بعدَ أقلّ من أسبوع على إعلان عدد من قياديي حزب الاتحاد الاشتراكي، عن اقتراب تشكيل "جبهة لمعارضة الحكومة"، وذلك خلال مشاركتهم في المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها شبيبة حزب الاستقلال، احتجاجا على الزيادة الأخيرة التي طالت أسعار المحروقات، إثر تطبيق نظام المقايسة، انتقلت "المعارضة الاتحادية" من الاحتجاج على ارتفاع أسعار المحروقات إلى انتقاد تدبير الحكومة لقطاع التعليم. ففي الكلمة التي ألقاها الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في افتتاح الندوة الوطنية التي نظمها الحزبُ عشيّة يوم أمس السبت بمقرّه المركزي بالرباط، حول المسألة التعليمية، تحت شعار "إصلاح منظومة التربية والتكوين: أيّ تعليم لمغرب المستقبل؟"، وجّه الكاتب الأول لحزب "الوردة" انتقادات لسياسة حكومة بنكيران في تدبير ملف قطاع التعليم بقوله "إنّ الحكومة الحالية بعنادها المثير تدفع المدرسة والتعليم العمومي إلى حافة الانهيار". لشكر، وعلى غرار خَرَجاته الإعلامية السابقة، لعبَ على وتر التوجّه الإيديولوجي لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، متّهما إياه بالسعي إلى تعطيل تحديث وعصرنة التعليم العمومي، "لأنّ وصول الإصلاح التربوي إلى مُبتغاه التحديثي لن يخدم في الأمد البعيد المشروع الارتدادي لحزبها الأغلبيّ"، على حدّ تعبيره. وأضاف لشكر قائلا "لقد سعت الحكومة إلى الإجهاز، في ظرف وجيز، على ما تبقّى من إصلاح، واستطاعت أن تزرع في جسم المنظومة التربوية كثيرا من الألغام والأوهام، وتُقحم في هذا القطاع حالة وسواسية لا علاقة لها بروح التربية والتعليم، واستطاعت أن تزجّ به في نمط غريب من التدبير الأخرق المتسلط، العابث بالمكتسبات، والمستهتر بأبسط ضوابط الحكامة في كل سياسة عمومية". وزير التربية الوطنية، الاستقلالي سابقا، واللا منتمي حاليا، محمد الوفا، طالتْه بدوره، إلى جانب رئيس الحكومة، شظايا انتقادات لشكر، عندما قال "الشعب المغربيّ يستحق مدرسة أفضل بكثير من هذه التي توجد اليوم، والتي هي رهينة بين يدي رئيس الحكومة، ووزيره المستعار المكلف بالتدبير المشوّه لقطاع التعليم". وبما أنّ وزير التربية الوطنية السابق، الحبيب المالكي، المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي كان يجلس إلى جوار لشكر على المنصّة، فقد اغتنم هذا الأخير الفرصة ليعقد مقارنة بين الفترة التي تولى فيها وزراء الحزب مسؤولية تسيير قطاع التعليم، وبين الفترة الحالية، قائلا "نحن عندما تحملنا مسؤوليتنا في ورش إنقاذ المدرسة المغربية، ومن خلال وزرائنا الذين تحمّلوا المسؤولية في هذا القطاع، توخينا أن يتجه هذا الورش نحو إعادة حقيقيّة لبناء منظومتنا التربوية، بما يجعلها مستجيبة لمتطلباتنا التنموية والحضارية، ومتلائمة مع التطورات التي تجري في مجتمعنا وفي العالم من حولنا"، قبل أن يلتفت إلى المالكي، ويذكّر أنه "كان سبّاقا إلى إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، إثر اتفاقية شراكة بين الوزارة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حتى قبل أن ينصّ الدستور على كونها لغة رسميّة". وبخصوص الاقتراحات التي يطرحها الاتحاد الاشتراكي لإصلاح المنظومة التربوية والتعليمية، قال لشكر، إنّ أفضل سبيل للإصلاح هو "الخروج من منطق التوافق إلى سلطة التشريع، وذلك عبر خلق قانون إطار، يحدّد التوجهات الكبرى والإستراتيجية للقطاع، على غرار مدوّنة الأسرة. وعلى الرغم من أنّ الندوة كانت مخصّصة لمناقشة وضْع التعليم، إلاّ أنّ الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي لم يترك الفرصة تمرّ، دون "تقطير الشمع" على حكومة بنكيران، إذ استهلّ كلمته بالقول إنّ الندوة تنعقد في "ظل ظرفية سياسية متأزّمة وأوضاع اقتصادية واجتماعية متفجّرة".