في ظل حياة سياسية متسمة بالحذر والتحفظ الشديدين المكرسين لغياب جل النخب السياسية عن مسايرة وتيرة المجتمع، أصبحت الأجهزة المكلفة بنقل ميولات الشارع، و باعتراف "كولومبواتها" و"جيمس بونداتها، عاجزة عن فهم ما يجري ويدور على الساحة، خاصة بعد أن أصبح الكل محتاطا حذرا خائفا من "خياله". من ينكر أن التصنت أصبح فوبيا جماعية، إذ بمجرد ما تدور مكالمة، ولو للسؤال عن الصحة أو التعزية في وفاة قريب، يشعر المتخاطبان بوجود طرف ثالث(بلا خبار النيابة العامة). ولأنه ليس "في الكرش عجينة"، وليست وراء العبد الضعيف تبعات "سرقة مال عام" أو "علاقات خارج الزوجية" أو "التخابر مع جهات أجنبية"، فإنه يتسلى بوجود "طرف ثالث" على الخط،بل أكثر من ذلك يحرص على توجيه التحية إليه و إنبائه بأنه"ما عندو ما يقشر"، خاصة أن "محترفي" الطريق "البطال" أصبحوا سادة زبناء "السويقة" في الرباط ودرب غلف في البيضاء للحصول على أرقام "بورطابل" خارج مراقبة تقنين الاتصالات. أعتذر عن هذا الحضور المبالغ فيه للذاتية لأعترف، بدون "استدعاء زرقاء"، أن الرأي العام لمغرب اليوم تجاوز قاعات المؤتمرات و التجمعات، بل و حتى الصحف التي أصبحت تشعر أنها غير ذات جدوى كبيرة ما دام التيار السائد يعاكس مجرى ماء المجتمع، و بالتالي علينا الاعتراف بأن الصوت و اللوبي الحقيقيين دخلا العولمة من بابها الواسع. "" فإذا كان قراء الصحف المغربية بكل تلوناتها لا يتجاوز 300 ألف قارئ، فإن لمواقع الشبكة العنكبوتية ملايين القراء لا يكتفون فقط بالقراءة فقط بل يعلقون و يبدعون في نقل نبض الشارع أكثر. طرح السؤال يوما: هل يقبر الانترنيت الصحافة الورقية؟ السؤال اليوم: هل من مسؤول يصغي إلى آهاتنا و الزفرات خارج التجسس على مكالماتنا، و هي في غالبها جد حميمية؟ في انتظار الجواب، سلوانا في "يوتوب" و"بالتولك" و"هسبريس" تلك المواقع التي كذبت رواية الفاسي عن أحداث سيدي افني، وعرت عن "تسونامي" الشمال الذي كسحته "اتم" و"دوزيم" بسهرات "زيد دردك عاود دردك". وعليه، فإن الذين يفضحون من مواقع التهميش عورات المجتمع و اختلالاته هم أجدر بنيل الجوائز الوطنية للصحافة. امنحوها للمدون محمد الراجي أو "قناص ترجيست" أو "بابارازي" سيدي افني،ففي ذلك مصداقية للبلاد ولصحافتها.