قالت أمينة ماء العينين القيادية في حزب "العدالة والتنمية" إن النسق السياسي في المغرب صعب ومركب، ومن كان فيه يدرك مدى صعوبة تحقيق استقلالية القرار. وجاء كلام ماء العينين في الندوة التي نظمها حزب "العدالة والتنمية" اليوم السبت، لمناقشة تجربته وآفاقه المستقبلية، موضحة أنه في تجربة انتخابات 2021 شهدنا عدم قبول أو تحفظ لحركة "التوحيد والإصلاح" لاختيارات حزب "العدالة والتنمية"، وحدث إشكال في العلاقة بين الحزب والحركة في تلك الفترة.
وأشارت أن المسار الذي عرفه الحزب وحاول فيه تحقيق التمايز بين الدعوي والسياسي، منح قوة للحزب لأنه في لحظة إنشائه كانت هناك تقاطبات إيديولوجية كثيرة، ومد يساري حاضر، وأيديولوجية الإسلام السياسي كانت حاضرة، وجزء منها مرتبط بالحظ والسياق. ولفتت إلى أن السياق العام كله آذلك كان يرفع من أسهم حركات الإسلام السياسي، لكن التميز الذي استفرد به حزب "العدالة والتنمية" في المغرب أنه حاول حقيقة أن يفصل خصوصية فاعل سياسي إسلامي حسب الخصوصية المغربية، لذلك كان هناك نقاش هل الحزب فصيل من التنظيم العالي للإخوان المسلمين أم لا؟. واعتبرت أنه من نجاحات حزب "العدالة والتنمية" أنه استطاع أن يقنع الجميع بأنه حالة وطنية أنتجها السياق الوطني، ويمثل فئة واسعة من المغاربة الذين يمارسون التدين داخل الإسلام المغربي المعروف تاريخيا. وأضافت أنه في التنظيم أيضا كان هناك تساءل حول وجود تأثر بالإخوان المسلمين في الأدبيات وفي الشكل؟ مشيرة أنه كان هناك تأثر بالقراءات وعبر أعلام هذا الفصيل عبر وجوه الإسلام السياسي المأثرة، وتأثر بها حزب "العدالة والتنمية" وقياديوه. وأكدت ماء العينين أنه من النجاحات التي حققها الحزب هو هذه الخصوصية التي التقطها النظام السياسي في المغرب، والوعي بأن حزب "العدالة والتنمية" فصيل وطني يمكن التعامل معه بهذا المعطى. وأبرزت أن النظام السياسي في المغرب يكتسي مشروعيته من المشروعية الدينية، وهذا العامل كان عامل قوة في لحظات وكان عاملا إشكاليا في لحظات أخرى، لأن "أمير المؤمنين" لديه مشروعية دينية ولا يريد أن يتحلى بها طرف آخر، ولا يريد أن يدخل في مواجهة مباشرة بحكم مشروعيته لتجريف فصيل يحمل نفس المرجعية. وخلصت ماء العينين إلى أن تجربة الإسلام السياسي في المغرب متميزة، صحيح أنها في بعض المرات تعرضت للتحجيم بمنطق انتخابي، لكن في النهاية حزب "العدالة والتنمية" حافظ حزب "العدالة والتنمية" على وجوده. وتابعت "هناك من يقول إن الحزب لم يعد له النفس للدفاع عن مشروع إصلاحي حقيقي، لذلك فإنه يدبر وجوده فقط، وهذه كلمة قالها أيضا الأستاذ محمد الساسي"، معتبرة أن تدبير الوجود في سياق يستهدف الوجود في حد ذاته ليس عيبا. وسجلت أن السياسة في العالم بأسره هي أحزاب تصعد وتنزل حسب السياق والحظ، و"البيجيدي" دبر وجوده بعد الأحداث الإرهابية سنة 2003، لأن وجوده كان وقتها مهددا لكنه استطاع في النهاية الخروج منها بنجاح. وقالت إن خروج حزب "العدالة والتنمية" من لحظة إنشاء حزب "الأصالة والمعاصرة " وتقويته ضده يمكن أن تحسب له أيضا، خاصة أنها أسهمت أيضا بخروج النموذج الديمقراطي المغربي بشكل أقوى، لأن التهديد الحقيقي آنذاك أن "البام" كان يستهدف النموذج الديمقراطي بأسره وليس "البيجيدي" فقط. وشددت على أن حزب "العدالة والتنمية" نال المشروعية من المجتمع والسلطة كذلك وإلا لما استطاع أن يرأس الحكومة لولايتين، لكن هناك أسئلة مطروحة داخل الحزب ويحاول أن يراجع معها أوراقه حول مدى استطاعته الاندماج داخل النسق السياسي، وإذا كان الرفض كبير فإن هذا دليل على وجود مشكل سواء في الحزب أو من الأوساط التي ترفض أن تدمجه بشكل سلسل وطبيعي.