية التي ساهمت في بلورة النظام العالمي الحالي، ثم توقف العقل البشري عن العمل فالتفكير، فخلد الجميع إلى النوم إلى أن شاخ النظام العالمي و هرم و بات غير قادر على مسايرة العصر. المطلوب إذا نظريات جديدة فعلا و ليس إعادة استنساخ ما أنتجه الأولون كلما واجهنا مشكلة من المشكلات في كسل خطير قد يؤذي بالعالم إلى الهلاك. الليبرالية، الرأسمالية، الديمقراطية، حقوق الإنسان إلى آخره...، كلها أشياء باتت من المقدسات لا مجال لإلغائها أو لانتقادها لأنها أضحت من المكتسبات الإنسانية حسب الماسكين بزمام أمور مصالحهم. لا بأس. ولكن العزوف على انتقاد النظام العالمي الحالي يعني أننا نعتبر أننا وصلنا إلى القمة التي ما بعدها قمة، و هذا شيء خطير، لأن هذا يعني أن السقوط وشيك...فشكرا على انتباهكم سيداتي، سادتي. الليبرالية و الرأسمالية و الديمقراطية إلى آخره...، كلها نظريات تم إنتاجها في بلد من البلدان ثم تم استنساخها و تطبيقها في بقية العالم المهم اليوم، يعني العالم المتقدم. نعم، بهذه البساطة، لأن لا داعي للتفاصيل التي لا تقدم و لا تأخر في عصرنا هذا. فما على البلد الحبيب اليوم إلا أن ينقذ النظام العالمي و ذلك بإحداث رجة في كل الأوساط العالمية، رجة ضرورية لتستيقظ الإنسانية من سباتها العميق. و لما لا؟ فالبلد الحبيب بلد مهم إلا أنه لا يعرف أنه مهم. أو أنه ربما في حاجة إلى قسط أوفر من الثقة في النفس. نعم، لا غاز و لا نفط في البلد و لكن هذا لا يهم بتاتا، و الدليل أن هناك إمارات شرقية حققت النجاح بالاعتماد على العقل و العمل الجاد و لا شيء سوى العقل و العمل الجاد. إمارات في بقعة جغرافية صغيرة، لا قوة عسكرية معتبرة لها، و لا قنبلة ذرية لها تستعملها، مثلا، للابتزاز من أجل الاغتناء على حساب الآخرين أو بعض المغفلين، و رغم ذلك فهي إمارات معدل دخل الفرد لديها مرتفع بشكل يصيب بالذهول، يقال أنه ثالث أكبر دخل في العالم. الثالث؟ نعم. مع 18 مليون سائح. نعم، 18. و الدليل الأخبار اليومية العالمية الصادرة في البلد الحبيب طبعا. ماذا؟ سبب ازدهارها هو كونها إمارات تتوفر على غنى في الأجناس المختلفة كحال ولايات أخرى ما وراء البحار إلى آخر العرض التاريخي المفصل...؟ لا والله. فالبلد الحبيب يعتبر من أغنى بلدان العالم في ما يتعلق باختلاط الأجناس البشرية ولكن دخل الفرد لديه يستحسن عدم ذكر تفاصيله... و أما عدد السياح في البلد الحبيب فيستحسن عدم ذكره هو أيضا لأنه رقم ضئيل و ضعيف جدا، خاصة إذا استثنينا العمال الأوفياء المهاجرين في الخارج. ماذا أيضا؟ هي إمارات لا تعتمد الديمقراطية في أسلوب الحكم؟ لا والله. ما علاقة "الدّمقرطة" بالموضوع الاقتصادي المحض و بازدهار الدخل الفردي في الأوطان؟ و لما تصلح الديمقراطية إذا كانت تتعارض مع تحسين الدخل الفردي في الأوطان...؟ فهل الديمقراطية في البلد الحبيب وصلت أوج التطبيق...، فلما نحن إذا متخلفون تمام التخلف على تحقيق الازدهار المنشود أو المزعوم؟ و مع ذلك فلسان حال هؤلاء المتقدمين -نسبيا- في تلك الإمارات المتقدمة -نسبيا- يقول : " لقد كان هدفنا رفع الدخل الفردي في وطننا و قد حصل، أما اليوم فهدفنا "دمقرطة" المؤسسات، و هذا ترف و من الكماليات التي يمكننا اليوم أن نفكر فيها أو أن نطمح إليها، الآن و قد حققنا الازدهار في وطننا." حسنا. تلك إذا هي إمارات حققت ازدهار إماراتها بطريقتها الخاصة الاستثنائية. فتحية لها و لشعبها و لحكامها الذين يطمحون اليوم لإضافة غنى الديمقراطية لإماراتهم حتى تكف عنهم الألسن و حتى لا يصاب شعبهم بالملل. يمكننا أن نحقق الازدهار نحن أيضا في البلد الحبيب. كيف ذلك؟ لا مجال للتفكير في الهدم و إعادة البناء مجددا لأن الحلول الجذرية ما هي سوى حلول غبية في زماننا هذا. لقد سطرنا الأولويات و سرنا على دربها لمدة طويلة، فقلنا: "الديمقراطية لكسب عطف الأقوياء أولا، و الازدهار ثانيا". طيب. لن نغير شيئا من هذا البرنامج الذي يبدو راسخا و عنيدا. فيمكن للديمقراطية أن تنتج الازدهار إذا كانت حقيقية. و إذا كانت الفكرة السائدة تقول، عن حق، -و معذرة على الصراحة-، أن الديمقراطية لم تنتج سوى الميوعة السياسية و غيرها في البلد الحبيب، فلأننا لم نلتفت إلى ما يمكن تحقيقه من خلال الديمقراطية دون المساس ببعض المصالح السياسية العظمى...، فنقول: " لا يمكن تطبيق الديمقراطية لأنها حتما تصب في مصلحة الإسلاميين" فنقوم بتمييع كل شيء...، فيغرق البلد الحبيب في تخلفه. مهلا. النظام العالمي يرتكز على القانون الوضعي الذي يضعه الشعب عن طريق البرلمان، و لا سبيل لتغييره إلا بإرادة الشعب. الفكرة السائدة هي: "الديمقراطية ستجعل الإسلاميين يحصلون على الأغلبية في البرلمان و بالتالي سيغيرون القانون أو القوانين حسب مرجعيتهم الإسلامية". و الفكرة التي تليها هي: " هذا لا يعني أن الإسلاميين يشكلون الأغلبية الفعلية، و إنما هم الأفضل تنظيما مقارنة مع الأحزاب الأخرى. التخوف إذا من أن يستنسخ سيناريو بلاد الكنانة: فوضى عارمة، و حكم عسكري انقلابي غير شرعي تؤيده الملايين، و حكم شرعي تؤيده الملايين المضاعفة، فالفتنة و استمرار التخلف..." ولكن، الحكم العسكري الانقلابي ليس حلا كيفما كان شكله و كيفما كانت "حربائيته" و "ميكيافيليته"... (- في حالة ما كان الهدف هو تحقيق الازدهار طبعا...-) لا داعي للف و الدوران، فالتخوف ذاك يتجسد في احتمال تغيير القانون الجنائي خاصة و أوّلا، و ذلك لأن لا يخفى على أحد، بمن فيهم مناهضي الإسلاميين، أن لا سبيل للازدهار و التقدم في البلد الحبيب دون وقف نزيف نهب مال الشعب و آفة الرشوة البنيوية و الممنهجة. فإذا كان الهدف فعلا هو تحقيق الازدهار في البلد الحبيب، فلا بد لكل مصلح صادق، وصل فعلا إلى موقع القرار، أن يضع حدا للرشوة و نهب مال الشعب، و لن يتأتى له ذلك إلا من خلال تغيير القانون الجنائي الذي لم يفلح في وقف الفساد على مدى نصف قرن كان كافيا في إمارات شرقية لتحقيق الازدهار بشكل مبهر، (-و الدليل الأخبار اليومية العالمية الصادرة في البلد الحبيب طبعا-)، و لكن لعلها إمارات لم تكن تعاني من آفة الرشوة البنيوية الممنهجة بشكل فظيع. و الله أعلم. يمكن لكل مصلح صادق أن لا ينتمي لأي حزب إسلامي، و لكن، لأنه صادق، فسيتوصل حتما إلى أحسن طريقة لوقف مد الرشوة و نهب مال الشعب في أقل وقت ممكن و بأقل تكلفة. في البلد الحبيب توالت القرارات، و اللجان، و الندوات، و المناظرات، على مدى نصف قرن، بدون أية نتيجة تذكر. فهل الديمقراطية هي التي انهزمت في الحرب ضد الرشوة و نهب مال الشعب؟ نعم، الكلام عن الحرب و ليس المعركة، فلقد انهزمنا في كل المعارك فخسرنا الحرب. علينا إذا خوض حرب جديدة بسلاح الديمقراطية لأن هذا هو اختيارنا العنيد و "المقدس" على ما يبدو. لسان حال الشعب يقول بأن المسؤولين و الحكام فشلوا في محاربة الرشوة و نهب مال الشعب (-مع أن الشعب ذاته يتعاطى الرشوة بطريقة فظيعة-). الشعب إذا يعتبر أن لا دخل له في التخلف الذي يعرفه البلد الحبيب مما يجعله " يبتز" السياسيين و الحكام بقضية الرشوة المستشرية، و يهددهم بالخروج إلى الساحات و الشوارع و احتلالها كلما أقدم الحكام على الزيادة في ثمن الطعام مثلا. لسان حال الشعب يقول إنه مجبر على الفساد، و السبب: الحكام أو النظام. أما لسان حال الحكام أو النظام فيقول بأن الشعب هو السبب في الفساد المستشري في كل الأوساط و في كل الدواليب. طيب. أو حسنا. الديمقراطية التي من شأنها أن تنتج رئيسا حكوميا فعليا و ليس خياليا أو وهميا لا حول له و لا قوة ليست ربما هي الحل الآن، لأن من شأنها ربما أن تجعل البلد ينقسم إلى نصفين متناحرين مع ردّة في الديمقراطية كما حصل في أرض الكنانة. ولكن الديمقراطية التي ستجعل الشعب يتحمل مسؤوليته أمام الله، و أمام العالمين، و أمام الحكام أيضا في هذا الظرف بالذات، هي التي ستركز على الاستفتاء الشعبي و ليس على البرلمان لتمرير القوانين الأنجع لمحاربة نهب مال الشعب و الرشوة البنيوية و الممنهجة و العنيدة القبيحة الوقحة البشعة، كحال السمكة السوداء التي تقلى قليا و لا تغمد عينيها أبدا. استفتاءات تعرض لا من طرف الإسلاميين و لا من طرف الليبراليين، لا من طرف العلمانيين و لا من طرف الجمهوريين، لا من طرف الأمازيغيين و لا من طرف العرب، استفتاءات تعرض على أهل البلد جميعا من طرف الدولة، مثلا، على الشكل التالي: "أيها الشعب، لقد فشلنا شعبا و حكاما و نظاما و مسؤولين في محاربة الرشوة و نهب مال الشعب مما تسبب في تخلفنا على مدى نصف قرن، فهل تريد، أيها الشعب، أن تقطع يد السارق، و يد المرتشي، و يد ناهب المال العام، مستقبلا؟ الجواب بنعم أو لا." سيداتي، سادتي، هذا مشروع قانون وضعي و ليس تطبيقا للشريعة الإسلامية. فالإسلام يقضي بقطع يد السارق و ليس قطع يد المرتشي. و لكن كل تشدد في العقوبات له ما يبرره، فالرشوة أهلكت البلد، و نهب المال العام أهلك البلد. مجرد مشروع قانون، لتغيير مادة من القانون الجنائي فقط (-و ليس بتاتا اعتماد القصاص الشرعي-)، يستفتى فيه الشعب مباشرة. و سنرى ماذا سيقوله الشعب. فإن هو صوت بنعم، فهذا سيعني أن الشعب له الإرادة في التقدم و الازدهار، و، -عفوا-، لا دخل لعامل الأمية و الجهل هنا لأن الشعب على وعي تام، اليوم، بكل الأمور الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، فالمسألة مسألة إرادة لا غير. لا داعي للكذب، فالشعب على وعي تام. و ما المشكلة في قطع يد المرتشي، و في قطع يد السارق، و في قطع يد ناهب المال العام، أصلا، إذا كان المرء لا ينوي السرقة و التعامل بالرشوة و نهب المال العام إن هو تمكن من منصب أو سلطة...؟ فأما إن صوت الشعب بلا، فعليه أن يكفّ على ابتزاز الحكام، و المسؤولين، و النظام، باللجوء إلى الشوشرة، و التشويش، و الإضراب، و الاعتصام، و احتلال الساحات العمومية، للحصول على عطاء دون محاولة فهم "الإكراهات"... و شكرا على انتباهكم سيداتي، سادتي. أما في ما يتعلق بقضية الاقتصاد، مثلا، فهناك من ادعى، (-و الدليل: الأخبار اليومية العالمية الصادرة من البلد الحبيب طبعا-)، بأن الزكاة لا تفرض بشكل تصاعدي مهما بلغت الثروة من أرقام، ناهيك على كونها (الزكاة) تصب في مصلحة فئة معينة (يعني الفقراء) و ليس لصالح الجميع (-يعني الأغنياء أيضا-)، و بالتالي فالضريبة أفضل لأنها تفرض بشكل تصاعدي و تصب في مصلحة الجميع (-يعني الفقراء و الأغنياء-)، كبناء الطرقات، و شراء السفن، و القطارات السريعة كثيرا... (- و يقال في رواية أخرى الفائقة السرعة-). خطأ فادح كما يقول السيد الممثل الجم. بل الزكاة تصب في مصلحة الفقراء دون تفقير الأغنياء مما يجعلها لا تتعارض مع الليبرالية و الرأسمالية أوّلا. فالزكاة، -ثانيا-، تمنح الأغنياء كامل الاطمئنان على ثرواتهم مما يشجعهم على الاستثمار الدائم و المسترسل. سيداتي، سادتي، و يا أيها الناس، أين هو العدل في فرض ضرائب على الفقراء لتشييد طريق، مثلا، لتسهيل تجارة الأغنياء ؟ لا و الله. و إليكم الشعر: " إذا الأغنياء يوما أرادوا بنية تحتية، فما عليهم سوى الاكتتاب في ما بينهم، (-لتحقيق هدفهم التجاري الذي لا يخص الفقراء في شيء-)، و عفوا على عدم احترام القافية" و تحية لأبي القاسم الشابي رحمه الله. الحل غذا هنا هو استفتاء شعبي عالمي : " أيها الشعب، (-و أيتها الشعوب-)، أتريد فرض 2 أو 3 في المائة على الثروة الراكضة لصالح الفقراء فقط دون غيرهم، و فرض الضرائب حسب المشاريع على الفئات المستفيدة منها فقط دون غيرها...؟ الجواب بنعم أو لا." حسن جدّا كما يقول السيد الممثل الجم مع التحية. ولكن، كل تطابق مع شخصيات واقعية مجرد صدفة، و الدليل كون الرواية أدبية إبداعية خيالية محضة، ناهيك عن كون كل وقائعها تقع في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة. و تحية للمنتصر على الأنانية عدوة الشعوب رمضان مصباح، الإدريسي الأصل، و يا للأصل الطيب. ملحوظة: كان على هذه الجملة الأخيرة أن تسبق الجملة التي ما قبلها، و بالتالي فالكل صدفة في صدفة، و السلام عليكم و رحمة الله. يتبع أو لا يتبع...