جدل حقوقي أثاره الحكم على إمام ومدير مدرسة عتيقة بسنتين حبسا نافذا، بعد اعتصامه أمام مقر سكنى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في إطار مطالب بتحسين وضع القيمين الدينيين. وسبق ل"أسرة المساجد والتعليم العتيق" أن ذكرت في بيان لها أن "الإمام والأستاذ ومدير مدرسة التعليم العتيق بكلميم سعيد أبو علين معتقل ظلما وتعسفا". ووصفت قرار وزارة الأوقاف بعزله وإنهاء تكليفه بكونه "تعسفيا" بدون "سبب موضوعي وعقلاني، إلا لنشاطه في الدفع بالملف المطلبي لأسرة المساجد وأطر التعليم العتيق المزاولين في إطار القانون الإداري"، قبل أن تدعو إلى "الحوار مع أسرة المساجد وأطر التعليم العتيق"، مؤكدة أن "الاهتمام بهم واجب وطني وأخلاقي؛ في ظل إمارة المؤمنين". وعادت التنسيقية الوطنية لأسرة المساجد والتعليم العتيق لتعلق على حكم ابتدائية الرباط في حق الإمام بالتأكيد على أنه "قاس جدا". وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أنهت تكليف سعيد أبو علين من إمامة مسجد الرحمة بجماعة أفركط بإقليم كلميم، بسبب ما وصفته ب"إخلال بالتزامات القيم الديني" عقب صدور تسجيل صوتي له قالت الوزارة إنه "يحرض فيه الأئمة على مزاولة العمل النقابي"، ويتضمن "دعوة صريحة وتحريضا بين الأئمة على الإخلال بالتزاماتهم". وقال مصدر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهسبريس إن اعتقال الإمام ومتابعته لا علاقة له بشكاية الوزارة، بل بتعليمات من النيابة العامة عقب اعتصامه أمام منزل وزير الأوقاف والتقاط صور دون ترخيص تضم أفرادا من عائلة الوزير. وأضاف المصدر نفسه أن الإمام لم ينجح في اجتياز امتحان الإمامة، الأمر الذي لم يخول إدماجه، كما يتم مع 75 في المائة من الأئمة، علما أن نسبة 25 في المائة تنتقى من أسلاك الإجازة المرتبطة بالعلوم الشرعية. من جهته، قال الفاعل الحقوقي خالد البكاري: "عندما نتحدث عن معتقل رأي، فإن محدد هذه الصفة هو التعبير عن الرأي والتعبير عن المطالبة بحقوق ما؛ وما دام هذا الاعتقال مرتبطا بالمطالبة بحقوق تخص فئة القيّمين الدينيين، فلا يمكن اعتباره إلا اعتقالا بسبب الرأي". وأضاف البكاري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، "حتى التهمة التي وجهت إلى الإمام سعيد أبو علين بتحريض الغير على التظاهر، أصلا كافية لنعتبره معتقل رأي". وتابع الفاعل الحقوقي قائلا: "الغريب في هذه القضية أن هذا الإمام سبق له أن نشر كتابا يتحدث فيه عن وضعية القيمين الدينيين ووضعية المدارس العتيقة، وتم إيقافه عن العمل بسببه، وبعد ذلك عندما ذهب ليحتجّ على هذا التوقيف ومجموعة من الممارسات التي تستهدف هذه الفئة، تم اعتقاله بسرعة قياسية وتم تقديمه أمام المحكمة والحكم عليه بسنتين". ويرى البكاري أن "المثير في هذه القضية هو أنه حينما نلاحظ العقوبات التي تطال فئة القيمين الدينيين بسبب الاحتجاج، ونقارنها بالعقوبات التأديبية التي يتعرض لها موظفون في قطاعات أخرى نجد أن هناك مبالغة كبيرة في العقوبات التأديبية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مقارنة بموظفي وزارات أخرى، مما يعني أنها تنهج منهج الترهيب تجاه موظفيها، حيث إن الاحتجاج لم يعد مسموحا به داخلها، ودائما يتم التبرير بأن لها خصوصية لارتباطها بالأمن الروحي للمواطنين ومؤسسة إمارة المؤمنين، وأن القيمين الدينيين يجب أن تتوفر فيهم صفات الوقار وكأن الاحتجاج مضاد لهذه الصفات". وبالتالي، يضيف البكاري، فإن "هذا الأمر يجب أن يدفع الحقوقيين إلى الانتباه لما يقع بوزارة الأوقاف مما يطال حرية التعبير وحرية العمل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئة القيمين الدينيين". تجدر الإشارة إلى أن أوضاع القيمين الدينيين الاجتماعية كانت موضوع أسئلة برلمانية، ومراسلات إلى وزارة الأوقاف والديوان الملكي والمجلس العلمي الأعلى. وكانت هسبريس قد نقلت التماس قيّمين دينيين من وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية الالتفات إلى وضعيتهم لتسويتها "لكي يزيد الإنتاج والمردودية".