على امتداد كوكبنا الصّغير ،صار الطّفل ريّان حكاية تناقلتها الأفئدة والحوّاس ..صار ابناً للكلّ ، دخل البيوت ليودّعنا معانقاً الجميع ، تاركاً وراءه جرحاً يشتعل فينا بالحزن ويختزل المشاعر الإنسانية ، تلك المشاعر التي كانت قد شدّت أنفاسها وهي تراقب مأساة بليغة يصعب تحمّلها.. شدّت أنفاسها ورفعت أكفّها بحلم شاسع.. شدّت أنفاسها وقالت لريّان الذي انصهرت فيه : رجاء ابق بيننا .. الوطن كان في قلب الحدث بسواعد الأمل، متحدّياً ظروف المكان والزّمان والتّضاريس، مبرهناً كما عهدناه عن إرادة البقاء والتحدّي والمثابرة والالتحام.. وكان ريّان المعروف بين أوساط مدشره بالصّبيّ خفيف الظلّ ،في مهبّ نجمة يعبر المسافة بين الأرض والسّماء.. يترجّل من حفرته المُظلمة ويطلق صوته المدوّي في وجه آلاف الحفر التي تنتظر الإغلاق.. ويكشف العديد من الحقائق والصّور والمفارقات.. ريّان عندما كان يحلّق في لحظة خاطفة ويطلق أجنحته من فوق، كان طائراً يرى كلّ شيء بوضوح تامّ.. الأعشاب اليابسة وبعض الضّوء وأنين الأحشاء وحسرة العيون وأكتاف الفضول و" تكديس المشاهدات " على المواقع أيضاً .. يرى الكثير من الدّوائر المغلقة ومن العيوب المنتشرة في كلّ الاتّجاهات .. يرى أحلام وتطلعات أبناء إقليمه شفشاون ونداءاتهم المستمرّة في أن ينعموا بأفق واعد وبتحدّيات جديدة، تمسّ مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبأن يستحقّوا الكثير من معارك البناء والعدالة المجالية وأن يُرفع عنهم التّهميش .. كاريكاتير: مبارك بوعلي كان الطّفل الطّالع من الأعماق يقول برغبة أكيدة، يجب أن نتجاوز في وطننا الجميل/ العظيم، حفر عدم تفعيل القوانين والبرامج ، والعمل على ردم حفر تسكنها ذئاب " البيدوفيليا " وزواج القاصرات وتشغيل الأطفال... كان يقول علينا تجفيف مستنقعات الإدمان وبعض ألعاب الفيديو التي تكرّس العنف والعدوانية... ليصل إلى حفر المجاعة والحروب التي تستهدف الأطفال وتجنّد بعضهم، كما هوّ الحال في مخيّمات العار بتندوف .. كم هي عميقة دروسك صغيري ريّان.. فعلى امتداد خمسة أيّام علّمنا جسدك الطّريّ وهو يقاوم الموت داخل الحفرة المخيفة، أنّ الحياة في مغزاها ومداها قيم نبيلة، تنبني على فعل الخير وعلى باقة الحبّ المتبقّية في النّفوس وعلى معانقة جوهر الإنسان أينما كان.. لقد كنتَ الرّجل الشّجاع الذي وحّد البشريّة على ذكر اسمه شاهقاً يا ريّان، بعدما قادتك الأقدار للأسف في أن ترى من زاوية أوسع أخطاء الكبار ؟!