67 بالمائة من المحكومين بالإعدام، داخل السجون المغربية، أيْ حوالي ثلثِ السجناء، يعانون من أمراض عقلية مزمنة؛ هذا ما خلصت إليه دراسة أنجزتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بعد بحث ميدانيٍّ همّ عيّنة تمثيلية من 25 سجينا محكوما بالإعدام، بثلاثة سجون، هي السجن المركزي بالقنيطرة، وسجن مكناس تولال ووجدة. وخلصت الدراسة، التي اعتبرت الإعدام "عقوبة قاسية ولا إنسانية وحاطّة بالكرامة"، والتي جاءت تحت عنوان "تحقيق داخل ممرّات الموت المغربية"، (خلصت) إلى أنّ الحياة داخل "عنابر الموت تفاقم ظهور اضطرابات نفسية، ولا سيما بسبب الانتظار الذي يشكّل في حدّ ذاته موتا بطيئا". وعلى الرغم من إشارة الدراسة إلى أنّ معاملة المحكومين بالإعدام من طرف الإدارة والحرّاس تحسّنت كثيرا، إلا أنّها أوردت أنّ ظروف الاعتقال "تظلّ صعبة، خاصة فيما يتعلق بالحاجيات المادية، مثل الغذاء والأغطية والملابس، إضافة إلى النقص الحاصل في النظافة، التي تبقى دون معايير الحقوق المطلوبة للسجناء". هذا الوضع، تضيف الدراسة، يدفع بنسبة 35 بالمائة من المعتقلين المحكومين بالإعدام، إلى التفكير في الانتحار أو تتملّكهم الرغبة في أن تنفّذ فيهم العقوبة، كما أنّ 15.38 بالمائة منهم، يعتقدون بإمكانية استئناف الدولة لتنفيذ عقوبة الإعدام، بالرغم من تجميد تنفيذها منذ سنة 1993، وهي السنة التي عرفت تنفيذ آخر عقوبة إعدام، في حق "الكوميسير ثابت". رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، محمد نشناش، وصف، في الكلمة التي ألقاها خلال الندوة الصحافية التي انعقدت صباح اليوم بالرباط، لعرض مضامين الدراسة، عقوبة الإعدام ب"العقوبة القاسية والانتقامية"، قائلا إنّ الدولة المغربية "لا يجب أن تكون الأحكام الصادرة عن محاكمها أحكاما انتقامية". وأضاف نشناش، أن هناك تناقضا في موقف المغرب إزاء عقوبة الإعدام، التي أوقفت الدولة تنفيذها منذ سنة 1993، غيرَ أنها في الآن ذاته تمتنع عن التصويت أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامّة للأمم المتحدة، على قرار إلغاء عقوبة الإعدام بصفة رسميّة. إلى ذلك اعتبر رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، عقوبة الإعدام غير ذات جدوى، لكون الدول التي ما زالت تنفذها، حسب قوله، والمتمركزة أساسا في الشرق، إضافة إلى كوريا الشمالية، تزداد فيها الجرائم باستمرار، فيما لم تزددْ نسبة الجرائم في البلدان المتقدمة التي ألغت تطبيق عقوبة الإعدام بصفة نهائية. من جهته قال النقيب عبد الرحيم الجامعي، المنسّق الوطني للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، إنّ المبررات التي يسوّقها معارضو إلغاء العقوبة، أصبحت متجاوزة، سواء من الناحية القانونية أو الدستورية أو الأخلاقية وحتى الدينية، على حدّ تعبيره. وأضاف الجامعي أن "التشبث بعقوبة الإعدام، في الوقت الذي توجد هناك تعبئة في صفوف المجتمع لإلغائها، غير مقبول، لأنّ العقوبة لم يعد لها مبرر أخلاقي ولا سياسي ولا ديني"، واصفا المدافعين عن إبقاء عقوبة الإعدام والتشبث بها، لأسباب دينية، "نوعا من النفاق الحقوقي والقانوني، رغم ورود العقوبة في بعض المرجعيات الدينية، لكونها تمسّ بحقّ الإنسان في الحياة". في السياق ذاته، قالت البرلمانية خديجة الرويسي، منسّقة شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام بالمغرب، إنّ امتناع المغرب للمرة الرابعة على المصادقة على إلغاء عقوبة الإعدام، خلال آخر اجتماع للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة "يدعو إلى القلق، خصوصا وأنّ دُولا شقيقة صوّتت على مشروع القرار، ومنها أفغانستان". وأضافت الرويسي أنّ الابقاء على تنفيذ عقوبة الإعدام يستدعي "دقّ ناقوس الخطر، خاصّة بعد مرور تسع سنوات على إحداث هيأة الانصاف والمصالحة، التي لم يتمّ تنفيذ توصياتها، في ما يتعلق بعقوبة الإعدام، وتنصيص الدستور الحالي على مبدأ احترام الحق في الحياة"، لافتة إلى أنّ إصلاح العدالة، من خلال المشروع الذي تعدّه وزارة العدل والحريات، لا يتوافق مع الابقاء على عقوبة الاعدام، "التي يُعتبر الابقاء عليها، بمثابة رصاصة تُطلَق على مشروع إصلاح العدالة"، على حدّ تعبيرها.