"البيجيدي": التعديل الحكومي استمرار للتراجع عن المد الديمقراطي وأخنوش "يصبغ" الإدارة من شركاته    المكتب الوطني المغربي للسياحة ويونايتد إيرلاينز الأمريكية يطلقان أول رحلة جوية مباشرة تربط نيويورك بمراكش    البطولة: الرجاء البيضاوي يعود بنقطة من ملعب الحسن الثاني عقب تعادله مع المغرب الفاسي    باريس سان جرمان يرفض قرار لجنة الاستئناف في رابطة المحترفين بدفع 55 مليون يورو لمبابي    موكوينا يعيد ترتيب صفوف الوداد قبل مواجهة بركان    غرامة "وانا" ترفع دين اتصالات المغرب    محمد المحتوشي يكتب: التكنولوجيا كأداة لتحسين أداء الجماعات الترابية    إسرائيل تقتل منتظرين للمساعدات بغزة    أمن مراكش يحبط عملية تهريب طن من حشيش "الكيف"    بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    نادي أولمبيك مارسيليا يكرم الراحل برادة    خزينة المملكة: فائض في الميزانية يصل إلى 26,6 مليار درهم            المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووحدته الترابية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الوكيل العام يرفض استدعاء "أحمد أحمد" لتبرير اقتناء الناصري "فيلا كاليفورنيا"    الأميرة لالة حسناء تترأس حفل "فاشن تراست أرابيا" العربية    خطاب ماكرون أمام البرلمان المغربي.. التفاتة ملكية تعكس العلاقات المتميزة بين البلدين    مديرية الأرصاد تحذر من امطار رعدية قوية بعدد من أقاليم المملكة    الغافولي يعيد إصدار "المعفر" بتوزيع جديد    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. قائمة المشاريع والأفلام المختارة في ورشات الأطلس        كندا تقرر تخفيض عدد المهاجرين القادمين إليها اعتبارا من العام المقبل    هل ينجح الميداوي في إيجاد الحلقة المفقودة التي ضيعها الميراوي في ملف أزمة طلبة الطب؟    الملك يهنئ رئيس جمهورية كازاخستان    بورصة البيضاء تفتتح التداولات ب "ارتفاع"    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بهبات رياح اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    استشهاد ثلاثة صحافيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    لا بَيْتَ في الدَّارْ!    المغرب في المرتبة 92 عالميا في مؤشر سيادة القانون لعام 2024    "أمو تضامن".. تحويل 15,51 مليار درهم من طرف الدولة إلى الضمان الاجتماعي    سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية لجوائز "الكاف 2024"    زياد فكري.. قصة بطل انطلق من أكاديمية محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    لامين يامال يرد على مشجع لريال مدريد سخر من أدائه أمام بايرن    بايتاس يستعرض استراتيجية الحكومة لضبط أثمان اللحوم الحمراء    مهنيو أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في وفقة احتجاجية جديدة على قرارات CNSS    كيوسك الجمعة | المغاربة أجروا 164 مليون عملية أداء بواسطة البطاقات البنكية    الصورة والأسطورة في مواجهة الموت    ماسك يتبرع بملايين الدولارات الإضافية لحملة ترامب في أكتوبر    الجيش الإسرائيلي يٌعلن مقتل 5 من جنوده في جنوب لبنان.. وحصيلة خسائره ترتفع إلى 890 قتيلا وأكثر من 12 ألف مصابا    حفل عشاء بمناسبة "فاشن تراست أرابيا"    مقتل 3 صحافيين في جنوب شرق لبنان    التهمت ميزانية ضخمة من المال العام.. فشل ذريع لأسواق القرب بمدينة الجديدة    الموثقون الموريتانيون يطلبون الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال الرقمنة    ندوة علمية تقارب "الفلسفة الوسيطية"    مغاربة الإمارات يحتفون ب"أبطال القراءة"    لا أريد جوائز    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحتوشي يكتب: التكنولوجيا كأداة لتحسين أداء الجماعات الترابية

في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت التكنولوجيا ركيزة أساسية للتقدم والنمو في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات الإدارية والحكومية. تتبوأ الجماعات الترابية (الجهات، العمالات والأقاليم، والجماعات) موقعًا محوريًا في تحقيق التنمية المحلية وتعزيز رفاهية المواطنين. ومع تزايد الحاجة إلى استجابة فعّالة لمتطلبات المواطنين، يتعين على هذه الجماعات استثمار التطور التكنولوجي لتحقيق أهدافها بشكل مستدام.
‏وتشير الأدبيات القانونية والإدارية إلى أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا لتعزيز الكفاءة الإدارية وزيادة الشفافية والرقابة على الشؤون المالية. هذه الجوانب تسهم بشكل مباشر في تحسين جودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين. وتُوفر التقنيات الحديثة، مثل الحوكمة الإلكترونية، والرقمنة، والمدن الذكية، فرصًا لإعادة تشكيل العلاقة بين المواطنين وإداراتهم المحلية، مما يُمكن الجماعات الترابية من إدارة مواردها بكفاءة أكبر وتسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات. ‏رغم الفرص الكبيرة التي يُتيحها التطور التكنولوجي، تواجه الجماعات الترابية مجموعة من التحديات، أبرزها نقص التمويل وضعف البنية التحتية الرقمية، مما يُعيق تحقيق الفوائد المرجوة.
‏في هذا السياق، كيف يمكن للجماعات الترابية استخدام التكنولوجيا لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز الشفافية والفعالية الإدارية، في ظل التحديات المرتبطة بنقص التمويل وضعف البنية التحتية الرقمية؟
‏يهدف هذا المقال إلى استعراض دور التكنولوجيا في تعزيز أداء الجماعات الترابية، وتسليط الضوء على التحديات التي تحول دون تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التكنولوجيا، مع مناقشة الحلول الممكنة لتحقيق تنمية محلية مستدامة.
‏تعتبر الجماعات الترابية أساسًا لتحقيق التنمية المحلية ورفاهية المواطنين. ومع التحولات التكنولوجية السريعة، أصبحت التكنولوجيا ضرورة لتحسين الأداء وزيادة الشفافية والفعالية الإدارية. رغم ذلك، تواجه هذه الجماعات تحديات تعيق الاستفادة القصوى من هذه الأدوات. لذا، من الضروري استعراض دور التكنولوجيا في تعزيز أدائها (أولاً)، التحديات التي تحول دون تحقيق ذلك (ثانياً)، وأبرز الحلول الممكنة لتحقيق تنمية محلية مستدامة (ثالثاً).
‏أولا:دور التكنولوجيا في تعزيز كفاءة وفعالية الجماعات الترابية
‏تُعتبر الجماعات الترابية أساسًا لتحقيق التنمية المحلية وتعزيز مستوى معيشة المواطنين. في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، أصبح لزامًا على هذه الجماعات تبني التكنولوجيا كأداة فعالة لتحسين أدائها. يُمكن تلخيص دور التكنولوجيا في هذا السياق من خلال النقاط التالية:
‏1- تحسين جودة الخدمات المقدمة
‏التحول الرقمي: يُعزز الانتقال من الأنظمة الورقية إلى الرقمية من سهولة وصول المواطنين إلى الخدمات العامة، مثل تقديم طلبات الشهادات وتجديد الرخص، مما يُقلل من التعقيدات البيروقراطية ويزيد من فعالية الإجراءات.
‏الأنظمة الإلكترونية: تُساعد هذه الأنظمة في تسريع معالجة الطلبات وتقليل الأخطاء، مما يُفضي إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة، ويُحقق رضى المواطنين عن الأداء الإداري.
‏2- تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة:
‏البيانات المفتوحة: يُعزز نشر المعلومات المتعلقة بالميزانيات والمشاريع الشفافية، حيث يُمكن المواطنين من متابعة كيفية استخدام الأموال العامة، مما يُسهل عملية المساءلة ويُعزز الثقة في أداء الجماعات.
‏التقارير الدورية: تُساهم التكنولوجيا في إعداد تقارير دورية تُظهر الأداء الإداري والمالي، مما يُعطي المواطنين فرصة لتقييم فعالية العمل الإداري ويزيد من درجة المساءلة.
‏3- تحسين إدارة الموارد:
‏نظم المعلومات الجغرافية (GIS): تُستخدم هذه النظم لتحليل البيانات المكانية، مما يُساعد في تحسين تخطيط استخدام الأراضي وتوزيع الخدمات بشكل يتناسب مع احتياجات المواطنين. يُفضي ذلك إلى إدارة أكثر كفاءة للموارد المتاحة.
‏أدوات التخطيط الذكي: تُساعد هذه الأدوات في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة، مما يُعزز من فعالية المشاريع التنموية ويُساهم في تحقيق استدامتها.
‏4- تعزيز التفاعل مع المواطنين:
‏التطبيقات الإلكترونية: تُتيح هذه التطبيقات للمواطنين تقديم اقتراحاتهم وشكاواهم بسهولة، مما يُعزز من التفاعل بين الجماعات الترابية والمواطنين، ويُمكن الإدارات من معرفة احتياجات المجتمع بشكل أدق.
‏منصات التواصل الاجتماعي: تُسهم هذه المنصات في تسهيل التواصل المباشر بين الجماعات والمواطنين، مما يُتيح سرعة الرد على الاستفسارات ونشر المعلومات الضرورية بشكل فعال.
5-تمكين المواطنين من المشاركة في تدبير الشأن المحلي: تتيح التكنولوجيا وسائل تواصل فعالة تمكن المواطنين من المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة الجماعات الترابية، مما يرسخ مبادئ الديمقراطية التشاركية.
‏عموما، تظهر أهمية التكنولوجيا في تعزيز أداء الجماعات الترابية من خلال تحسين الخدمات، وزيادة الشفافية، وتحسين إدارة الموارد. إن اعتماد التكنولوجيا يُساهم في تحقيق كفاءة أكبر، ويعزز من مشاركة المواطنين، مما يُساعد في تحقيق التنمية المحلية المستدامة، ويُحقق رفاهية المجتمع بشكل شامل.
ثانيا: التحديات القانونية والإدارية التي تواجه الجماعات الترابية في تبني التكنولوجيا
‏1- ضعف البنية التحتية التكنولوجية:
‏تواجه العديد من الجماعات الترابية تحديات في توفير البنية التحتية الرقمية اللازمة لاعتماد التكنولوجيا بشكل فعال، مما يعيق تنفيذ الأنظمة الإلكترونية ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات العمومية.
‏2- نقص الكفاءات التقنية:
تعاني الجماعات الترابية من نقص في الأطر البشرية المؤهلة في مجال تكنولوجيا المعلومات، مما يشكل عائقًا أمام التفعيل السليم للأنظمة الرقمية وإدارتها بشكل يتماشى مع القوانين المنظمة.
3-المقاومة الثقافية للتغيير الرقمي:
بعض الجماعات تواجه مقاومة داخلية من الموظفين تجاه التحول الرقمي، نتيجة التخوف من التغيير أو نقص الوعي بأهمية التكنولوجيا في تعزيز الشفافية والفعالية الإدارية
4- الموارد المالية المحدودة:
تفتقر الجماعات الترابية، لا سيما في المناطق الأقل تنمية، إلى التمويل الكافي لتنفيذ المشاريع التكنولوجية اللازمة، مما يحد من قدرتها على التحول الرقمي ومواكبة المتطلبات القانونية الحديثة.
‏ثالثاً: الحلول القانونية والإدارية الممكنة لتحقيق تنمية محلية مستدامة عبر التكنولوجيا
‏1- الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية:
‏ينبغي على الجماعات الترابية، بالتعاون مع الجهات المركزية والجهات المانحة، الاستثمار في تحسين البنية التحتية التكنولوجية لضمان الاتصال الرقمي وتطوير الأنظمة الإلكترونية.
‏2- تأهيل وتدريب الكفاءات البشرية:
‏يجب توفير برامج تدريبية مستمرة للموظفين في مجال تكنولوجيا المعلومات، وذلك لرفع كفاءتهم في التعامل مع الأنظمة الجديدة.
‏3- التشجيع على المشاركة الإلكترونية:
‏ يمكن تفعيل منصات رقمية تمكن المواطنين من المشاركة في اتخاذ القرارات المحلية والإدلاء بآرائهم حول القضايا المهمة.
‏4- الشراكات مع القطاع الخاص:
‏يمكن للجماعات الترابية التعاون مع القطاع الخاص لتطوير الحلول التقنية وتوفير التمويل اللازم لبعض المشاريع التكنولوجية.
صفوة القول أنه في ظل التحولات التكنولوجية الكبرى، أصبحت التكنولوجيا أداة حيوية لتعزيز أداء الجماعات الترابية في تحقيق التنمية المحلية ورفاهية المواطنين. ويتجلى دور التكنولوجيا في تحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتحسين إدارة الموارد، بالإضافة إلى تمكين المواطنين من المشاركة في تدبير الشأن المحلي. كما أن هذا التحول الرقمي يسهم في تحسين كفاءة وفعالية الجماعات الترابية من خلال الحوكمة الإلكترونية والأنظمة الذكية.
رغم هذه الفوائد، تواجه الجماعات الترابية تحديات متعددة، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية، نقص الكفاءات التقنية، المقاومة الثقافية للتحول الرقمي، والموارد المالية المحدودة. هذه العوائق تعرقل الاستفادة الكاملة من التكنولوجيا وتحد من قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
للتغلب على هذه التحديات، يجب الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتأهيل الكفاءات البشرية، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص. كما يجب تفعيل آليات المشاركة الإلكترونية وتشجيع المواطنين على التفاعل مع الجماعات المحلية. من خلال تبني هذه الحلول، يمكن للجماعات الترابية تحقيق تنمية محلية مستدامة تلبي احتياجات المواطنين وتعزز رفاهيتهم بشكل شامل.
بقلم:‏محمد المحتوشي حاصل على ماستر في تدبير الشأن العام المحلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.