قال الداعية المغربي الشيخ محمد الفزازي إن إعلان الرئيس الجزائري المريض، عبد العزيز بوتفليقة، عن دعمه العلني لجبهة البوليساريو الانفصالية، هو من قبيل "السماء فوقنا والأرض تحتنا"، غير أن الجديد الوحيد هو الجرأة على ذلك بصريح العبارة"، مشيرا إلى ادعاء قناة جزائرية إلى مرض الملك محمد السادس، في الوقت الذي ظهر فيه بلباس الشباب المفهم بالحيوية، بخلاف صورة بوتفليقة المريض المتدثر بلباس ضد البرد". وسجل الفزازي، ضمن مقال خص به هسبريس، الانتهاكات الحقوقية الصارخة التي ما فتئ يمارسها النظام الجزائري الذي يدعو إلى مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، داعيا إلى الصرامة في التعامل مع المواقف الجزائرية التي تستهدف المغرب ووحدته الترابية، وأيضا مع انفصاليّي الداخل المغربي، والذين يجب "محاصرتهم بكل الوسائل المشروعة" وفق تعبير الفزازي. وهذا نص مقال الشيخ محمد الفزازي كما توصلت به هسبريس: الهجمة الأخيرة للجارة الشقيقة الجزائر على الوحدة الترابية المغربية في رسالة الرئيس العجوز والمريض بوتفليقة إلى المؤتمرين والمتآمرين على المغرب في "أبوجا" النيجيرية، ليس فيها أي جديد يذكر غير العنجهية الزائدة، وتحويل أنظار الشعب الجزائري عن مشهدين كبيرين داخليين نحو معاداة المغرب اليائسة. أولهما المرض المزمن للرئيس، وثانيهما ترشح هذا المريض إلى ولاية رابعة على الرغم من أنف السخط الداخلي الذي يعلم أن الولاية الرابعة قادمة لا ريب فيها - إذا كان في العمر بقية - في غياب أي ديمقراطية حقيقية، ولا حتى ما يشبهها في المؤسسات الحاكمة. عندما أقول "الجزائر" فلا أعني الشعب الشقيق بأي حال من الأحوال. إنما أعني من بيده سلطة القرار من القادة في الجيش والمخابرات. أما الشعب الشقيق، فآخر ما يمكن أن يفكر فيه هو خيانة الأفضال والمؤازرات التي ما فتئ أشقاؤه المغاربة يقدمونها له على الدوام، ابتداء من مساعدته على الاستقلال بالدم والدرهم، وانتهاء بإحجامه عن رد الصاع صاعين بدعم الانفصاليين عن الجزائر في الطوارق والقبايل، ولا أقول دعم الجهاديين في جبال الجزائر والصحراء الكبرى، فذلك أبعد ما يكون عن السياسة المغربية حتى لو كان هؤلاء الجهاديون ينخرون في عضد "العدو" الجزائري ويضعفونه، مرورا بالسكوت - ولو إلى حين - عن مطالبة الأممالمتحدة بفتح ملف الصحراء الشرقية التي سلمتها فرنسا للجزائر في ظروف استعمارية خالصة وخاصة... والتي يجب أن تعود إلى مالكيها الشرعيين المغاربة عاجلا أو آجلا... إن رسالة بوتفليقة إلى مؤتمر "أبوجا" لا جديد فيها في الواقع. لأن إعلان الرئيس المريض عن دعمه العلني لجبهة البوليساريو هو من قبيل "السماء فوقنا والأرض تحتنا". الجديد الوحيد هو الجرأة على ذلك بصريح العبارة. إنه الانتقال إلى السرعة القصوى في الإعلام الجزائري معلنا "الحرب" على المغرب بالأكاذيب والافتراءات... آخرها ما أذاعته قناة "نيوميديا نيوز" الإخبارية عن اجتماع طارئ مزعوم للأسرة الملكية للبحث في خلافة الملك محمد السادس الذي يعاني بزعمها من وضع صحي حرج. هذا في الوقت الذي يوجد فيه الملك في ضيافة الإمارات ويتمتع بصحة جيدة، حتى إنه ظهر بلباس الشباب المفعم بالحيوية والنشاط، بخلاف صورة الرئيس المريض المتدثر بلباس ضد البرد... من أجل هذا قيل قديما [رمتني بدائها وانسلت]؟ عجيب وغريب أن يطالب الرئيس المريض ب "بلورة آلية لمتابعة ومراقبة حقوق الإنسان في إقليم الصحراء، باعتبارها ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى"، أما وجه العجب والغرابة فهو في أن يصدر هذا الكلام عن منتهكي حقوق الإنسان بالجملة والتقسيط طيلة عقود من الزمن. فهل أذكّر بالمجازر في كل مكان من التراب الجزائري بما في ذلك قتل السجناء [سجن سركاجي نموذجا]؟ هذا السجن ذبح فيه أزيد من مائة شخص من بينهم قيادات وعناصر في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وذلك في فبراير 1995م. هل أذكّر بقمع المطالبين بالحرية وحق تقرير المصير بالنسبة للقبايل والطوارق؟ أم أذكّر بإفقار الشعب الشقيق والتهام خيراته وصرف عائدات النفط والغاز فيما لا يفيد أحدا غير المتنفّذين العسكريين والأمنيين بالإضافة إلى جبهة البوليساريو التي يعيش قادتها في فنادق خمس نجوم عبر العواصم العالمية والمؤتمرات مدفوعة الثمن انتقاصا من خبز الجزائريين، وبحثا عن تأييد لانفصال المغرب عن صحرائه. وهو أشبه ما يكون بنفخ في قربة ذات ثقوب... عندما يتحدث الرئيس المريض عن ضرورة احترام حقوق الإنسان في المغرب يخيّل إليّ أن المتحدث هو رئيس منظمة حقوقية في جينيف أو ستوكهولم أو مون ريال... وليس هو بوتفليقة المتنقل على كرسي متحرك، والذي آخر شيء يدخل في حسبانه هو كرامة الآدميين وصيانة حقوق الإنسان. ومن أجل هذا قال بعض العرب قديما أيضا "لو ذات سوار لطمتني". أظن أن استمرار المغرب في تسامحه وتجاهله لمثل هذه التصريحات الجزائرية سواء من السياسيين أم من أبواقهم المهترئة... يجب أن يعاد فيه النظر. وإن استدعاء السفير المغربي من الجزائر قصد التّشاور بداية صحيحة على الطريق الصحيح. كما أظن أن التسامح والتساهل مع انفصاليّي الداخل المغربي يجب أن يعاد فيه النظر أيضا... ويجب محاصرة هؤلاء الانفصاليين بكل الوسائل المشروعة. من مراقبة اتصالاتهم بأعداء الوحدة في الخارج، وقطع الطريق على تمويلاتهم ومسانداته المادية والمعنوية... والحزم مع مناصريهم من "الخونة" في الداخل والخارج سواء. إن المغرب هو الأقوى. أقوى بإجماعه الشعبي حول صحرائه، وأقوى بتواجده في هذه الصحراء منذ أن خلقها الله تعالى وخلق عليها أهلها المغاربة. ولم يكن التواجد الاستعماري الإسباني إلا تواجدا عابرا كما كان عابرا في سيدي إيفني وشمال المملكة. وهو عابر في سبتة ومليلية وغيرهما من الجيوب... لا محالة، إن شاء الله. وأقوى بقيادة ذكية وحكيمة... ومحبوبة لدى شعبها. وأقوى بجيش متمرس ومتمترس في صحرائه وثغور بلده ومن خلفه الشعب بأكمله مستعد لأن يمده بكل ما يملك. جيش لا يرهبه السلاح الروسي "الخردة" و الصَّدِئ... إني أشعر بالأسى والأسف وأنا مضطر للتذكير بهذه المعطيات أمام دق طبول الحرب في الجزائر ضدا على الأشقاء المغاربة الذين آوَوهم ونصروهم أكثر من مرة. أشعر بالأسى والأسف وأنا أشم رائحة دخان حرب طاحنة بين الأشقاء دون الاتعاظ بما حصل في حرب الرمال شهر أكتوبر من سنة 1963م ... حيث كان النصر العسكري مغربيا ساحقا... نحن هنا في المغرب لا نريد حربا مع إخوتنا ولا مع غيرهم. وإن كنا مستعدين لها. نحن شعب سلام وشعب مسالم... لكننا نحذّر من الخرجات الصبيانية الجزائرية فضلا عن أي اعتداء محتمل على حُرمة بلدنا وأهلينا في الأقاليم الجنوبية المغربية أو في غيرها... فإن دون ذلك أرواحنا... ولقد جربتمونا من قبل - أيها الأشقاء - وخبرتم معدننا وشجاعتنا... فكونوا هداكم الله مثل المؤمن الذي لا يلدغ من جحر مرتين... وقد لدغتم منه أكثر من مرة... فلا داعي للمزيد فإن "جحرنا" قاتل، كما تعلمون، واهتموا بشؤونكم الداخلية وكفاكم تحريضا و {استكبارا في الأرض ومكر السيّء ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.