ابتداء من يوم الجمعة الماضي، وعلى بُعد سبعة أيام من يوم عيد الأضحى، كان مستحيلا أن تجد تذكرة سفر نحو عدد من المناطق الجنوبية، وبالخصوص أكادير، سواء عبر الحافلات أو القطار (رحلة القطار تتوقف في مراكش ويكمل المسافرون سفرهم على متن حافلات تابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية)، والسبب هو أن المسافرين يحجزون أماكنهم في الحافلات والقطارات قبل مدة من عيد الأضحى تفاديا للازدحام. وزارة التجهيز والنقل واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير بدورهما تنصحان المسافرين، من خلال لافتة معلقة بمحطة "القامرة" بالرباط بالحرص على تفادي الازدحام، من خلال برمجة السفر مبكرا، ولكن زائر المحطة الطرقية سالفة الذكر قبل أسبوع من العيد، سيكتشف أن الازدحام هو سيّد الموقف. فصباح يوم السبت الماضي، كانت المحطة ضاجّة بالحركة، كخلية نحل، ضجيج أصوات "الكورتية" يملأ المكان، والمسافرون الذين يجّرون أمتعتهم ينتقلون من مكتب لبيع التذاكر إلى مكتب آخر، أما المكلفون ببيع التذاكر داخل المكاتب المخصصة فيقابلون المسافرين الراغبين في اقتناء التذاكر على غير العادة بنوع من "اللامبالاة"، ما دام أن العرض متوفر والطلب محدود، بينما في الأيام العادية يتعاملون بطريقة مختلفة، ويحاولون كسب الزبون واستمالته بأي طريقة. أمام أحد مكاتب بيع التذاكر يحاول "كورتي" إقناع شابين يريدان السفر إلى أكادير باقتناء تذكرتيهما من عنده، وظل في نقاش معهما لما يقرب عشر دقائق، لكنهما رفضا في نهاية المطاف، وعندما سألتهما "هسبريس" عن السبب أجاب أحدهما بأنّ ثمن التذكرة غير معقول. "السفر إلى أكادير لا يتجاوز عادة 100 درهم، واليوم قفز إلى 150 درهما"، يقول أحد الشابين، مضيفا أنهما سيتريثان قليلا، لعلهما يعثران على تذكرة أرخص، وإذا لم يتوفر ذلك سيسافران لأن العيد يحتم ذلك، وبأي ثمن. "القفزة الصاروخية" لأسعار التذاكر لا حظتها "هسبريس" في مختلف مكاتب بيع التذاكر، التي ازدادت أسعار بعضها بنسبة 50 بالمائة، قبل أسبوع من العيد، حيث قفزت أسعار التذاكر التي كانت في حدود 100 أو 110 دراهم إلى 170 درهما. لافتة وزارة التجهيز والنقل المعلقة جانب باب محطة "القامرة"، والتي تدعو المسافرين إلى برمجة أسفارهم مبكرا لتجنب الازدحام، واقتناء التذاكر من الشباك، واحترام الساق وباقي المسافرين، نسيت أن تنصح أرباب شركات النقل أن يحترموا المسافرين بدورهم، خصوصا فيما يتعلق بأسعار بيع التذاكر في مثل هذه المناسبات التي يكثر فيها الإقبال على السفر، والتي يحددونها كيفما شاؤوا، بدون حسيب ولا رقيب.