قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل رئيس اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، إن اللجنة تواجه عددا من الإكراهات في عملها، كما أن تنزيل القانون المتعلق بمحاربة جريمة الاتجار بالبشر تعترضه إشكاليات. وهبي خلال لقاء تقديم التقرير السنوي الأول للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، اليوم الثلاثاء، أكد أن ما ينتظر اللجنة مستقبلا، "أعقد بكثير مما أنجزناه إلى حد الآن، لأننا أمام ظاهرة تنتشر بشكل كبير". وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن اللجنة المذكورة أنجزت تشخيصا حول مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، بيَّن وجود عدد من الإشكاليات التي تعترض التنزيل السليم للقانون وفق غايات المشرّع المغربي، إضافة إلى صعوبات على مستوى التطبيق، من قبيل غياب تملُّك مشترك لمقتضيات القانون 27.14. وأفاد وهبي بأن التشخيص الذي قامت به اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أكد غياب مؤشرات وطنية دالة على جريمة الاتجار بالبشر حسب تخصص كل متدخل، وعدم وجود آلية وطنية لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر لضمان لحماية أنجع لهم. وتعوّل اللجنة المذكورة على اللقاء الذي قدمت فيه تقريرها السنوي، بحضور عدد من ممثلين المؤسسات الأمنية والقضائية، للتعريف بنموذج موحد للتنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والمجتمع المدني في محاربة جريمة الاتجار بالبشر والوقاية منها، وفق التخصص المنوط بكل فاعل. ونظمت مجموعة من الأنشطة كتعزيز قدرات أعضاء اللجنة أو المتدخلين في التعرف على الضحايا المفترضين لجريمة الاتجار بالبشر في القطاعات الحكومية، والمؤسسات القضائية والأجهزة الأمنية، وجمعيات المجتمع المدني، ووحدات للتكوين لفائدة مفتشي الشغل. وسيرتكز العمل المستقبلي للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر، بحسب وهبي، على مخطط عمل ينبني على معايير وأهداف نوعية ودقيقة، توجِبُها خطورة جريمة الاتجار بالبشر، ودرجة توسعها على المستوى الوطني والدولي وطبيعتها المعقدة من حيث التنظيم والتنفيذ. ومن بين الإجراءات التي ستتخذها اللجنة، إحداث آلية وطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر على غرار الدول الرائدة في هذا المجال، وتعزيزها بالموارد البشرية، من المساعِدات والمساعدين الاجتماعيين، في بلوغ أهدافها للتعرف على الضحايا المفترضين، وتوجيههم إلى السلطات المختصة لاستفادتهم من الخدمات المقدمة من طرف هذه المؤسسات. وستقوم اللجنة كذلك، بحسب المعطيات التي قدمها رئيسها، بتعزيز قدرات كافة المتدخلين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، وفق منظور وطني موحد، اعتمادا على برامج التكوين والتكوين المستمر، وتعزيز التواصل والتحسيس بخطورة جريمة الاتجار بالبشر، والانفتاح على التجارب المقارنة للاطلاع على الممارسات الفضلى في هذا المجال. في هذا الإطار، قالت سهام الفيكيكي، مديرة مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمغرب، إن المغرب شهد تنظيم عدد من الورشات همّت تطوير مؤهلات العاملين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، سواء متدخلي الصفوف الأمامية أو المكلفين بالتحقيقات، وورشات تحسيسية من أجل توجيه المواطنين والضحايا إلى طلب المساعدة، وتوعيتهم بتجنب الوقوع ضحية لشبكات الاتجار بالبشر. واعتبر المتحدثة ذاتها أن ما تحقق في هذا الجانب "يعدّ حصيلة إيجابية"، مشيرة إلى أن هناك التزاما وتعبئة على صعيد المملكة لدى جميع القطاعات المعنية، مشددة على أن التصدي لهذه الظاهرة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر مقاربة قطاعية شمولية. من جهتها، شددت كارمين مورثي، مديرة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، على ضرورة تكثيف التعاون بين القطاعات المعنية بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، منوهة بأهمية التوجه الحكومي من أجل توفير مزيد من الحماية للضحايا، مشيرة إلى أن الاتجار بالبشر هو جريمة تمس بالحقوق الأساسية للإنسان.