نابت جمعية باحثي وباحثات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن عمادة هذه المؤسسة في إطلاق النار على الوزير الاستقلالي المكلف بحقيبة التعليم في حكومة بنكيران، على خلفية «تعثر» تدريس الأمازيغية في المنظمة التربوية. وسجلت الجمعية، في رسالة وَجّهت نسخة منها -مكتوبة بحرف «تيفيناغ»- إلى وزير التربية الوطنية، «استمرار تراجع تدريس الأمازيغية في عدد كبير من المدارس التي كانت تدرس فيها منذ 2003»، وهو التاريخ الذي تم فيه توقيع اتفاقية بين مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية، التي كان الوزير الاتحاد الحبيب المالكي على رأسها. وقد تقرر طبقا للاتفاقية ذاتها أن يكون تعميم الأمازيغية في المنظومة التربوية بالتدريج، لكنْ مع إقرارها مادة إجبارية في جميع مراحل ومستويات التعليم، في أفق تعميمها سنة 2011. وظهر أن تحقيق تعميم الأمازيغية ما زال بعيدا في قطاع التعليم في المغرب، وتوقف إدراجها في التعليم الإعدادي والثانوي «بدون مبرّر»، ولم تُدرَج ضمن برامج التكوين في مراكز تكوين المُدرّسين، وفق ما أوردت جمعية باحثي مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والتي لاحظت «وجود تلكؤ في عملية كتابة واجهات المدارس والمؤسسات التعليمة بالأمازيغة، والقيام بذلك في بعض الحالات بطريقة مرتجلة لا تحترم قواعد كتابة هذه اللغة، بسبب عدم استشارة الجهات الرسمية». وأعلن الوزير الاستقلالي محمد الوفا جعلَ مليون تلميذ يستفيدون من اللغة الأمازيغية خلال السنة الدراسية الحالية. وقالت جمعية باحثي معهد الأمازيغية إنّ هذا القرار لم يرافقه توفير الموارد البشرية اللازمة لإنجاح هذه العملية، وتهيئ الشروط وتخصيص الإعتمادات والوسائل المطلوبة لتحقيق هذا المشروع، ما أدى إلى تعثره الدائم، «بل وتراجعه في العديد من المناطق»، حسب الرسالة التي تُظهر، بطريقة غير مباشرة، أنّ «لعنة» الخلفيات السياسية والحزبية ظلت تطارد الأمازيغة في قطاع التربية الوطنية، منذ اتخاذ قرار إدماجها «الهادئ» في المنظومة التربوية. ووقع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، منذ إحداثه، عددا من الاتفاقيات مع قطاعات وازنة، منها قطاع الداخلية، التربية الوطنية، البريد والعدل، أقطاب الإعلام العمومي ووزارة الإتصال.. لكنّ عددا من هذه الاتفاقيات ظلت «حبرا على ورق»، وفق بعض المصادر، فيما فضّل مسؤولو المعهد الابتعاد عن شؤون «السياسة»، و»الانغماس» في البحث الأكاديميّ. وأشارت جمعية باحثي مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى أنّ الأساتذة الذين استفادوا من دورات تكوين لتدريس اللغة الأمازيغية، والذين وصل عددهم في نة 2003 إلى 14 ألف مدرّس، لم يتمكنوا من مزاولة مهامهم. وحسب الرسالة ذاتها، فإن 5 آلاف منهم فقط هم من يمارسون التدريس، وضمنهم 385 أستاذا متخصصا لا غير.. «والغريب في كل هذا أن مجموعة من الطلبة الأساتذة غير الناطقين بالأمازيغية يتم توجيههم للتخصّص في تدريس الأمازيغية»، وهو ما اعتبرته الجمعية «سلوكا تمييزيا في حق الأمازيغي»ة. وعادة ما ينتقد نشطاء الحركة الأمازيغية كلا من حزب الاستقلال والعدالة والتنمية بسبب مواقفهما «العدائية» تجاه هذه القضية. وكانت تصريحات سابقة لكل من عبد الإله بنكيران، في عزّ الحملة الانتخابية النيابية الأخيرة، قد أثارت موجة من الانتقادات في صفوف الحركة الأمازيغية، بعدما اعتبرت عدد من الفعاليات أن تشبيهه الأمازيغية ب»الشينوية» يُظهر «الاحتقار الذي يُكنّه جزء من الحركة الإسلامية للقضية الأمازيغية».. وأقرّت بعض الجامعات مسالك لتدريس الأمازيغية، وتخرّج منها طلبة، ومنهم من وصلوا إلى سلك الماستر، لكنهم بغد مغادرتهم أسوارَ الجامعات لم يجدوا أيّ فرصة للشغل في سلك التدريس، باعتبارها المهمة الأساسية التي من أجلها تم تكوينهم في الجامعة، في وقت تتحدّث وزارة التربية الوطنية عن أنّ نقص الموارد البشرة يُعدّ من أبرز المشاكل التي تواجهها الوزارة من أجل إنجاح تدريس الأمازيغية. ونصّ الدستور الجديد للمغرب على أنّ الأمازيغية أصبحت «لغة رسمية للدولة»، فيما تخصّص وزارة التربية الوطنية ثلاث ساعات كحصة لها، ما تعتبره جمعية الباحثين في معهد الأمازيغة «مرا غير مقبول»، بالنظر إلى الوظائف المنتظَرة من الأمازيغية في مختلف المرافق العمومية، في ظل انتقالها إلى لغة رسمية للدولة.