ما هي حدود حرية التعبير المسموح بها في بلادنا؟ وهل هناك خطوط حمراء؟ وإذا وجدت فأين تكمن ؟ وكيف يتمكن المرء من تجاوزها؟ تلك الأسئلة وغيرها تراود الكاتب، وهو يكشف النقاب عن إشكالية يحاول جاهدا الوصول إلى كنهها، كما أنها قد تراود الشخص العادي أيضا، وهو يمارس ما يسمى بحرية التعبير في زمن دستور" الحقوق والحريات". وهنا تعود بي ذاكرتي إلى التسعينات، حين كنت مجرد طفلة تحاول تلمس خيوط السياسة المتشابكة، التي كانت تبدو لها عالما غامضا ومثيرا تود اكتشافه. وتناقش تفاصيله مع كل من تلتقيه.. ومن بينهم، عمي الذي كنت وإياه نجلس ساعات طوال، نناقش الوضعية السياسية في بلادنا. وإذا تناولنا بحديثنا سهوا، أو قصدا رمزا من الرموز المقدسة في بلادنا، كانت جدتي رحمها الله تسرع بإغلاق النافذة ،حتى لا تتسرب أحاديثنا إلى أذن غريبة، قد تؤدي بنا إلى ما وراء الشمس.. الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين، مع تغير الكثير من ملامح الحياة السياسية في بلادنا، وتغير الوجوه والأسماء والمناصب..ما زلنا نواجه ظلال الماضي وما زلنا نقول الكلمة، ونحسب لها ألف حساب.. لدرجة أن الكاتب، يحس وهو يمسك القلم أنه يسير على أرض ملغومة، وإذا خطا أي خطوة غير محسوبة..قد تنفجر في وجهه الألغام المزروعة بالطريق، ويضطر لمواجهة حساب عسير، لم يكن لا على البال ولا على الخاطر. تقارير منظمة العفو الدولية، ومنظمة صحفيون بلا حدود، تؤكد تأخر المغرب في مجال الحريات العامة. ومن أهمها حرية الصحافة، فهي ترادف حرية التعبير بشكل عام، بما أن الصحافة هي مرآة المواطن في أي بلد. ومدى الحرية التي تشتغل في إطارها الصحافة ، هي معيار للحرية العامة التي يعيش في ظلها المواطن.. مادمنا نعيش في بلد يتلفت فيها الصحفي أو الكاتب وراءه دوما، ويتهرب فيها من أعين "الشكامة"، ويضطر للشرح تحركاته لمقدم الحومة..وقصقصة ميولاته عند الكوافور بتسريحة لا تثير الشك والريبة. عليه أن لا يكون يساريا ثائرا ينبش الفتن من "قب" المخزن. ولا إسلاميا متطرفا ، يزعزع استقرار البلاد، و يشوه صورتها الجميلة بأعين السياح. وما حدث مع فاطمة الإفريقي وعلي أنزولا، وغيرها من الأصوات المغردة خارج السرب، ليس سوى غيض من فيض. وهو مثال آخر على انفجار الألغام المزروعة بحقل الصحافة بالمغرب، بوجه من يتجرأ على الخروج عن الطريق "القويم" . مما يؤكد أننا ما نزال نعيش في زمن اللاحرية واللاديموقراطية. ما دمنا نتفتح أعيننا ببلد يزج فيه بالصحفيين وراء القضبان، مع اللصوص وقطاع الطرق والمغتصبون والقتلة.. كأنهم بممارستهم لحقهم في التعبير بحرية عن أرائهم، وإيصال المعلومة للقارئ، قد اقترفوا إثما مبينا يجعلهم في مصاف هؤلاء.. فهل لنا أن نطمح يوما، في حرية تعبير لا توجد فيها محاذير، ولا تكمن في خباياها ألغام توشك عل الانفجار في وجه من يخطو في اتجاه جهات ما، أو أشخاص ما.. عائشة بلحاج [email protected] https://www.facebook.com/pages/Aicha-Belhaj-%C3%89crivaine/416153878433542