كما جرت العادة، شتاء كل سنة، ينعم سكان مدينة مراكش بدفء مؤقت، مصدره أضواء كاشفة علقت على مدخل قصر المؤتمرات، لإنارة السبيل لنجوم السينما القادمين من مختلف جهات العالم، قصد إضفاء البهجة على نفوس سكان "مدينة البهجة" و لو لأسبوع. المدينة الحمراء تزداد حمرة ببساطها المفروش و المحروس الذي لا تطأه إلا أقدام من جاؤوا يركبون "البزنس كلاس" قاصدين مدينة تختلط حكاياتها في أذهان السينمائيين الأجانب بحكايا ألف ليلة ليلة. هنا قصر المؤتمر، كل شئ يوحي بالبذخ، رغم صراخ أحد الواقفين على سياج الأمن، طالبا تمكين رجل من الدخول الى حفل الافتتاح و واصفا إياه بمن أفنى حياته في خدمة الفن بالمغرب طيلة ثلاثة عقود. على أبواب القصر شاشة كبيرة و كثير من الأضواء و حرس و عسس لا يتجاوز جدارهم السميك إلا القادمين في سيارات شركة "رونو" الفارهة، شريكة المهرجان، أو أصحاب الدعوات من فنانين و ضيوف و بعض من الصحفيين المحظوظين و المعارف و نخبة من المثقفين و رجال الأعمال الذين قل لقاؤهم إلا في هذا النوع من المناسبات. أصوات "فلاشات" المصورين و الموسيقى المنبعثة من مكبرات الصوت لا تترك مجالا لسماع شيء غير "الفرح". داخل القاعة جلس مئات الضيوف يتابعون عبر الشاشة الكبيرة مرور العشرات من النجوم على البساط الأحمر تحت صيحات "الباباراتزي" الذين يحتاجون وقتا إضافيا، و بشكل دائم، مهما طال وقوف النجوم أمام عدساتهم. نور الدين الصايل، المسؤول الأول داخل المركز السينمائي المغربي، و واحد من المدراء المنتدبين لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يصول و يجول داخل القصر و هاتفه النقال، الدائم الرنين، لا يشغله عن إبداء الاحتجاج، بأدب، لأحد المصورين الذي تسلل خلسة إلى الطابق الأول من القاعة عله ينعم بصورة خاطفة لوجه من وجوه علية القوم الذين حجز لهم المكان إلى جانب النجوم. تقدمت فيروز و الى جانبها لوغون، منشطي الحفل، فتحدثا للحاضرين عن المهرجان\الحلم و عن مراكش و المغرب و اعتزاز المنظمين برعاية الملك للتظاهرة و إشراف الأمير مولاي رشيد الفعلي على فعالياته. تقدمت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة المكونة من المخرج الأمريكي "مارتن سكورسزي"، رئيسا، إلى جانب المخرج الألماني، من أصل تركي، "فاتح أكين" و الممثلة الأمريكية باتريشيا كلاركسون و الممثلة الفرنسية "ماريون كوتيار" و المنتج المكسيكي "أمات إيسكالانتي" و الممثلة الايرانية "غولشيفيته فرحاني" و المخرج و كاتب السيناريو الهندي "أنوراغ كاشياب" و المخرج الكوري الجنوبي "بارك تشان-ووك" و المخرج الايطالي "باولو سورينتين" بالإضافة الى المخرجة المغربية نرجس النجار صاحبة "عيون جافة". مارتن ، الذي ألف المهرجان و ألفه منظمو المهرجان، اختار تقديم الممثلة الأمريكية شارون ستون، التي يكرمها مهرجان مراكش في دورته ال 13، باستدعاء تعريف الفيلسوف و الناقد الادبي، الدلالي الفرنسي "رولان بارت" لمفهوم النجومية حيث قال "إن النجومية ليست هي الشهرة بل هي ذاك البعد الأفلاطوني الذي يعطي عمقا آخر للوجه البشري.. و هذا الوصف ينطبق على شارون ستون فهي لا تدخل مكانا إلا و حولت طاقته إيجابا..". لم تخيب "شارون ستون" ظن صاحب "طاكسي درايفر" بها فما إن رفع ستار الخشبة الأنيق حتى دخلت بفستانها الأسود الجميل ترقص على إيقاع الموسيقى، متمايلة على أنغامها قبل أن تتوجه بالشكر للملك و الأمير و تصف المغرب ببلد السلام في زمن تمر به البلدان الإسلامية من ظروف عصيبة موضحة للجمهور أن كلمتين سحريتين اثنتين كانتا كفيلتين بإقناعها بركوب الطائرة من الهند الى المغرب و هما "مارتن" ثم "سكورسيزي". ابتسم مارتن لبطلة فيلمه "كازينو" وصفق الحاضرون لنجمة هوليود قبل أن يغادر ثلثي الحاضرين قاعة الافتتاح غير آبهين بفيلم قادم من "بوليود" خصصه فريق البرمجة ليكون فيلم مساء جمعة الافتتاح البارد.