غضب حقوقي تشهده الساحة المغربية، بعد أن أدين مساء الأربعاء 15 شتنبر 2021، الإمام سعيد أبو علين بسنتين سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، بتهمة التحريض على التظاهر، وخرق حالة الطوارئ الصحية، والتنقل بين المدن بدون رخصة. وكان الإمام أو علين الذي يشغل في نفس الوقت مدير مدرسة التعليم العتيق بكلميم، وصاحب كتاب "مساجد المغرب .. رؤية من الداخل"، قد اعتقل بالرباط قبل ثلاثة أسابيع، بعد احتجاج سلمي للقيمين الدينين للمطالبة بتحسين وضعيتهم خاصة الحاملين للشواهد العليا. وفي رد فعل لها عبرت الرابطة الوطنية لأسرة المساجد بالمغرب، على صفحتها الرسمية بالفايسبوك، عن أسفها الشديد للحكم الصادر في حق سعيد أبو علين، معتبرة إياه قاس جدا، مطالبة بالإفراج عنه. وتعود بداية القضية حسب ما أورده "المركز المغربي لحقوق الانسان"، إلى صبيحة الثلاثاء 24 غشت 2021 حيث حاول القيم الديني سعيد أبو علين، المشتغل بمدينة كلميم، والمعروف بنشاطه النضالي من أجل الدفاع على الحقوق الأساسية للقيمين الدينيين، الاتصال بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بعدما أشار عليه أحد رؤساء المجالس العلمية بذلك، حسب تصريحات مقربين من المعني بالامر، من أجل استفساره عن السبب الموجب لإنهاء تكليفه وعن تصحيح وضعيته ووضعية الأئمة كافة ووضع حد للتكليف المفتوح، بعدما اوصدت في وجوههم أبواب الوزارة، ولم يعد أحد من المسؤولين يقبل باستقباله والاستماع إلى تظلمه، إلا أنه عوض الاستماع إليه تم اعتقاله ووضعه بسجن العرجات 2. وكان المركز المغربي لحقوق الإنسان قد طالب في بلاغ له يتوفر "لكم" على نسخة منه، بالإفراج الفوري عن القيم الديني، بدون قيد او شرط، لكونه لم يرتكب أية جنحة موجبة للاعتقال، خاصة وأنه يعاني الأمرين جراء حرمانه من مصدر رزقه، ومنعه من ولوج مصالح وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، معتبرا أن من واجب الوزير وكل مصالح الوزارة المعنيين، الإنصات إلى تظلم كل من لجأ إليهم، وتقديم الشروحات والمبررات القانونية المتعلق بقرار عزله، كما يحق له الطعن في قرار بني على مبرر واه وغير سليم. وعبر المركز الحقوقي عن أسفه للطريقة التي تتعامل بها الوزارة المعنية مع القيمين الدينيين، معتبرا أنها لا ترقى بعد إلى المستوى الذي تتطلع إليه هذه الفئة من المواطنين، الذين يفنون زهرة شبابهم في أداء واجباتهم في صمت، فيما لا زالت الكثير من حقوقهم المادية دون المستوى الأدنى لفرص العيش الكريم. تفاصيل القضية من جانبها قدمت "الرابطة الوطنية لأسرة المساجد بالمغرب"، مجموعة من التفاصيل المرتبطة بهذا الملف، فقد قالت في صفحتها الرسمية، أنه تم اعتقال أبي علي الامام والباحث في شؤون اسرة المساجد، بعد أن قدم نهاية شهر غشت الماضي الى الرباط لزيارة بعض المؤسسات منها وزارة الاوقاف لتقديم رؤيته ورؤية اسرة المساجد، واستفساره عن وضعه القانوني والاجتماعي. وأشارت الرابطة، أن صاحب كتاب "مساجد المغرب .. رؤية من الداخل" زار مؤسسة محمد السادس للائمة، ثم مديرية القيمين الدينبين، فوزارة الأوقاف، لكن أغلفت دونه الأبواب، فقام بزيارة رئس المجلس العلمي لتمارة ( السكنفل) الذي أشار إليه بزيارة صهره التوفيق في مقر اقامته في عين عودة. في اليوم الموالي حسب الرابطة، قام أبوعلي بالتوجه لمقر إقامة الوزير في عين عودة، فافترش الارض والتحف السماء انتظارا لمرور الوزير، لكنه فوجئ برجالا بزي مدني من أمن الاقامة فقاموا باعتقاله وأخطروا رجال الدرك لعين عودة. وتعليقا على الاعتقال، اعتبر الحقوقي خالد البكاري أن الاحتجاج ممنوع في وزارة أصبحت مثل الإكليروس، مشيرا إلى أنه حين يحصل احتجاج تكون العقوبات التأديبية قاسية توقيفا أو طردا، بما يشبه ترهيب كل من يفكر بالاعتراض، ومما يجعل عقوباتها مبالغا فيها مقارنة بما يقع في باقي الوزارات، فلا تساهل مع الاحتجاج داخل هذه الوزارة. وعبر البكاري في تدوينة على صفحته الشخصية، عن تضامنه مع الفقيه سعيد أبوعلين، خريج المدارس الدينية العتيقة والمدير لإحداها قبل محاكمته، والتي يمكن اعتبارها واحدة من مكونات الرأسمال اللامادي المغربي في بعده الديني والاجتماعي والثقافي، برغم كل الملاحظات الممكنة حول مناهج التدريس بها، يكفي انها قامت بأدوار تعليمية واجتماعية بالبوادي التي لم تصلها المدرسة العصرية إلا متأخرا، وحافظت على التدين المغربي أمام المد السلفي المشرقي. وتعايشت لقرون مع الأعراف المحلية وعوائد السكان في افراحهم وأتراحهم ومعيشهم اليومي. وتأسف الحقوقي، أن يتم ترهيب من يحتجون ضد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبر اتهامات بالتشويش على "إمارة المؤمنين"، مشيرا إلى أن وزارة الأوقاف بعيدة عن أي شكل من أشكال الرقابة الحقيقية لا الانتقائية، رغم تحوزها على أملاك تفوق قيمتها ميزانيات عدة وزارات، متسائلا، كم من معتقلين بسبب الرأي أو المطالبة بحقوق لا نسمع بهم حتى يحاكموا ؟.