من هو سفيان الحمبلي الذي اعتقلته المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة طنجة يوم الجمعة المنصرم، بعدما أدلى بهوية ألمانية مزورة عند ولوجه مصحة خاصة للعلاج؟ فمن المرجح أن كثيرا من المغاربة لا يعرفون أن سفيان الحمبلي المعروف بلقب "Le logisticien" هو المطلوب رقم واحد في فرنسا في قضايا التهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية؛ بل من المؤكد أن معظم المغاربة لا يعلمون أن سفيان الحمبلي، المواطن الفرنسي من أصل جزائري، هو نقطة السواد الكبيرة التي لطخت سمعة الشرطة الفرنسية في العقود الأخيرة. كيف ذلك؟ ففي السنوات العشر الأخيرة، سطع في فرنسا نجم العميد الإقليمي فرانسوا تيري، المدير السابق للمكتب الوطني لمكافحة المخدرات، والذي أصبح ضيف النشرات التلفزيونية الفرنسية في وقت الذروة بسبب "نجاحه" في حجز حوالي 60 طنا من مخدر الحشيش في خمس سنوات من العمل في مجال مكافحة المخدرات! لكن هذا النجاح الظاهر كان بمثابة القطعة العائمة من جبل الجليد التي تخفي وراءها أكبر انتكاسة للشرطة الفرنسية، بسبب تورط أحد رموزها (فرانسوا تيري) في المشاركة في شبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات. لكن ما هي علاقة سفيان الحمبلي الموقوف بمدينة طنجة بفضيحة فرانسوا تيري، المدير السابق للمكتب الوطني الفرنسي لمكافحة المخدرات؟ إنها علاقة عضوية ومتداخلة تتمثل في التستر الرسمي على أكبر مهرب للمخدرات بفرنسا، والذي صنفته تقارير إعلامية بأنه استطاع أن يدخل إلى الأراضي الفرنسية ثلث كمية مخدر الحشيش الموجهة إلى الاستهلاك الداخلي في بلد يصنف بأنه أكبر مستهلك للحشيش في أوروبا! ففي خضم تصاعد أسهم فرانسوا تيري في أسلاك الشرطة الفرنسية، كان هذا الأخير يراهن على سفيان الحمبلي "كمخبر" مكلف بالإطاحة والإيقاع بشبكات التهريب الدولي للمخدرات. وبالفعل، تواترت العديد من عمليات الحجز الكبيرة بفضل "حنكة" سفيان الحمبلي الذي سوف يتحول، بالموازاة مع مهمته كمخبر، إلى"Logisticien" يعمل على تهريب شحنات كبيرة من المخدرات لفائدته الشخصية! فقد وصفه البرنامج الفرنسي «Envoyé spécial» ، في حلقة تحت عنوان "فضيحة في مكتب المخدرات"، بأنه المهرب الذي استطاع أن يحول "الشرطة الفرنسية إلى أكبر مستورد للمخدرات" أو "الرجل الذي جعل فرنسا تستورد المخدرات برعاية أمنية". ولم تقتصر فضيحة الشرطة الفرنسية في علاقتها مع سفيان الحمبلي الموقوف بمدينة طنجة على مسألة التستر عن أنشطته في مجال غسل الأموال وتهريب المخدرات؛ بل إن هذا المواطن الفرنسي من أصل جزائري جعل المكتب الوطني لمكافحة المخدرات بفرنسا يفقد سمعته الدولية والإقليمية في أوساط أجهزة إنفاذ القانون، خصوصا عندما كان هذا المكتب يقحم سفيان الحمبلي في عمليات "التسليم المراقب للمخدرات" التي كانت تشارك فيها الشرطة الفرنسية، إذ كان هذا الأخير يعمد إلى تصريف جزء من الكميات المهربة في إطار هذه العمليات الرسمية لحسابه الشخصي، وبتواطؤ من الرئيس السابق لمكتب مكافحة المخدرات الفرنسي. ومن هذا المنظور، يتضح جليا بأن سفيان الحمبلي، الذي اعتقلته الشرطة المغربية بمدينة طنجة، لم يكن صيدا سهلا أو مجرد بارون مخدرات عادي؛ وإنما يتعلق الأمر هنا بأحد أكبر المهربين في تاريخ فرنسا، الذي استطاع أن يفجر إحدى أهم الفضائح في تاريخ الأمن الفرنسي ويسلط الضوء على "تزايد مؤشرات الرشوة والفساد في واحدة من أكثر المصالح الأمنية الفرنسية حساسية وأهمية"". ويخضع، حاليا، سفيان الحمبلي للعلاج بمدينة طنجة تحت حماية أمنية مشددة. وقد شهدت حالته الصحية "استقرارا وتعافيا كبيرا، بعدما تم تضميد جروحه"، وفق ما أكدته مصالح طبية متطابقة. وقد دخلت على خط هذه القضية الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي كلفتها النيابة العامة بمهمة البحث والتحري في ارتباطات سفيان الحمبلي وامتدادات أنشطته الإجرامية سواء على الصعيدين الوطني والدولي.