اقترح أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في الوثيقة النهائية التي تمخضت عن سنة من الحوار، إعمال الضمانات المقررة دستوريا لاستقلال السلطة القضائية تحصينا لها من أي تدخل أو تأثير خارجي. وفي هذا الاتجاه دعا ميثاق إصلاح منظومة العدالة إلى ضرورة فصل النيابة العامة عن السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل والحريات الذي يعتبر رئيساً لها، داعيا إلى إسناذ رئاستها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مع تخويل وزير العدل صلاحية إعداد السياسة الجنائية التي يتم إقرارها من طرف السلطات المختصة. الميثاق شدد على ضرورة العمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع دستور المملكة ومع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة وبحقوق الانسان المصادق عليها والمنشورة، في الوقت الذي أكد فيه على ضرورة إعادة النظر في نظام الحراسة النظرية ونظام الاعتقال الاحتياطي، مع ضرورة إعادة النظر كذلك في آليات وشروط اشتغال الضابطة القضائية مع مزيد من تفعيل مراقبتها من طرف النيابة العامة. ورغم أن الميثاق سجل عددا من نقط قوة التي تتسم بها المنظومة القضائية المغربية، إلا أنه اعتبر أن العدالة في المغرب مازالت تشوبها اختلالات ومواطن ضعف بينة، معتبرا أنه بالإضافة إلى البطء والتعقيد ونقص الشفافية والقصور في التدبير الحديث، فإن أخطر تلك الاختلالات حسب واضعي الميثاق هي وجود الممارسات المنحرفة التي طالت مختلف مكونات العدالة وأفقدته المتقاضين أحيانا الثقة في عدالتهم. وفي هذا السياق شدد الميثاق على ضرورة تطهير منظومة العدالة من الشوائب العالقة، مطالبين بالتحفيز المادي والمعنوي لأعضاء السلك القضائي ومساعديهم، والحزم في تطبيق الجزاءات في حق كافة العاملين والممارسين في مجال العدالة، بالإضافة إلى إقرار الشفافية في ممارسة المهام القضائية.