عرف عدد ضحايا الاتجار بالبشر تزايدا مهما خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، مسجلا 719 ضحية غالبيتهم مغاربة راشدون، إلى جانب نسبة مرتفعة من القاصرين تصل إلى 47.41 في المائة، وفق تقرير وطني رسمي. كشف التقرير الوطني السنوي للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، التي يرأسها وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنّ عدد قضايا الاتجار بالبشر في المغرب عرف ارتفاعا ملحوظا تجاوز 200 في المائة خلال سنة 2018، و96 في المائة خلال سنة 2019. وفسر التقرير الذي تم تقديمه اليوم الثلاثاء بالمعهد العالي للقضاء تكنوبوليس في مدينة سلا، هذا الارتفاع بالمجهودات المبذولة في التعريف بالجريمة وتفكيك الشبكات النشيطة فيها، كاشفا عن وصول عدد المتابعين إلى 585 بين راشد وقاصر، 84 من الأجانب و144 من الإناث. في هذا السياق، قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في تصريح مشترك ل"لعلم" على هامش اللقاء، أن الناحية المؤسساتية والالتزامات الدولية للمغرب تقتضي إعداد تقرير سنوي يضم أشغال السنتين الأخيرتين في ما يخص مجهودات المملكة في مكافحة الاتجار بالبشر، مضيفا، أن ذلك يدخل في إطار تصور المستقبل القريب لمواجهة هذه الآفة. وأشار الوزير، إلى أن اللقاء الذي حضرته أطراف دولية، يهدف أيضا إلى تطوير العمل التشريعي والمؤسساتي من أجل مناهضة هذا الفعل العدائي، الذي أصبح الآن من مهام الأممالمتحدة واللجان التابعة لها، وكذا من مسؤولية وزارة العدل طبقا للالتزامات الدولية والأخلاقية والمؤسساتية والقانونية، وفق تعبير وهبي. وأكد المسؤول الحكومي ذاته، أن اللقاء الذي حضره المتدخلون المشاركون في التقرير سيبوئ المغرب مكانة مهمة في مواجهة هذا المشكل الخطير، الذي يمس الإنسان في ذاته وفي حرمة بدنه ويمس حقوقه الأساسية. من جهتها، نوهت سهام الفكيكي، مديرة مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمغرب، بحصيلة المجهودات التي يبذلها المغرب لمكافحة الاتجار في البشر، وإنجازات اللجنة الوطنية لتنسيق آليات مواجهة هذه الجريمة المنظمة والوقاية منها. وأضافت في تصريح مشترك ل"العلم"، أن التقرير السنوي الأول حول الاتجار بالبشر في المغرب، تضمن كل التطورات التي شهدتها المملكة في ما يخص هذه الظاهرة العابرة للحدود، مشيرة إلى تنظيم العديد من الورشات لتطوير مؤهلات العاملين في المجال، سواء متدخلي الخطوط الأولى أو المكلفين بالمتابعات والتحقيقات. إلى جانب ورشات توعوية وتحسيسية لمساعدة المواطنين والضحايا، بشأن طلب المساعدة حتى لا يقعوا ضحية للشبكات الإجرامية التي تشتغل في هذا المجال. وأكدت المتحدثة، على وجود التزام، وتعبئة على صعيد المملكة، وعلى صعيد كل القطاعات المتدخلة، معتبرة الجواب عبر القطاعي والمنسق هو حجر الأساس للتصدي لمثل هاته الظاهرة، ذات الأبعاد ليس فقط قانونية، لكن أيضا الاجتماعية والصحية والاقتصادية، لذلك لا يمكن التصدي لهذه الظاهرة إلا عبر مقاربة عبر قطاعية تتمثل في عمل اللجنة الوطنية. أعربت رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، كارمن مورتي غوميز، عن سعادتها بوجودها في فعاليات إطلاق التقرير السنوي الأول للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه في المغرب، مذكرة بمرافقة مجلس أوروبا لهذا العمل منذ البداية، أي منذ إنشاء اللجنة سنة 2016. وقالت المسؤولة الأوروبية، في تصريح مشترك ل"العلم"، إن مجلس أوروبا حرص على مواكبة عمل اللجنة حتى حققت هذا النجاح اليوم، استكمال التقرير الذي يستند على حقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر، وعلى محاور أساسية منها الوقاية وحماية الضحايا، مؤكدة على دور الشراكات الفعال وعلى أهمية إطلاق سياسات عامة لدعم ضحايا الاتجار بالبشر، الذي يعد انتهاكا للحقوق الأساسية. وقد حضر اللقاءَ رفيع المستوى أعضاء اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، ومسؤولون عن الشركاء الدوليين من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمنظمة الدولية للهجرة، وممثلون عن برلمان الطفل، الذين أعربوا جميعا عن إشادتهم بجهود المغرب في مكافحة هذه الآفة، ومؤازرة مؤسساتهم على عدة أصعدة لهذا المجهود.