و أنت تسافر بالفأرة اللعينة بين دروب و مدن العالم الإلكتروني، تستوقفك حينا بعد حين كلمة ناصعة ألوانها، كتبت بمختلف الأحجام و الخطوط التي تعرفها أو لا تعرفها. "" و المثير للانتباه في هذه الكلمة أنها حمالة هموم و أحزان و مشاعر أليمة لقائلها و كاتبها و المرسولة إليه، وقد تكون في نفس الوقت حمالة لأبعاد سياسية واقتصادية وسيكولوجية .. خطيرة. إنها كلمة " قاطعوهم " ؟؟ ... من المعلوم أن مثل هذا الشعار / الكلمة / النداء.. ليس له سوى معنى واحد لا ثاني له، وهو مقاطعة المنتجات أوالبضائع الأمريكية و حديثا الدانماركية و كل من صار على نهجهما أو جاورهما في الفعل والقول و ليس في الجغرافيا . إليكم الجملة التالية كواحدة تشرح و توضح المقصود و هي بالمناسبة منقولة من أحد المواقع الالكترونية : " قاطعوا منتجات ورموز العدو لتحرروا أهلكم في غزة و فلسطين..." . و لمزيد من التوضيح، فان أصحاب هذا النداء في العالم الأنترنيتي (المجرد) يقدمون لك لائحة مهمة بأسماء " منتجات العدو" التي يتوجب عليك مقاطعتها إن أردت أن تكون مسلما شجاعا كما يعتقدون . جدير بالذكر أن هذه الظاهرة حديثة العهد بأصحابها ربما لم تنهض حركتها بقوة و لم يشتد عودها إلا في أوائل الألفية الثالثة، الألفية التي تمناها (الكل ) أن تكون ألفية سلام و حب مع البعيد قبل القريب. أنا شخصيا كنت قد شاركت في حملة من أجل مقاطعة المنتوجات الدانمركية عقب الرسومات المسيئة لنبي الإسلام محمد (ص). من منطلق إنتمائي إلى دار الإسلام و (إمتلاكي)؟ لمدونة في هذا العالم الرقمي المجرد .. لا غير. لكن، دعوني أسرد عليكم بعض الخواطر في هذا الباب : لقد كثرت وسائل التحريض على مقاطعة أمريكا،من خطب و منشورات و فتاوى و نداءات .. لكن، أليست هي أمريكا نفسها التي نصافحها... أمريكا التي نكرهها في شاشة التلفاز، والتي تكون سببا في مادة دسمة لكل وسائل إعلامنا السمعية والبصرية.. من خلال ما تنقله لنا من قتلى وجرحى وصور الموت بالعراق، وفلسطين، وأفغانستان، وباقي مناطق العالم التي لا تملك( كاسبريسكيا) قويا يوقف و يقتل فيروساتها المتناسلة ..أليست هي أمريكا التي نقف أمام أبواب سفاراتها طالبين رضاها و بركاتها وجودها علينا .. هل تختلف أمريكا عن (مريكان) ثرثرة المقاهي والشارع وأحاديث الحانقين والساخطين على سفارامدافعها و فيلتها الحديدة ( لهامر) .. أمريكا التي يعشقها كل منبوذ ضاق به وطنه، وكل محتقر ...أليست هي نفسها ( أمريكا .. أمريكا عدوة الشعوب ..) .. هل تختلف أمريكا الكوكاكولا و الماكدونالدز و البيبسي و السيارات المقاتلة و النايك ( بتشديد النون) .. عن أمريكا المساعدات الإجتماعية، والتي نهدد باللجوء إليها في حالات نزاعاتنا الداخلية و الخارجية .. أليست أمريكا التي نلعنها هنا .. هي نفسها أمريكا التي نتمسح بأهدابها هناك.. أمريكا التي ندعوا إلى مقاطعتها في النهار و ليلا ندردش مع شقراواتها السمينات طمعا في الزواج منهن والهجرة إليهن ..إلى بلاد (الهم) سام ... و إن حدث و لم يتحقق الحلم، فقبلة رقمية واحدة تكفي .. أمريكا التي ندعوا إلى مقاطعة منتجاتها أليست هي أمريكا التي تشغل آلاف الأسر و العائلات .. وتفتح أبواب الرزق .. أليس لنا من حيل و حلول أخرى أمام أمريكا كلما أحزنتنا غير هذا النداء " قاطعوهم " يرحمكم الله ( ربما على وزن " اكرهوهم " ).. عفوا أمريكا .. لأننا نكرهك و نحبك في نفس الآن .. عفوا لأن أحاسيسنا مثل أفعالنا لا صور و لا شكل لها .. عفوا لأننا نصرخ في ( مياديننا ) و شوارعنا ضدك .. و بعد حين نحلم حلمك الأخضر و البيض و الأزرق (الدولاري) .. سامحينا إن أحرقنا علمك أو شتمناك يوما.. اليوم نندد بكل من اعتدى عليك و اليوم نطلب رفقك ب ( نا) ... [email protected] http://elhamribadr.blogspot.com/