كل سنة في مثل هذا التاريخ، تقوم النساء في المغرب، بجرد منجزاتهن خلال السنة الماضية، وعد انتصاراتهن، والتصفيق لأنفسهن لما حققنه من تقدم على جميع المستويات، فيُقمن الاحتفالات ، ويتبادلن التهاني، وترتسم على وجوههن ابتسامات عريضة... هؤلاء النساء، هن نساء من المغرب، لكنه.. مغرب آخر غير الذي نعيش به. نساء لديهن كل شيء، يخضن معارك دونكشوطية، تمنحهن ألقابا وشهرة، وأوسمة وشهادات تقديرية.. 8مارس هو يومهن، أما باقي نساء المغرب فلهن باقي السنة. عنف واغتصاب للأجساد، وهضم وسلب للحقوق، وتحطيم للكرامة، وامتهان للأنوثة في سوق النخاسة الجنسية... نساء يعشن في الظل ويمتن كل يوم ألف مرة. نساء.. فيهن الأرملة المحرومة من أولادها، والمطلقة المسلوبة حقوقها، و الزوجة الرازحة تحت ثقل حياة لا لون ولا طعم لها، تعاني العنف الجسدي والنفسي..، و الابنة التي تساق كالغنم إلى أي حفرة تقيها عار الفضيحة. هؤلاء النساء وغيرهن، هن نساء المغرب لم يغير وضعهن شيء. لا المدونة الجديدة، ولا المؤتمرات، ولا الندوات، ولا القرارات، ولا الشعارات.. هؤلاء النساء لا صوت لهن، لا شكل لهن ولا وجود لهن، يعانين في الخفاء، يمتن في الخفاء. لا تجدهن في المحافل، ولا تقرأ لهن في الجرائد. لا تمنح لهن الجوائز، ولا يقلدن الأوسمة. هؤلاء النساء، لا تعرف عن ما يعانينه، إلا إذا ساقت الأقدار إحداهن إلى ردهات المحاكم، أو المستشفيات..هناك فقط تسمع منهن. إنهن باقي نساء المغرب، يا "نساء المغرب"..! كل سنة في مثل هذا التاريخ، تلقى بضع خطابات هنا وهناك، عن الانجازات التي حققتها "المرأة المغربية". لكن عن أي امرأة نتحدث؟ هل هي تلك التي تجلس وراء مكتب أنيق تحاضر حول حقوق المرأة ؟ أو تلك التي تجوب المحافل الدولية، ترطن بفرنسية لا يتكلمها الفرنسيون أنفسهم، كنموذج "للمرأة المغربية"؟ أو تلك التي تجلس في برنامج تلفزيوني ،وتطالب بالإلغاء الكلي للتعدد، لأنه السبب في عدم نيل "المرأة المغربية" لحقوقها؟ هل هذه هي المرأة المغربية؟ أم هي تلك المرأة الأمية الغارقة حتى أذنيها في مستنقع الجهل والفقر، تفرخ الأطفال كقنية ؟! أو تلك التي درست وتعلمت، لتتزوج رجلا خالته فارس أحلامها، ولم يكن سوى ذئب يعوي؟ تعاني العنف الجسدي والنفسي بصمت إما اتقاءا لشماتة العائلة، أو لغياب بديل أخر، فمن يؤويها ويعيل أطفالها إن هي لملمت كرامتها، وأنوثتها المهانة ورحلت؟ أو تلك..التي زوجت من مغتصبها، لتعايش كابوسها كل يوم، وتختار الموت على الحياة مع الوحش الذي سلبها حقها في الحياة. أو تلك المرأة.. أو تلك، من أولائك النسوة اللاتي تجدهن على أبواب المحاكم، أو ردهات المستشفيات و المخافر. يحملن أعباء لا طاقة لمخلوق بها، يصرخن ولا يسمع لهن صوت، سيئات الحظ، تعيسات..ومع ذلك كل سنة نحتفل بعيد المرأة..! أي امرأة تلك يا ترى؟! http://www.facebook.com/pages/Aicha-Belhaj-%C3%89crivaine/416153878433542?ref=hl