سمح الانخفاض النسبي لعدد حالات الإصابة بكورونا في كبيك باستئناف بعض الأنشطة الثقافية والفنية، ولو بشكل رمزي وحذر، في ظل الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا ومتحوراته. في هذا الإطار أسدل الستار على فعاليات الدورة 14 من مهرجان أوريونطاليس، الذي ينظم كل سنة من أجل مد جسور التواصل بين الثقافات التي تقيم على أرض مونتريال، وغيرها من الثقافات الشرقية والغربية، على إيقاعات الموسيقى والرقص والتشكيل وباقي أشكال التعبير الأخرى. وكان المهرجان هذه السنة، وغيره من الفعاليات المشابهة، مناسبة لإعادة مياه الحياة إلى مجاريها في شرايين الميناء القديم بمدينة مونتريال. وعن تحدي تنظيم الموعد قالت هندا بنصالح، مسؤولة البرمجة، لهسبريس: "...بالطبع كانت هناك تحديات كبيرة في وجهنا بخصوص تنظيم دورة هذه السنة من عدمها، خصوصا في ظل الجائحة، لكننا تشبثنا بأن ينظم المهرجان بشكل حضوري، مع تقديم برمجة فنية دولية غنية، من أجل مساعدة سكان المدينة وزورها على التمتع والاحتفال بأجواء الصيف بكثير من الفرح، والتخلص من الضغط الذي خلقه الوباء، مع توفير كل احتياطات الوقاية طبعا. وقد نجحنا في كسب الرهان، سواء على مستوى البرمجة أو التنظيم أو الوقاية كذلك، طيلة أربعة أيام من الفرجة الموسيقية والفنية". المهرجان، الذي عرف بجمعه بين ثقافات الشعوب عبر العالم في برامجه وفقراته، عرف مشاركة مهمة للمغرب من خلال الشراكة التي تجمعه بالمركز الثقافي المغربي بكندا "دار المغرب"؛ شهدت تقديم العديد من العروض الفنية والثقافية التي تعكس غنى وتنوع وأصالة الثقافة المغربية، سواء في مجال الموسيقى أو الفلكلور أو التشكيل. هدى الزموري، مديرة دار المغرب بمونتريال، اعتبرت أن حضور المغرب في مهرجان أوريونطاليس "يعكس المكانة التي تحتلها الثقافة المغربية بكيبك وكندا والعالم، وهو مناسبة لتقديم الموروث الثقافي المغربي لكل الرواد، سواء الكنديون منهم أو أبناء الجاليات الأخرى المقيمة بمونتريال، وكذلك هو مناسبة لتلاقي أبناء الجالية المغربية المقيمة بمونتريال لحضور فقرات فنية مغربية". وتضيف الزموري أن "برمجة هذه السنة كانت غنية ومتنوعة، والهدف منها هو إعطاء زوار المهرجان نظرة شاملة عن غنى الموروث الثقافي المغربي، من خلال نصب خيمة مغربية كبرى شكلت تجمعا لكل زوار المهرجان من أجل التمتع بالفنون المغربية، سواء الغناء أو الموسيقى أو الرقص بكل أنواعه والتشكيل". وعرفت مشاركة المغرب في الدورة 14 من مهرجان أوريونطاليس تنظيم عرس مغربي نموذجي، شمل طقوس الحناء و"العمارية". كما كان زوار الميناء القديم على موعد ممتع مع فرقة "سلامات كناوة"، التي قدمت وصلات وإيقاعات كناوية بقيادة الفنان سلامات، شدت الجمهور الحاضر. وقدمت أيضا فرقة "هارموني دانس" ورشات في الرقص الشعبي من "الركادا" و"الحساني المغربي"، لفائدة الزوار طيلة مدة المهرجان؛ بينما قدم الفنان المغربي الكندي "قطام" عروضا ممتعة ب"الدربوكة" تحت عنوان "إيقاعات المغرب العربي والشرق الأوسط"، حلقت بالحضور في عوالم الموسيقى العربية والمغربية. وفي موسيقى العود استمتع الجمهور بوصلات من العزف من إبداع الفنان المغربي المقيم بكندا عزيز داوني، الذي اعتبر تنظيم هذا المهرجان "بمثابة رجوع تدريجي إلى الحياة الفنية والثقافية بمونتريال". أما الفن التشكيلي فعرف مشاركة الفنان المغربي عمر غماوي، الذي نشط ورشات تشكيلية لفائدة الشباب من سن الثامنة فما فوق، بالإضافة إلى تقديمه عرضا مرئيا اشتمل على إنجاز عمل فني على نغمات موسيقى العود، من أداء عزيز داوني، تحت عنوان "إيقاعات في الألوان"، ما نال إعجاب الجمهور. في حين قدمت فرقة Fraja Maroc أمسية مغربية مشبعة بالتقاليد الموسيقية المازجة بين "عيساوة" و"الدقة المراكشية". تجدر الإشارة إلى أن مهرجان أوريونطاليس هو موعد ثقافي فني تحتضنه مدينة مونتريال كل سنة، ويسعى منظموه إلى الجمع بين الثقافات الشرقية والغربية، وعلى الانفتاح على الآخر من خلال فتح فضاءات للتبادل الثقافي ومجالات للتعارف.