النشرة الجوية هي نشرة أخبار بئيسة في غالب الأحيان، لكن المشاهدين الذين يرتبون يومهم على حساب ما تنطق به هذه النشرات، يصرون على الوفاء لهذا الموعد اليومي، لتجنب مفاجآت الطقس، ومقدمو هذه النشرة أنفسهم يعلمون أن جعل هذه الفقرة شيقة يتطلب كثيرا من الجهد، لإيصال المعلومة إلى المستهدفين دون ملل.. لكن واحدا من كل مقدمي النشرات الجوية استطاع أن يخرج عن المألوف، ويجعل موعده مع المشاهدين بمثابة فرصة لتبادل الابتسامة مع "صندوق العجائب"، عندما كان التلفزيون هو المصدر الوحيد للفرجة والمتعة والأخبار الرسمية وغير الرسمية.. جيل التلفزيون يعرف جيدا عزيز الفاضلي، بل إن ما أعطى مكانة كبيرة للراحل، الذي وافته المنية صباح يوم الجمعة بعيدا عن بلاده بأحد مستشفيات هولندا، هو تلك المحبة التي كانت تحيطه من جيل إلى جيل، حيث لا خلاف بين الآباء والأبناء حول محبة هذه الشخصية التي لا يمكن أن تتكرر بسهولة، لذلك كان خبر نعي الفاضلي بمثابة لحظة حزن حقيقية، لا سيما أنه عنوان لذلك الزمن الجميل. ورغم أن التلفزيون كان بالكاد يغادر مرحلة "الأبيض والأسود"، فقد استطاع الفاضلي أن يضيف بخفة دمه طعما آخر للبث. لم يكن الفاضلي ينتظر دائما إمكانيات القناة الأولى ليبدع، فطالما اصطحب معه مظلته الشمسية، أو جلبابه الصوفي، أو أدوات أخرى لتقريب المشاهدين من "حالة الطقس" في اليوم الموالي، بل إن نشرة الأخبار على الطريقة المغربية "الفاضلية" كانت قادرة على منافسة نظيراتها في باقي تلفزيونات العالم، بسبب كاريزما المنشط. كانت "حالة الطقس"، عندما كانت القناة الأولى هي الأولى فعلا، مناسبة للضحك، ومناسبة لجمع شمل العائلة، وصلة الرحم.. فالطبق الذي كان يعده الفاضلي بتلك الإمكانيات البسيطة وقتها، وكان له عشاقه الذين ينتظرونه، كان بمثابة طبق التحلية الذي يلي نشرة الأخبار الرئيسية، الرسمية، الصارمة.. وكأن زمن "كورونا" يحاول القضاء على الزمن الجميل، فقد كان مؤسفا فعلا أن نفقد رمزا آخر من رموز الجيل الذهبي، الذين استطاعوا أن يجعلوا من التلفزيون وسيلة للتثقيف والترفيه.. وكما يقول المصريون: "اللي خلف مماتش"، يبقى العزاء والأمل كبيرا في أولاد الراحل، الفكاهية حنان والمخرج عادل وبقية أسرة الراحل، لمواصلة هذه "الرسالة الفاضلة".. إنا لله وإنا إليه راجعون.