هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع الفكر الانقسامي العربي
نشر في هسبريس يوم 28 - 09 - 2013


نظر في الأسباب وبحث عن مخرج
أكد صعود الثقافة الغربية وامتداد تأثيرها العالمي منذ القرن الثامن عشر الهوة التي تردت فيها الثقافة العربية الإسلامية سواء من حيث عجزها عن تطوير آلياتها المعرفية داخليا، أو عن مواكبة المستجدات والتمكن من استيعابها ، وكان نجاح الغارات العسكرية الاستعمارية في السيطرة على أقطار العالم الإسلامي مجرد تأكيد انسحاب الثقافة العربية الإسلامية عن هموم عصرها وإشكالاته.
ورغم المحاولات العلمية والتصنيعية والعسكرية لكل من السلطان محمد بن عبد الله (1) في المغرب و محمد علي في المشرق( 2) ،إلا أنها جاءت متأخرة وسطحية لم تصل إلى العمق الثقافي فتطوره وتمده بسباب القوة والتجدد الذاتي، لذلك أتت المجهودات المتواصلة محدودة النتائج ، فتمكنت التدخلات والضغوط الأجنبية من إجهاضها من دون كبير جهد وسقطت البلاد العربية والإسلامية أمام الغزو الخارجي.
وتصاعدت خلال النصف الأول من القرن العشرين حملات الجهاد والمقاومة، وتبلورت تدريجيا في مواجهة احتلال أقطار العالم الإسلامي، ثم في محاولة استكمال التحرر تيارات وأحزاب وجمعيات ذات خلفيات متعددة ومرجعيات متضاربة ما لبثت أن وجدت نفسها تخوض غمار صراعات إيديولوجية وسياسية حادة، كان أحد تمثلاتها الصدام الحاد بين التيارين الإسلامي والعلماني.
وغنى عن البيان أن كلاهما ( التيارين الإسلامي والعلماني ) يضم داخله اتجاهات متباينة ومتناقضة، فالتيار الأول يضم اتجاهات صوفية وسلفية وحركية... إلخ بينما الثاني فيضم اتجاهات شيوعية واشتراكية وليبرالية وحتى قومية...
وكل اتجاه وتيار يصبغ قضايا الثقافة والسياسة والاجتماع بصبغته الخاصة عاملا جهده في الأغلب الأعم على إقصاء باقي الأطراف المكونة للمجتمع حتى أصبحت قضايا الثقافة والاجتماع والسياسة عبارة عن أطروحات وأطروحات مضادة، وكل أطروحة تقدم نفسها بديلا عن غيرها، فانتشرت ثقافة " البديل " وأسلوب الاستقطاب عوضا عن ثقافة " التعايش " وأسلوب الحوار.
وطفق كل تيار، بل كل فصيل داخل التيار يبحث باستمرار عما يمكن به وبواسطته إضفاء نوع من الإطلاقية على أطروحاته وخياراته – حتى المرحلية منها – في مواجهات فكرية، سجالية، انتحارية...
فاحتج هؤلاء بما ظنوه وحده هو الإسلام وأحكام الشريعة، واحتج الآخرون بما حسبوه حتميات التاريخ وحقائق العلوم( 3) وندر في القوم من يميز بين الثوابت والمتغيرات مما في أيدي هؤلاء وأولئك من الأدلة والحجج، فإن قام قائم لبيان الخلط في خطاب بعض " الفرق " أسكت وهمش، فإن لم يتهم بكفر أو فسوق من طرف هؤلاء أو برجعية و ظلامية بتطرف وإرهاب فكري من طرف أولائك ، فليحمد الله.
وأضحت العناوين والمسميات بذاتها مقياسا للتفاضل عوض الفعل وشرعية الإنجاز ، فالهدف هو التغلب على "الخصم" لا تنية البلاد ، وهذا ما جعل بعض التيارات تقوم بحملات مستمرة تحرض فيها المجتمع ضد بعض مكوناته (4) ، وتعبر عن ارتياحها لتصفية منافسيها الإيديولوجيين على يد حكام مستبدين أو قضاء فاسد ، ومن طبائع الأمور أن تزيد هذه الأوضاع من مظاهر التمزيق والتفتت الذاتي وهدر الطاقات وتضييع الجهود ، وتهديد السلم الاجتماعي ، فلا الخصم قد أبيد ولا البلاد إلى نماء.
ومنذ فوز "فصيل سياسي معلوم " (5) في الانتخابات المصرية طفق كثير من "المحللين" من التيارات المعارضة لما سمي ب"الإسلام السياسي " ينعون على الشعوب ما أسموه بتقديس صناديق الاقتراع ف"الديمقراطية لا تخرج بالضرورة من صناديق الاقتراع ...لأن الشعب ليس معصوما من الخطأ وقد يرتكب فداحات في حق مصيره " (6) ولم يكلف "خصوم الصناديق" أنفسهم عناء طرح بديلهم للانتخابات كآلية إجرائية لرصد الإرادة العامة وقياس الأغلبية والأقلية، بل سعوا عبر وسائل متعددة إلى فرض وصاية على الشعوب فيما تفرزه صناديقها ، فهي ما دامت "غير معصومة من الخطأ" فمن "الحكمة " مصادرة إرادتها وسجن زعمائها وتقتيل مناضليها دون شعور بحرج كبير أو صغير، ويظل كل ذلك مقبولا ، بل مطلوبا في نظر كثير من "الحداثيين جدا " أو "السلفيين جدا " الذين وجدوا أخيرا ما يوحدهم ، إنه التنفير من الديمقراطية والديمقراطيين ، فهي والعياذ بالله قد أفرزت فيما مضى قادة فاشيين ونازيين ارتكبوا الفظائع وسفكوا الدماء (7) ، وهكذا يتحد النفير لإحداث التنفير ، وإن اختلفت الشعارات والنعوت والإيديولوجيات .
نعم ليست الديمقراطية فقط هي حكم الأغلبية ،بل هي أيضا تداول على الحكم و فصل للسلطات واحترام للحريات ،وضمان لحقوق الأقليات ، وإقرار للمساواة ، وتكافؤ للفرص ، وتحرير للإعلام ..، لكن معارضة المعارضين ل"التوجه السياسي المعلوم " لم تنبني على هذه المفاهيم السياسية الراقية ،بل على هوية من أفرزته الصناديق ، وكيف أنه لم يكن من " قبيلتنا " ولا من "عشيرتنا" المقربة بل من" تيار سياسي معلوم " مما يجعل العاقل مشدوها أمام هذا الكم الهائل من الكراهية والتعصب(8).
إنه مها كان موقفنا من قناعات مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وخياراتهم الفكرية والإيديلوجية...فذلك لا يبرر أبدا التنكر للديمقراطية ونسف أدواتها حبا لطرف أو كراهية لأخر ، فذلك فضلا عن أنه تنكر لأحد المبادئ الإنسانية المشتركة ، هو أيضا لعب بالنار قد يدخل المجتمعات في دوامة من الإقصاء والإقصاء المضاد ،والعنف والعنف المضاد ، من دون أن ينتبه الخصم في غمرة صراعه مع خصمه أنه يقدم له من السوابق والمبررات ما يضفي به المشروعية على إلغائه هو الآخر ومصادرة حقوقه .
ولقد برهن الكثير من" الحداثيين" و"العلمانيين " بعد الإنقلاب على الديمقراطية في مصر عن قدرات فائقة في توظيف الحداثة والعلمانية لغير ما جعلا له ،فنافسوا بذلك مختلف أصناف ( المتطرفين الذين يستعملون الدين لأغراض سياسية ) (9) بل تفوقوا عليهم بكثير (10) حينما تجاهلوا قتل" خصومهم " السياسيين والإيديلوجيين بالطائرات فوقهم ، وبالقناصة على الأسطح ، بل منهم من حث على ذلك وبرره ، ففقدوا بذلك كل مصداقية للحديث باسم الحداثة وحرية التعبير أو عنهما .
وعلى الرغم من وجود أرضيات مشتركة فعلية قد تمهد – إن أحسن توظيفها - لتشكيل مشاريع عمل حقيقية تطور واقع الإنسان وترفع من مستواه ، إلا أننا غالبا ما نجد غض الطرف عنها والاكتفاء بأن يبني كل طرف أطروحاته على أساس المفارقات التي تميزه عن غيره عوض بناءها على أسس الموافقات التي تجمعه به.
ولا يخفى أن المواقف لا بد وأن تتقاطع في نقاط وظروف عديدة، فقد يلتقي السلفي مع العلماني في مواجهة الفلسفات العرفانية ورفض تقديس الأشخاص أو أقوالهم... ويكون العلماني في ذلك أقرب إلى السلفي منه إلى الصوفي.
وقد يلتقي الصوفي مع اليساري في مقاومة النمط الاستهلاكي وتنامي نفوذ الشركات الرأسمالية الأجنبية، وقد يلتقيان في الدعوة إلى مضمون "الزهد" أو "التقلل"... وقد يلتقي الإسلامي مع الاشتراكي في مقاومة السيطرة الغربية... لكن ذلك التقاطع وتلك اللقاءات لم تؤسس على قواعد فلسفية تاريخية جامعة تمكن من بناء أنساق فكرية جديدة ومبدعة تجاوز التناقض القديم إلى تناقض جديد يطور الوعي وينضج فلسفات أو مذاهب أو مجرد رؤى جديدة انطلاقا من أسئلة جديدة ومن قيم واضحة المعالم .
وهكذا فالثقافة السجالية التي تحكم حاضرنا قد أثبتت أنها عاجزة عن النهوض بالأمة، لكونها لم تقم في الأصل بغية الإجابة عن أسئلة راهنها، بل بغرض كسب المواقع و إفحام الخصوم (11)، فكل تيار قد رأى النهضة من خلال ما يحققه على جبهة الحرب ضد خصومه في التيارات الأخرى، لا من خلال ما يبنيه معهم ،وكثيرا ما يبرهن أصحابه عن نزاهة مواقفهم ومشروعية أطروحاتهم من خلال " المفاصلة " مع الآخر أو تخوينه أو ترهيبه (نسبته إلى الإرهاب)... مما أدى إلى انحراف المشاريع الفكرية والثقافية في الأوطان العربية وجعلها تدور في دوائر مغلقة غائبة عن تحديات واقعها .
إن داء الإقصاء في أوطاننا قديم ، وهو موجود في كتابات وتنظيرات التيارات العلمانية والإسلامية على السواء، وكل يجد في انحراف الآخر ما يبرر له انحرافه ، وفي تعصب الآخر ما يقوي به موقفه ، وفي هذا الجو المشحون، تتكاثر نزعات تحويل الجسور إلى سدود تفرق وتمزق ، وتتحول وسائل اللقاء إلى أسلحة للحرب ، ففكرة الديمقراطية نفسها وجدناها توظف منذ أواسط القرن الماضي سلاحا في النزاع لا جسرا للقاء ، وتم وضع الناس أمام واقع "الثالث المرفوع" بحيث لا مكان إلا لخيارين اثنين لا ثالث لهما:إما الدين وإما الديمقراطية ،مما سبب نفورا شديدا من الديمقراطية و"أصولها الوثنية" عند بعض المتدينين، ونفورا مماثلا من الدين و" مقولاته التقليدية " عند كثير من الديمقراطيين، وأدى إلى تقسيم المجتمع إلى إسلاميين وديمقراطيين (12) ،كأن ليس بالإمكان أن يكون الفكر والنظر ديمقراطيا وإسلاميا في الوقت ذاته ،أو حداثيا إسلاميا ،أو مدنيا إسلاميا...
وما يصدق عن فكرة الديمقراطية يصدق على غيرها من المقولات والمنظومات الفكرية كالحرية ،والتعددية، والحق في الاختلاف،والانفتاح ...بل كثيرا ما يتم التلاعب بهاته المفاهيم فتصير الفوضى "حرية" ، والإساءة إلى المجتمع " حقا في الاختلاف" ،والاختراق الثقافي" انفتاحا "- بحسب موقع الشخص ضمن السياق السجالي- ،وقد تسمى الإباحية "تحررا "،والإقصاء "علمانية"، والإفساد "نضالا "،والثبات "جمودا "... وهلم تلاعبا بالكلمات وتمييعا للمفاهيم .
والحصيلة أن أغلب التيارات الفكرية في العالمين العربي والإسلامي رغم تقاطع اهتماماتها، وتقارب كثير من أطروحاتها لا زالت تعاني حالة القطيعة والإقصاء المتبادل(13)، فإن حدث حوار فهو من أجل الإقناع والاستقطاب لا من أجل التثاقف و الاستفادة المتبادلة.
بحث عن أسباب القطيعة:
1-أسباب سياسية (طبيعة المسار الحزبي)
2- أسباب اجتماعية (طبيعة المسار القبلي)
3-أسباب تواصلية (شكل التطور اللغوي)
4-أسباب خارجية (دعم فكر التفتيت)
1-أسباب سياسية: (طبيعة المسار الحزبي)
يتعين الإقرار بأن الكيفية التي تطور وفقها الفكر الحزبي في العالم الإسلامي، والبلاد التي خضعت لحكم الاستعمار عموما، ساهمت في تطور هذا النمط من الصراع، إذ من المعلوم أن النظام الحزبي عندنا مأخوذ في مجمله من النظم الغربية، حيث تسعى الأحزاب إلى التأثير في أصوات الناخبين من أجل الوصول إلى السلطة، غير أن الأحزاب التي ظهرت هناك منذ منتصف القرن الثامن عشر، وإن كانت تنظيمات تتحرك على الصعيد الوطني من أجل الحصول على دعم شعبي في اتجاه الوصول إلى السلطة وتطبيق سياساتها، إلا أنها إنما تترجم رغبات جزء من الشعب،لا كل الشعب ، وتقدم نفسها للناس على هذا الأساس.
ولفظ الحزب في الإنجليزية والفرنسية يأتي من لفظ الجزء أو القسم ،وهو يشير إلى أن قسما من المواطنين ينتظمون في هيئة معينة تحمل مبادئ اجتماعية واقتصادية معينة تنسق جهود الأعضاء للوصول إلى الحكم وتحقيق ما يتلقون عليه من أهداف سياسية أو أغراض اجتماعية. (14)
أما النظام الحزبي الذي عرفته البلاد الإسلامية فهو لم يكن من نوع ما عرف في الغرب من جهة نوع التمثيل؛ لأنه إنما قام متعلقا بمقاومة الاحتلال الأجنبي وباستقلال الوطن ، فالحزب يمثل مجموع الأمة لا بعضها، وهكذا نشأ الحزب في الغرب مشخصا لجزء من الأمة، بينما نشأ عندنا مشخصا لمجموع الأمة، مترجما لإرادتها في النضال والتحرر، وبهذا نفهم نشأة حزب الوفد المصري، وحزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وكذلك حزبي المؤتمر والرابطة الإسلامية في الهند،(15) إن الحزب هنا لا يستهدف تداول السلطة لأنه هو السلطة، وهو المعبر عن إرادة مجموع الأمة لا عن إرادة جزء منها فقط، و بمرور الزمن نشأت تيارات وأحزاب جديدة لها نفس الأهداف التحررية، ونفس التمثيلية، مما فتح الباب أمام صدامات كثيرا ما كانت دامية.
والنتيجة أن الجهد الحزبي عندنا في الأقطار الإسلامية يتوزع على واجهتين اثنتين؛ واجهة مشخصة لآمال الأمة في مجموعها، تناضل باسم جميع الفئات الاجتماعية قصد التحرر أو استكمال التحرر وتحقيق النهضة، وواجهة أخرى مشخصة لجزء من الأمة فقط، فهي داعية لتصورات هذا الجزء وخياراته، ومدافعة عن أولوياته.
وكثيرا ما تم تجاهل هذا التمايز بين تمثيل الجزء وتمثيل الكل، فأدى ذلك إلى فرض قناعات الجزء على الكل، وأدخل المجتمع في غمار صراعات مستمرة .
ومتى تم الوعي بحقيقة تمايز هذين المجالين أمكن الاعتراف بالتعددية وبنسبية التمثيل وبحق التيارات السياسية المخالفة في الوجود اعتبارا من أنها تترجم خيارات جزء من المجتمع وليس بالضرورة خيارات كل المجتمع.
2-أسباب اجتماعية:(طبيعة المسار القبلي)
بالنسبة لبعض الباحثين ، فإن تعرض المدينة العربية لسيل الموجات البدوية المتتابع، قد ترك في تكوين المجتمع العربي وبنيته من الآثار والترسبات ما يعزز فكر الصدام والقطيعة بين الفئات الاجتماعية.
فبالنظر إلى كون القبيلة هي الوحدة الاجتماعية الأساس في المحيط البدوي، فإنها بانتقالها إلى صلب مجتمع المدينة تجلب معها نزاعاتها وعصبياتها وتسقطها على العمل المهني والحزبي وكل أنواع العمل الحضري،(16) وبمرور السنوات يشكل ذلك خلفيات ومرجعيات العقل العربي، فيؤثر فيه ويوجهه وجهة سجالية طائفية، إذ القبيلة بعكس الإقطاعية الزراعية في المجتمع الأوربي أو الياباني، تميل بطبيعتها إلى المزيد من التشرذم حيث تتحول القبيلة إلى عشائر، والعشائر إلى بطون و أفخاد متنافسة، بينما تنضم الإقطاعية الزراعية إلى إقطاعية أخرى لتكون نواة الدولة الموحدة كما حدث في أوربا أو اليابان(17) والنتيجة أن عمق وجود النزعة القبلية وتجدرها في نسيج العلاقات الاجتماعية في المناطق العربية والإفريقية ومناطق آسيا الوسطى ، قد أصبحت له انعكاسات على معظم مؤسسات الدولة العسكرية والسياسية، وأصبح الحزب، وكذلك الإيديولوجية والمذهب... إطارا جديدا تجدد فيه القبلية نشاطها،وتنفخ فيه روحها.
3- أسباب تواصلية (شكل التطور اللغوي)
كما أن للتطور الحزبي ولطبيعة المسار القبلي أثره في توجيه الصراع، فإن للجانب اللغوي أيضا مفعوله الذي لا يقل أهمية، ذلك أن الخلل في التواصل وفي تحديد المفاهيم يساعد على خلق المشاكل المزيفة، فعدم الاتفاق على قاموس موحد ومرجعية لغوية معرفية للخطاب ومرتكزاته يحول الحوار إلى حوار للصم البكم يكون المستمع فيه منجذبا إلى ما يسمعه في داخله، وليس إلى ما يقوله خصمه، ويكون فيه المتكلم يناجي نفسه حينما يتكلم، ومصدر الزيف في كل هذا أن المتكلمين في الإشكال الواحد لا ينهلون من قاموس واحد، ولا يفهمون من الألفاظ نفس المعنى(18) والسبب في ذلك يرجع إلى ازدواجية النظم التعليمية من جهة (19)، وإلى ما يستتبع هذه الازدواجية من عجز عن تحقيق بناء معرفي ثقافي موحد ومنسجم يمكن المجتمع من رصد الوجهة و تحديد أرضية الانطلاق (20) لذلك كثيرا ما رأينا المتحاورين في شأن تحكيم الشريعة مثلا،أو ثباتها، أو قابليتها للتطور تتناقض مواقفهم وتتضارب اتجاهاتهم، لا بسبب طبيعة الشريعة في ذاتها، بل بما يعتري هذا المصطلح من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد، بحسب مفهوم كل طرف وبحسب قاموسه ومرجعياته المعرفية.
فالبعض يحصر الشريعة في القطعيات التي لا تتبدل ولا تتغير كتحريم الخمر والزنا ووجوب العدالة والأمر بالمعروف... فهي بهذا لا تتطور "لأنها تخص الجانب الثابت من الحياة الذي لا يتبدل بتبدل الزمان ولا المكان".
والبعض الآخر يجعلها شاملة لمذاهب الفقهاء وآرائهم في حل إشكالات عصورهم وفق ما تتطلبه بيئاتهم المختلفة، فهي عند هؤلاء متطورة تطور الحياة متبدلة بتبدلها، ولكل من المفهومين أثر معين في توجيه الحوار، وبهذا فقد يتحدث الجميع عن الشريعة وإمكانية تطبيقها في الواقع من دون أن يتناولوا أبدا نفس المفهوم.
ويستطيع الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية بيسر أن يحرر لوائح طويلة من هذا القبيل، ويضم إليها مصطلحات من مثل: التراث، والسلفية، والعلمانية والأصولية، والديمقراطية ، والتصوف، والقانون الوضعي، والدولة الإسلامية، والحكم الديني،... إلخ. (21)
4- أسباب خارجية (دعم فكر التفتيت)
لا تعيش البلدان العربية بمعزل عن بعضها، ولا بمعزل عن المتغيرات السياسية والثقافية والفكرية في العالم ، فسيول لا تتوقف من المعلومات والمفاهيم والمذاهب والإديلوجيات والصور.. تلج المجتمعات العربية من مداخل شتى ، فيها كثير مما هو باد نفعه ،وكثير مما هو باد ضرره، وبين هذا الصنف وذاك،توجد أصناف لا حصر لها تتدرج في القرب من أحد الطرفين والبعد من الآخر، وليس يصلح اليوم سد الأبواب وإقفالها ، وليس هذا بممكن حتى لو صح .
إن كثيرا من الأفكار والمعتقدات والتوجهات الإنسانية الرفيعة لما كان يخلص لها أصحابها فإنهم يسعون إلى نشرها عالميا بقلب خالص وضمير نقي - أو شبه نقي - ابتغاء الرقي بالإنسانية وتحسين أحوالها، لكن في المقابل هناك من الأفكار والإيديولوجيات ما هدفه اختلاق نزاعات وصنع أزمات بغرض الضغط بها على الشعوب وزعاماتها السياسية والفكرية، ومن أساليب الضغط توظيف المعطيات الفكرية والاجتماعية والمذهبية والسياسية داخل الأقطار العربية لخدمة مصالح خارجية استراتيجيه أو ظرفية ، وكثيرا ما يرى هؤلاء المتدخلون الخارجيون ( وهم كثر) أن مصالحهم تقتضي دعم مظاهر التفكيك واستدامة عوامل التمزيق وإثارة النزعات العرقية والثقافية والمذهبية وضرب المشترك الاجتماعي والوطني والإقليمي تحت مسميات "الثقافة الشعبية "و "حرية الإبداع " و"التعددية"...وكثيرا ما يلقى هذا " الدعم " صداه داخل المجتمعات الفقيرة ماديا و معنويا فتتشكل مجموعات "إعلامية" و"حقوقية " و" ثقافية " هدف تشكلها –و المعبر عنه أحيانا بوضوح - هو مد اليد للخارج، وتستخدم المجموعات المشكلة في ضرب المقومات المشتركة فيما بين الأقطار العربية وداخل كل قطر عربي على حدة عبر محاور ثلاث متكاملة :
المحور اللغوي : التبشير بالعاميات واللهجات المحلية بصفتها البديل الموضوعي للغة المشتركة المحققة للانسجام الاجتماعي والإقليمي .
المحور العرقي : إثارة الكراهية والأحقاد بين المجموعات العرقية المكونة للنسيج الاجتماعي واستدعاء الأحداث التاريخية لتوظيفها في نزاعات مصطنعة بين الهويات "الغازية" والهويات "المغزوة" أو الهويات" المسيطرة" والهويات" المسيطر عليها" أو الأقليات والأكثريات ....وهلم تمزيقا وتشتيتا وإثارة للضغائن.
المحور الديني الطائفي : استثارة المشاعر الدينية وجر المجتمعات إلى صراعات جانبية تلهيها عن مواجهة مشاكلها الحقيقية وفي هذا الاتجاه تبرز عدة قضايا مصطنعة من مثل ( إعلان الإفطار في رمضان ،الإباحية الجنسية ، المثلية الجنسية ،الصراع السني الشيعي ،والنزاع السلفي الصوفي ،والتنافس المشرقي المغربي.......) وتوجيه كل ذلك لإثارة صراعات تزيد من تفكيك المجتمعات وتفتيتها .
بهذه الطريقة يتم استخدام الجزء لضرب الكل، والضارب خارج الوطن والأداة داخله، تفكك وتعيد التفكيك تبعا لرغبات الاستعباد والاستبعاد في الخارج .
ولا يكون بحثنا عن أسباب القطيعة موفيا حتى نضم إلى ما ذكرنا سببا آخر لعله الأكبر تأثيرا في إحداثها ( أي إحداث القطيعة) وهو السبب الأخلاقي ، وهو لخطورته يتفلت عن كل تصنيف و يتمدد إلى غيره من الأسباب تمددا غير منتظر، فيضيع البوصلة ويشتت الجهود، ذلك أن من سمات الحياة الاجتماعية السليمة وجود الخلاف والاعتراف به وتدبيره ، سواء كان الخلاف في الدين أو المذهب أو الرأي، أو حتى بين المصالح المتباينة، المشكلة حينما تتراجع القيم المشتركة فتهمش وتحاصر ،هنا بالذات يتمدد وباء التعصب والإقصاء إلى سائر النشاط الاجتماعي فيصيبه بالوهن والفتور و يغير من طبيعته ومساره، فإذا الحوار جدال يثير الضغائن ،وإذا الإخلاص للدين أو للمذهب رفض وانغلاق ،يؤدي ذلك إلى الهروب من ساحات العمل الجاد والاستعاضة عنها بالعنف والعنف المضاد ،والحقد والحقد المضاد ، فتحدث القطيعة التي لا بد من حدوثها .
بحث عن مخرج:
ليس المطلوب إذن إلغاء الخلاف والتناقض ولا إخفاؤهما والتعتيم عليهما ، فذلك فضلا عن أنه غير ممكن وغير عملي، فإنه أيضا سعي إلى إفقار الثقافة وحذف التحديات اللازمة لتطورها وتجددها من حيث قد يظن أن في ذلك توحيدا لها وتقوية لأركانها. (22)
إن المطلوب بالذات هو الاعتراف بحق الاختلاف والتسليم بوجود التناقض والحفاظ عليه في إطار من التعددية يضمن لجميع الأطراف حق التعبير عن آراءها والإبداع من خلال تلك الآراء، فالتناقض بما يحدثه من تحديات تطرح نفسها بحدة على الواقع السياسي والاجتماعي في البلاد العربية والإسلامية هو شرط الإبداع والابتكار.
والحاصل أن فرض سياسة أو توجه أو فكر بقوة الترغيب أو الترهيب بقدر ما هو مفقر للثقافة وللفكر عموما، هو إيذان بانخراط المجتمع في صراعات ذاتية عقيمة قد تؤول إلى حروب أهلية لا مبرر لها.
ومتى تم الاعتراف بالتناقض بصفته تعبيرا عن الاختلاف داخل وحدة أكبر ، وعن أجزاء داخل كلية فكرية أو حزبية ، أو وطنية ...كان الطريق ممهدا للاستفادة المتبادلة دون خوف من اتهامات بالإنسياق وراء "دعاوى الخصوم" أو "تعزيز صفوف المعسكر المعادي" أو غير ذلك من الاتهامات السجالية التي لا تستهدف الحقيقة في ذاتها أو حل الإشكال المطروح واقعيا بقدر ما تستهدف الانتصار للمذهب أو للحزب أو للقبيلة أو للعرق أو حتى لشخص الزعيم.
ينبغي إذن التحرر من وهم الاعتقاد بأن انتشار إيديولوجية معينة وسيطرتها على الإيديولوجيات والمذاهب الأخرى بالاحتواء أو العنف والإقصاء من شأنه أن يحقق "الوحدة الثقافية" أو "الذات الحضارية" أو "التقدم" أو غير ذلك من الشعارات التي قد تترجم أحيانا إلى قرارات "محاربة الرجعية" و"استئصال التطرف" أو "القضاء على اتجاهات التغريب والبدع".
فتنميط المجتمع يتطلب تسطيحه وقتل مبادرات أفراده وأفكارهم وأخطائهم التي منها يتعلمون.
إن المسألة ليست في أن تكون شاعرا بأنك على الحق وأن الآخرين على الباطل، وأن السبيل الذي أنت به مقتنع هو السبيل الأقوم الأسلم لجميع الناس أو بعضهم ، المسألة هي كيف ستتمكن من المساهمة من جانبك في حل المشكلات؟... فيقينك بأنك على الحق وأن الآخرين على الباطل ، إنما هو نصف الطريق ونصفه الآخر حرية الناس في الحفاظ على خياراتهم الخاصة والدفاع عنها والدعوة إليها ما لم يعملوا على مصادرة حق أحد أو تضييق حريته أو الإساءة إلى أفكاره وقناعاته، لا يمكن لأحد أن يسهم في حل مشكلات واقعه ما لم يقتنع تماما بأن المخالف في الرأي والمذهب والمعتقد له الحق في أن يعيش على مخالفته، وأن تغييره لا يكون إلا بإرادة داخلية ، وهكذا ينبغي أن يرتقي الإنسان إلى درجة أعلى حتى يحقق معاني ﴿لا إكراه في الدين﴾ (23) .؟
على أنه ينبغي التأكيد أن اللاإكراه والتعددية لا يعنيان التقاعس عن مواجهة الباطل ودعاوى الفساد والانحراف والجمود ، بل هما ما يضمن تلك المواجهة بما يثيران من استفزاز للوعي وإثارة لردود الفعل في مواجهات علمية وفكرية سلمية تعمم المعرفة وترفع وعي الناس وتوجه انتباههم، حتى إذا استشعر دعاة " الباطل" شذوذهم عن المسار العام للمجتمع عملوا على تعديل آرائهم ومواقفهم بما لا يتنافر مع مطالب مجتمعهم، وكان ذلك هو المطلوب، وهو خيارهم الأول.
وخيارهم الثاني أن يستمروا في المحافظة على آرائهم – رغم شذوذها في رأي الأغلبية – ويناضلوا من أجلها سلميا، وهو خيار آخر مطلوب، وقد يميل البعض منهم – أو جميعهم – إلى خيار ثالث يتضمن فرض الرأي بالإقصاء أو الاحتواء، أو الإستقواء بالخارج... أو في مرحلة متأخرة بالقوة والعنف، آنئذ يجب أن تتكتل جهود دعاة التعددية واللاإكراه مهما تباينت تياراتهم الفكرية والسياسية والدينية في مواجهة دعاة الباطل، لا بصفتهم يعتقدون أو يدعون إلى ما يراه الآخرون في معتقدهم باطلا، بل بصفتهم الإكراهية حيث ممارستهم لأساليب القوة والإقصاء والعنف،أو بصفتهم القانونية حيث خروجهم عن مقتضيات النظم القانونية والدستورية.
فحرية التعبير لا تعني أبدا ولا ينبغي أن تعني انتهاك القانون أو الإساءة إلى مشاعر الناس وعقائدهم ، نعم من مقتضيات الحرية أن يطالب الأحرار بضرورة تغيير ما لا يرون صلاحيته من بنود القانون، ويكافحون في سبيل ذلك، لكنهم- وحتى يتم التغيير الذي ينشدونه – عليهم الانضباط بالقانون السائد، فلا يبيعون ولا يشترون، ولا يزوجون ولا يتزوجون ،ولا يرثون ولا يورثون إلا على هدي ما استقر من قوانين.
إن مبادئ التعددية واللاإكراه هي قبل كل شيء تربية يجب أن يربى النشء عليها وتصاغ على أساسها البرامج التربوية والإعلامية والسياسية..
كان ذلك هو الشرط الأول لإطلاق الإبداع وتحريره، والشرط الثاني يكمن في نشر الوعي بأن كل صراع سلمي بين فكرة ونقيضها يؤدي تحت ضغط الواقع اليومي إلى ظهور فكرة جامعة لمزايا النقيضين(24) وهذه الفكرة تخوض بدورها غمار صراع آخر يؤدي إلى ظهور فكرة أخرى تقدم نفسها بصفتها خادمة للواقع الجديد.
وليس "الجمع بين الفكرتين" مجرد توفيق ظرفي تمليه مصالح بعض الأطراف أو كلها، بل هو سعي الأنساق الفكرية إلى تأصيل نفسها داخل المسار التاريخي للمجتمع(25) في سياق صراع موضوعي استيعابي، يؤجل النظر في قضايا أو يجاوزها إلى أخرى تهم مصير كل المجتمع وليس فئات منه فقط.
ويتطلب هذا المنحى التخلي عن كثير من العادات والتقاليد وأنماط التفكير القبلية، أو الإقليمية، أو المذهبية، أو الحزبية المحلية التي تعيق انتشار " الفكرة الجامعة "، وتحول دون توسعها من محيطها الخاص الضيق إلى المحيط العام العالمي الواسع.
خاتمة:
بحثنا عن أسباب القطيعة فتناولنا منها الأسباب الحزبية والقبلية والتواصلية والاختراقية ،والقصد من ذلك فهم الموانع التي تحول دون استيعاب حقيقة التعددية بما يضمن استدامة أمرين لا غنى عنهما لكل رقي ونماء : الحرية الفردية والتماسك الاجتماعي ،والحقيقة أن نهضة الأمة رهينة بحسن التعامل مع عنصري هذه المعادلة الصعبة ( الحرية الفردية، والتماسك الاجتماعي ) فلا نضحي بالحرية في سبيل تماسك اجتماعي وهمي ما يلبث أن ينهار عند أول هزة ، كما ينبغي ألا نضحي بالتماسك الاجتماعي من أجل انفلات قيمي وأخلاقي يسمى – من غير وجه حق- حرية ،أو من أجل فوضى عرقية ولغوية تدعى- زورا- حقوقا ثقافية .
فلا الحرية تعني التسيب والفوضى، ولا التماسك يعني فرض الرأي الواحد والمذهب الواحد ، كلاهما موهن للوعي مفقر للثقافة ،والحل ؟
أولى شروط الحل تكمن في ضرورة التمييز الفاصل والدقيق بين الحرية والفوضى، ثم بين الاستبداد والرغبة المشروعة في تحقيق التماسك ،ويكون ذلك عبر انخراط العلماء والمثقفين ومختلف الفاعلين الاجتماعيين والتربويين في بناء مشروع مجتمعي متجدد بذاته على أسس ثلاث :
- قيم أخلاقية ثابتة مطلقة يتم العمل بها ومن أجلها (ومن ضمنها الحرية والتعددية وتكافؤ الفرص..)
- أرضية مشتركة عملية ترصد الهدف وتوحد الجهود في اتجاهه.
- جهود تربوية طويلة الأمد تربي الأجيال على الخلق القويم وعلى قيم المحبة والتعاون والبناء على المشترك الوطني والإنساني .
ومن أجل تحقيق ذلك ينبغي خلق عقلية جديدة قوية ومنفتحة من خلال تعبئة ودعم مختلف مؤسسات المجتمع المدني، ابتداء من التعليم بمختلف أسلاكه وتخصصاته ،إلى مختلف الأجهزة الحكومية كوزارات الثقافة والأوقاف والشؤون الاجتماعية ،إلى المؤسسات السجنية إلى المؤسسات الإعلامية و الجمعيات الوطنية والمحلية ....
إن للتاريخ أهدافا وغايات تتحقق من خلال إرادة الشعوب وتضحياتها وتكتل جهود المخلصين من أبنائها- مهما اختلفت آراؤهم- في مواجهة تحديات واقعهم، فإن فشلت الشعوب في رص صفوفها كان ذلك إيذانا بدخولها المرحلة الأخيرة من سياق تطورها التاريخي: مرحلة التفكك والتشتت.
وهذا ما أدركته قلة من المثقفين فدعت إلى تجاوز القطيعة والإقصاء المتبادل عبر ما قد يسميه بعضهم "بالكتلة التاريخية" أو الآخرون "بالوعي الذاتي"(26) ورغم الصدى الطيب الذي لاقته تلك الأصوات فإنها لازالت في مجموعها على هامش الأحداث، مما يجعلنا نزعم أن أصحابها يشكلون على اختلاف توجهاتهم ما يمكن تسميته "بالفئة الهامشية" (27) المناضلة من أجل مبادئ اللا إكراه .
إن هاته "الفئة الهامشية" تسير ببطئ في جو موبوء بالإقصاء والإقصاء المضاد، لكن أعدادها يتزايدون باستمرار متحدين أساليب العنف والاضطهاد ، وأنصارها من بين المثقفين في تزايد، وللمثقفين تلاميذ وأنصار سلميون ، وسلميتهم أقوى من الرصاص ، وهذا ما يجعلنا نتفاءل خيرا .
الهوامش
1- يعتبر من أعظم سلاطين المغرب (1710 - 1790) ، ويلقب ب"سلطان العلماء وعالم السلاطين" مؤسس دولة عصرية ، تمكن من بعث نهضة علمية و فكرية عميقة ومؤثرة، ألف مجموعة من الكتب والرسائل العلمية تحفز الهمم من أجل التحرر من الجمود والرجعية على المستويات الفكرية والاجتماعية، واجه بنجاح الحملات الاستعمارية وحصن الشواطئ،وطور التجهيزات العسكرية ، وجدد القضاء وأصلح نظمه .
2- محمد علي باشا (1769 - 1849)، باني مصر الحديثة وحاكمها ما بين 1805 - 1848. تمكن من تطوير مصر في المجالات الاقتصادية والصناعية والعسكرية معتمدا على إصلاح التعليم وإرسال البعثات العلمية إلى أروبا إلا أن مساعي محمد علي قد أجهضت بعد اتحاد الجيوش الأوربية لضرب مصر عسكريا ،وفرض اتفاقية مع بريطانيا استهدفت إحباط مشروع محمد علي بتفكيك المصانع ،وإبعاد مصر عن محيطها العربي، وتحجيم قوات الجيش .
3- في خطورة إضفاء الإطلاقية على الآراء الخاصة وكونها مسببة للنزاعات المدمرة ، بتأمل حديث: (إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك العوام) أخرجه الترمذي في التفسير رقم 5051 وأبو داود في الملاحم، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم 4341 وابن ماجة في الفتن باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) رقم 4014، قال في جامع الأصول، إسناده ضعيف ولكن له شواهد يرقي بها.
4- لا يجد بعض الكتاب حرجا في الدعوة إلى التعامل مع مخالفيه في الرأي بمنطق (وجب تحجيمهم وقلم أظفارهم ) ،ويرون أنه إذا كان التعامل مع المخالفين "ضروريا "في بعض المراحل والأوقات ،فينبغي أن ينتهي ذلك حالما تزول الضرورة ،بل إن وجود المخالفين يعد عبئا لا يحتمل : (بعدما كان التعامل معهم ضرورة أصبح وجودهم عبئا ) ينظر :عبد الفتاح نعوم الأحداث المغربية عدد 14 غشت 2013
5 - والمقصود بهم الإسلاميون انظر :عبد الإله بلقزيز" تقديس صناديق الاقتراع" المساء عدد 2126 ليوم 25 يوليوز 2013 ص 9
6 - المرجع السابق نفس الصفحة
7 - (باسم الشعب وإرادته العليا حصلت فداحات وانتهكت حقوق وسالت دماء ....الديمقراطية لا تخرج بالضرورة من صناديق الاقتراع، كما تعلمنا التجارب السياسية المعاصرة ، النازية والفاشية مثلا خرجا من صناديق الاقتراع )المرجع السابق نفس الصفحة
8- كثيرا ما نرى التعبير عن منطق "الحرية لنا لا لغيرنا " بمثل أسلوب : ( المغرب طبعا ليس بعيدا عن كل هذه المعادلات ،والقوى العلمانية والحداثية في المغرب باختلاف مشاربها من مصلحتها أي حرب على القوى الظلامية ....فالمطلوب الآن أن لا اعتكاف في المساجد ولا جولات الدعوة والتبليغ ولا دور قرآن وهابية لسبب واحد هو أن المغاربة وأجدادهم مسلمون ) ولا تعليق عبد الفتاح ناعوم الاحداث المغربية 14 غشت 2013
9 - ونافسوا أيضا الذين يستعملونه لمجرد الحفاظ على السلطة
10- تجاهل الكثير من الكتاب في غمرة الصراع أن ماحدث في مصر هو إجرام وجنون بمختلف المقاييس الإسلامية والمسيحية والعلمانية والحداثية، فالصراع قد خرج عن إطاره القانوني ، ولم يعد للانتخابات ولا للدساتير ولا للأحزاب معنى .
11- فؤاد إبراهيم، الحوار القومي الإسلامي بين نقد الذات والنهوض بالمستقبل، الكلمة عع15 ص: 85
12- المرجع السابق ص:95
13- ميز برهان غليون بين حالة القطيعة وحالة التناقض، فالقطيعة الناجمة عن فصام الوعي والثقافة حالة مرضية تؤدي إلى التدمير المتبادل ورفض التعامل مع الطرف الآخر أو الإصغاء إليه أو السعي إلى فهمه ،أما التناقض فهو تعبير عن اختلاف داخل وحدة، وعن أجزاء داخل كلية فكرية واجتماعية، ومجرد قبول تحويل القطيعة إلى تناقض يعني أن المجتمع بدأ يسير في اتجاه تحقيق وحدة متناسقة متكاملة تعترف بالتعددية وتجعل من التعددية حزام أمان بوجه قوى المجتمع...انظر نقد السياسة، الدولة والدين برهان غليون المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الثانية 1993.
14- المستشار طارق البشري، حول منهج النظر في النظام السياسي المعاصر، بحث مقدم لندوة العالم الإسلامي والمستقبل، مركز دراسات العالم الإسلامي، الطبعة الأولى ، ص 239.
15- يلاحظ طارق البشري أن حزب الوفد قد نشأ بحركة توكيلات كان المواطنون يوقعونها، وظل يسمي نفسه الوفد المصري، وهو يقصد المعنى اللفظي الذي لا يطمسه كونه اسم علم، وذلك تأكيدا للصفة النيابية عن الأمة، وقد اعتبرت الهند في ذاتها برنامج حزب المؤتمر، وباكستان هي ذاتها برنامج حزب الرابطة الإسلامية، المرجع السابق ص: 247، وفي هذا السياق نجد أغلب الحركات الإسلامية قد تفادت بادئ نشوءها تسمية نفسها بحزب،وفضلت استعمال "جماعة "أو"حركة " شعورا منها بأن مفهوم الحزب أضيق من أن يعبر عن آمال وطموحات وقيم ومبادئ الجماعة ذات المشروع الذي يعبر عن المشترك بين كل المواطنين لا بعضهم ، بل كثيرا ما كان مشروع "الجماعة" يتجاوز القطر إلى دائرة أكبر وأوسع ،دائرة الأمة الإسلامية الواحدة ، ولما تطور أداء أغلب الحركات والجماعات الإسلامية أدركت ضرورة إنشاء أحزاب تعبر عن الجزء في إطار الكل المحتفظ به وعدم المتخلى عنه .
16- محمد جابر الأنصاري. تجديد النهضة باكتشاف الذات – المؤسسة العربية للدراسات والنشر. الطبعة الأولى، 1992 ص: 114
17- المرجع السابق ص: 113
18- أنظر محمد عابد الجابري – مسألة الهوية – العروبة – الإسلام... والغرب مركز دراسات الوحدة العربية – سلسلة الثقافة القومية رقم (27)، قضايا الفكر العربي رقم (3) ص: 28-29
19- كانت المعارف في العالم الإسلامي في عمومها متزامنة مع زمانها حتى قبيل عصر النهضة الغربية ، فلما تأكد تخلف المسلمين نتيجة تقلبات دولية ، ونتيجة صراعاتهم الداخلية خاصة بين الدولتين الصفوية والعثمانية تراجعت العلوم هنا ،وتقدمت بسرعة هناك ، فاحتاج المسلمون إلى ما عند الآخرين من معارف ولم يستغنوا عن معارفهم القديمة التي لا زالوا يرونها ضرورية لحياتهم اليومية وثقافتهم وتماسك مجتمعاتهم ،ولما كان من المستحيل تحقيق الانسجام بين معرفتين مختلفتين من حيث ظروف وسياقات النشأة، ومن حيث تفاوت سرعة الحركة ومستوى التطور ، ومن حيث اللغة والمفاهيم والإشكالات المطروحة ، ومن حيث النصوص الدينية والفلسفية المؤسسة لكل منهما ، كان لابد من ظهور ازدواجية معرفية أثرت في كل مكونات المجتمع ، وأعادت إنتاج نفسها تربويا وتعليميا في صورة تعليم ذي وجهتين غير منسجمتين وجهة تقليدية وأخرى عصرية ، بينهما تكامل كبير من جهة وتنافر عظيم من جهة أخرى ، فأثر ذلك على المجتمع وأعاق سيره ، بينما لا تجد الشعوب الغربية في -عمومها - نفسها أمام مثل هذه الازدواجية باعتبار أن تطورها ناتج عن تراكم معرفي داخلي منسجم ،فالقديم شكل أرضية انطلاق قوية وموحدة قادت إلى المعاصر ، وكان كل جديد معرفي يتم التوصل إليه داخليا أو استيعابه من الخارج يدمج تلقائيا في البناء المعرفي الموحد في عملية تراكمية مستمرة أدت إلى ما نشهده اليوم من تطور طبيعي كان فيه القديم مؤديا الجديد ، لا منافسا له كما هو الحال عندنا ، بينما نجد دول شرق آسيا -خاصة الصين واليابان – قد عانت من آثار الازدواجية مثلنا ، لكنها نجحت منذ أواخر القرن التاسع عشر في تجاوزها عبر عملية تركيب مستمرة أحيت فيها القديم وطورته وأدمجته في المعاصر.
وإذا كانت تعاني أيضا من الازدواجية
يمتد بجذوره إلى القديم ،وهو بذلك أصيل لا دخيل مما مكن من تحقيق انسجام معرفي نفتقده نحن في واقعنا .
20- والحال أن الوجهة وجهتان ،وأرضية الانطلاق أرضيتان ،والمطلوب اتحاد وانسجام ثقافي ومعرفي يكون فيه الأصيل مؤهلا لإنتاج الجديد ،لا مجرد متلقف له من الخارج وباحث له عن مكان في الداخل عبر التأصيل والتأويل .
21- يحيل لفظ "مصطلح" مباشرة إلى مفهوم "الصلح"، فكأنما كان الناس مختلفين في شأن الألفاظ ودلالاتها على المعاني وانعكاساتها على الواقع فاصطلحوا (ووقع الصلح بينهم) على أساس أن هذا اللفظ يحيل إلى هذا المعنى لا إلى شبيهه، والحال أن كل المجتمعات بحاجة إلى إعادة دائمة "للاصطلاح" على أسس جديدة، إذ اللغة كسائر مرافق الحياة في تطور دائم، وما لم تتم مواكبة هذا التطور بإعادة الصلح (الاصطلاح) على الأسس الجديدة فإن الحياة الثقافية سوف تتخلف، وبتخلفها يدخل المجتمع في صراعات ذاتية قد تكون أولى مراحل التفكك والتحلل.
22- في زحمة السجال الإيديولوجي بين المذاهب والتيارات كثيرا ما تغيب الأهداف الموضوعية وتصبح الغاية هي القضاء على الخصم - كما ألمحنا إلى ذلك من قبل - وقد تستولي رغبة القضاء هاته على البعض إلى درجة أن ينسى المرء منهم أهدافه الموضوعية والأصلية... ويمثل خالص جلبي على ذلك بصورة "مصارع الثيران" حيث يتحول كل اهتمام الثور في الصراع إلى الطعن في الخرقة الحمراء التي تلوح له، و يستفرغ طاقته في صراع فاشل ضد وهم متحرك. وسواء كان الصراع ضد الشخص أو من أجله، فذلك يعكس واقع ثقافة مريضة أو غير ناضجة، بنظر في: خالص جلبي في النقد الذاتي – ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية، مؤسسة الرسالة الطبعة الثالثة، 1985، ص: 220
23- سورة البقرة، آية: 255 من المفكرين من يرى أن مسار الإنسانية ينبغي أن يكون في ترق مستمر حتى يصل على مفهوم اللائكراه الوارد في سورة البقرة انظر جودت سعيد، مفهوم التعبير، مجالس بئر عجم، دار الفكر المعاصر لبنان، 1995، ص: 38 – 39.
24- قد نحتاج هنا إلى بيان أن نجاح الفكرة الجامعة يتوقف على ما نسميه"الفصل التكاملي بين حقلي الثوابت، والمتغيرات"، فالصراع الذي يهدد ثوابت الحياة لا يمكن التوصل فيه " لحل جامع" وهكذا يستحيل الجمع بين فكرتي الظلم والعدالة، أو الحرية والاستبداد، أو الديمقراطية والديكتاتورية، أو الإيمان والكفر...إلخ فإن حدث كان تلفيقا، مجال الجمع هنا هو مجال المتغيرات الواسع، أما الثوابت فالجمع يتحقق لها ومن أجلها.
25- وهذا ما استهدفه ابن رشد في الجمع بين الحكمة والشريعة وقصده ابن تيمية في الجمع بين صحيح المنقول وصريح المعقول واتجه إليه فيما بعد محمد عبده ورشيد رضا ومن تبعهما.
26- نادى بالعبارة الأولى محمد عابد الجابري في كتابه وجهة نظر إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر، وبالثانية برهان غليون في كتابه اغتيال العقل في حين ينادي محمد الساسي بضرورة قيام تحالف إسلامي علماني
27- يسمي ارنولد توينبي هذه الفئة بالبروليتاريا الداخلية أ انظر مختصر دراسة للتاريخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.