محطّةُ الحافلات (القامرة) بمدينة الرباط صباحَ يوم الجمعة، وعلى بُعْد خمسة أيام من عيد الأضحى، كانت عبارة عن خليّة نحلٍ لا تهدأُ فيها الحركة، ولا يتوقّف صدى الضجيج الذي يتردّد بين جدرانها. مسافرون تبدو علامات التوتّر باديةً على وجههم مُحمّلين بأمتعة ينتظمون في صفوف أمام شبابيك التذاكر، فيما "الكورتية" الذين كانوا يملؤون المحطّة، و"يتودّدون" إلى المسافرين من أجل استمالتهم، قلّ عددهم، ما دام أنّ "الطلب يفوق العرض"، وصار المسافرون هم يبحث عن "الكورتي" علّه يضمن لهم مقعدا داخل حافلة متوجّهة إلى مدينة أو بلدة ما، حيث يوجد الأهل لقضاء عطلة العيد. على باب المحطّة لافتة بيضاءُ كبيرة، على جانبيْها علامة "STOP"، تدعو من خلالها إدارة المحطة المسافرين إلى أخْذ تذاكرهم من الشبابيك، والمطالبة بوضْع طابع الشبّاك على التذكرة، وإلا، فإنّ إدارة المحطة، حسب ما هو مُدوَّن على اللافتة، لا تقبل أيّ شكاية إزاءَ من يُخالف ذلك من المسافرين. داخل المحطّة، وعلى عكس باقي أيام السنة، يبدو المكلفون ببيع التذاكر غير "مُبالين" بالمسافرين، طالما أنّ الطلب وافرٌ والعرض محدود؛ إذْ صار من شبه المستحيل أن يعثر المسافر على مقعد فارغ في الحافلات المتوجّهة نحو الجنوب، يوم الأحد أو الاثنين القادمين، أمّا الأسعار، وعلى غرار ما هو معمول به في مناسبة عيد الأضحى، فقد أخذتْ منْحىً "فلكيّاً"، وارفعت أسعار بعض الخطوط بنحو 50 بالمائة، مقارنة مع السعر الذي كان مطبّقا قبل اقتراب عطلة العيد. أحدُ المسافرين قدمَ إلى محطة القامرة لاقتناء تذكرتيْ سفر نحو بلدة "أولوز" نواحي مدينة تارودانت، لكنّه عادَ خائبا، بعدما لم يعثر على مقعد فارغ في الحافلات الرابطة بين الرباط وبلدته الأصلية، وعندما سأل عن الأسعار أخبره الجابي أنّ السعر محدد في 270.00 درهما. المواطن قال إنّ السعر الذي كان يحجز به تذكرة السفر على الخط نفسه، لم يكن يتعدّى 180 درهما. بعض شركات النقل داخل المحطّة تعلق لافتات عليها أسعارُ تذاكر السفر، لكنّ الأثمان التي تنطقها ألسنة المكلفين ببيع التذاكر داخل الشبابيك مخالفة تماما لما هو مدوّن على الأوراق البيضاء المعلقة على زجاج الشبابيك؛ سعر تذكرة السفر نحو تافراوت، حَددته إحدى شركات النقل في 170 درهما، لكنّ الجابي يبيع التذاكر بمائة وثمانين درهما، وعندما اشتكاه أحد المسافرين لشرطيّ بالمحطّة، وتوجّه نحوه الشرطيّ، رفض الجابي أن يحجز للمواطن المشتكي، رغم أنه كان قد أخبره بتوفّر مقاعد على متن رحلة يوم الثلاثاء صباحا. في المقابل أوضح مديرُ محطة الحافلات (القامرة) بالرباط، في حديث مع هسبريس، أنّ سبب إقدام أرباب شركات النقل على الزيادة في أسعار التذاكر، يعود لكون الشركات تقوم بإضافة حافلات إلى أسطولها خلال عطلة العيد، وأنّ الحَافلات التي تنضاف إلى الأسطول الأصليّ يُسمح لها بنقل الركاب ذهابا فقط، أي من محطة الرباط نحو باقي الجهات، وتعود "فارغة"، وأضاف أنّ اجتماعا عُقد بين مختلف الفاعلين بمقر ولاية الرباط، وأنّ لجنة مراقبة من الولاية تراقب الأسعار المطبّقة داخل المحطّة.