في صيف سنة 2018، أطلقت الحكومة مشروع "مدرس المستقبل"، كآلية لتكوين أساتذة أكفاء في إطار الجهود المبذولة لتحسين جودة منظومة التربية والتكوين؛ غير أن الطلبة الذين انخرطوا في هذا المشروع بحماس وجدوا أنفسهم إزاء أُفق محدود، بسبب عدم وجود فرصة للمضي قدما في مسار التكوين الأكاديمي. يَعتبر الطلبة الذين اختاروا سلْك الإجازة في التربية، الذي أُحدث في إطار مشروع "مدرسة المستقبل"، أن هذا الورش كان جيدا، خاصة أن الولوج إلى السلك المذكور ليس مُتاحا سوى للحاصلين على الباكالوريا بميزة جيدة، بعد انتقاء أولي وإجراء مباراة الولوج، غير أن عدم إحداث ماستر في نفس التخصص حد من طموحهم الأكاديمي. ويرمي مشروع "مدرس المستقبل"، الذي جاءت به الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى تكوين 200 ألف أستاذة وأستاذ في أفق سنة 2028، من أجل سد الخصاص في صفوف الأساتذة، والتي يُتوقع أن يتراوح خلال الفترة نفسها ما بين 100 ألف و140 ألف أستاذ. ولقيت الدراسة في سلْك الإجازة في التربية إقبالا كبيرا من لدن الطلبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا بميزة جيدة؛ لكن الذين أفلحوا في الولوج إلى هذا السلك أصبحوا الآن ينظرون إليه ك"منزل شُرع في بنائه؛ لكن أشغال البناء توقفت فجأة، لأسباب مجهولة"، ويَعتبرون أنفسهم "ضحية" له. ويعود سبب هذا الشعور في صفوف "مدرسي المستقبل" إلى أن معظم الجامعات المغربية لم تُدرج الإجازة في التربية ضمن الإجازات المطلوبة لولوج سلك الماستر، ومن ثم لا يمكنهم إتمام دراساتهم الأكاديمية، سواء في مجال التخصص أو في المجال التربوي، ويؤكدون أن هذا الواقع "صدمهم". علاوة على ذلك، يطالب طلبة الإجازة في التاريخ ب"الامتياز" في ولوج المراكز الجهوية للتربية والتكوين، بعد نيْل الإجازة، بشكل مباشر. وأوضح عضو في التنسيقية الممثلة لهؤلاء الطلبة: "لا يمكن أن نساويَ بين خريج الإجازة في التربية وبين خريج الإجازة الأساسية في الولوج إلى المراكز الجهوية للتربية للتكوين"، معتبرا أن الولوج إلى هذه المدارس مباشرة "حقنا". وتساءل المتحدث ذاته: "إذا لم يكن الولوج إلى المراكز الجهوية للتربية والتكوين بشكل مباشر بالنسبة إلى خريجي الإجازة في التربية، فما الغاية من هذه الإجازة أصلا، وما قيمة المدارس العليا إذا لم يكن هذا الطالب سيواصل تكوينه؟"، لافتا إلى هؤلاء الطلبة لا يوجد أمامهم أي أُفق آخر، على المستوى المهني، غير للتعليم.