دعا حقوقيون مغاربة إلى إلغاء عقوبة الإعدام، خلال ندوة نظمت صباح اليوم بالرباط لتقديم خلاصات بحث ميداني حول وضعية المحكومين بالإعدام في سجون المملكة. ويقع البحث الذي حمل إسم "رحلة إلى مقبرة الأحياء" في 95 صفحة، حيث يتضمن عرضا للإطار القانوني والتاريخي لعقوبة الإعدام في المغرب، وسردا لوضعية المحكومين بالإعدام، وشهادات لمحكومين من بين 52 محكوما شملتهم الدراسة في ثلاثة سجون مغربية هي : المركزي بالقنيطرة، وسجن تولال 2 بمكناس وسجن وجدة. وفي هذا السياق، قال رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان محمد النشناش أن عقوبة الإعدام تتنافى مع الحق في الحياة الذي يضمنه الدستور المغربي. واعتبر النشناش أن عقوبة الإعدام "عقوبة قاسية وذات نزعة انتقامية"، بغض النظر عن الجرائم التي تحاكم بها، لافتا الانتباه إلى كون المغرب ما يزال متخلفا عن ركب الدول التي ألغت العقوبة من تشريعاتها والتي يصل عددها 112 دولة. وذكر النشناش أن هناك 32 دولة لا تطبق عقوبة الإعدام من بينها المغرب، مشيرا إلى أن رفضه التصويت ضد العقوبة يتنافى مع استمرارها. ومن جهته، انتقد المحامي عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام استمرار التنصيص على العقوبة في القانون المغربي، معتبرا أنها أصبحت متجاوزة. وعبر الجامعي عن اتقاده بأن التشبث بالإعدام لأسباب دينية "هو نفاق"، في نظره، لأنه يجب احترام الحق في الحياة ،كما أن ما يسري على الإعدام يسري على باقي العقوبات المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية والتي لا تطبق. وقالت البرلمانية خديجة الرويسي، منسقة شبكة البرلمانيين والبرلمانيات ضد عقوبة الإعدام، إن المغرب مخل بالتزاماته الوطنية والدولية في هذا الجانب، وأن المملكة لم تصوت ضد عقوبة الإعدام خلال أربع فرص أتيحت لها للقيام بذلك. وترى الرويسي أن إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب سيؤثر بشكل إيجابي على فلسفة العقاب في القانون المغرب، وأن "إصلاح العدالة مرتبط أساسا بإلغاء هذه العقوبة الحاطة بالكرامة". وفي نفس الاتجاه، سارت مداخلة محمد بوزلافة أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق بفاس وأحد المساهمين في التقرير، معتبرا أن الإبقاء على عقوبة الإعدام لا يتناسب مع المحطات التاريخية التي اجتازها المغرب، وآخرها دستور 2011. وقال بوزلافة، إن تنفيذ العقوبة بالمملكة ارتبط بالخصوص بأحداث سياسية أو انقلابات عسكرية، مشيرا في هذا الإطار إلى أن القيام بانقلاب عام 1972 بعد الانقلاب الأول في 1971 الذي أعدم على إثره 13 عسكريا يثبت فشل عقوبة الإعدام. وأسف بزلافة لغياب إشارات واضحة بخصوص السير في اتجاه إلغاء العقوبة بعد صدور ميثاق العدالة. و خلص تقرير "رحلة إلى مقبرة الأحياء" إلى نتائج تفيد بكون "ثلثي المحكومين بالإعدام (67 في المائة) " داخل سجون المملكة "يعانون أمراض عقلية مزمنة" كان يمكن أن يترتب عنها "إسقاط أي مسؤولية جنائية أثناء المحاكمة"، متسائلا حول ما إذا قامت المحكمة في مثل هاته الحالات بإجراء خبرات طبية ونفسية لتحديد الحالة العقلية لمرتكبي الجرائم. وتوصل التقرير كذلك إلى كون "الحياة داخل عنابر الموت تفاقم ظهور اضطرابات نفسية، ولا سيما بسبب الانتظار الذي يشكل في حد ذاته موتا بطيئا"، مما يدفع نسبة هامة من المحكومين( 35 بالمائة) ، إلى "التفكير في الانتحار أو الرغبة في أن تنفذ العقوبة". وأوصى التقرير بتحويل "جميع أحكام الإعدام إلى عقوبات حبسية"، و"إلغاء تام لعقوبة الإعدام، توافقا مع الفصل 20 من الدستور" وتحسين وضع المحكومين الحاليين بالإعدام ووضع الذين يعانون منهم من أمراض نفسية في مستشفيات مختصة. ودعا التقرير كذلك إلى تمكين المحكومين المتزوجين من الخلوة الشرعية "من أجل تقوية الروابط العائلية"، وتخفيف سلوكهم العدواني، وكذا السماح للراغبين منهم في متابعة الدراسة في القيام بذلك. كما حث التقرير على إنشاء مصلحة للطب النفسي والتربية الاجتماعي للقيام بالتشخيص الطبي لحالة المحكومين بالإعدام وتوفير الدعم التربوي والاجتماعي لهم.