توظيف الملكية في التنافس السياسي بالمغرب إلى أين ؟ تعرف السياسة في المغرب في الشهور الأخيرة حالة من الحراك غير المألوف، نتيجة نزول صديق الملك لحلبة التنافس السياسي، إلى جانب الفاعلين السياسيين القدامى من أجل كسب ود قطاعات كبيرة من المغاربة، صنفت عقب الانتخابات التشريعية لسنة 2007 بكونها أغلبية صامتة أو عازفة عن المشاركة السياسية، في محاولة لدفعها نحو التفاعل السياسي الإيجابي. فلم يعد صديق الملك مقتنعا بإدارة السياسة عن بعد داخل كواليس وزارة الداخلية، عن طريق الضغط والابتزاز أو الترغيب والإغراء لهذا الفاعل السياسي أو ذاك. حيث تأكد له بالملموس ولجهات عديدة أخرى أن الأحزاب السياسية التقليدية، رغم الدعم المقدم لها، لم تعد لها تلك القدرة المعهودة من قبل على منافسة الإسلاميين على حشد تأييد وتعاطف القطاعات الاجتماعية المغربية، المتذمرة من السياسات التي أضحت متبعة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأطروحاتها السياسية المتهالكة. "" لقد أبانت تجربة التناوب السياسي المتبعة منذ سنة 1997، على فشلها الذريع في إنقاذ المغرب من السكتة القلبية التي كان قد تحدث عنها الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله في أواسط التسعينيات من القرن الماضي. إذ فشل معسكر الكتلة الديمقراطية في خلق تلك الدينامية، التي كانت مرجوة منه، داخل المجالين السياسي والاجتماعي فشلا زاد من ارتفاع نسبة العزوف السياسي عما كانت عليه من قبل. فجاءت الانتخابات التشريعية الأخيرة فكشفت المستور وظهر للعيان أن القوة السياسة الصاعدة في السنوات القليلة القادمة هي قوة معسكر الإسلاميين بدون منازع، مما جعل بعض التيارات داخل الجهات الرسمية العليا تطرح خطة بديلة لعلها تؤتي أكلها إلى حين. لما لا ينزل أحد ممن كان يمثل إحدى دوائر تلك الجهات العليا المسئولة إلى حلبة التنافس السياسي، ليعمل بنفسه على خلق تلك الدينامية السياسية المطلوبة ولو مؤقتة، من خلال ضخ نفس جديد في بعض العناصر السياسية لمنعها من لفظ أنفاسها السياسة الأخيرة و يتم قطع الطريق على ذلك الاكتساح الذي كان متوقعا في الانتخابات التشريعية الأخيرة لإسلاميي العدالة والتنمية لولا أن أيادي سحرية تدخلت لمنع ذلك؟. لكن ظل هناك سؤال يطرح نفسه وهو، كيف سيتمكن السيدفؤاد عالي الهمة صديق الملك من إنجاز مهمته؟ هل بإمكاناته الذاتية؟ أم سيلجأ لتوظيف شيء ما يساعده على خلق ذلك النجاح التي تعجز إمكانات أي كيان سياسي جديد من تحقيقه بمقاييس السياسة والواقع في ظرف قصير، بله أن تكون مجهودات فرد بعينه؟. كل متتبع للوافد الجديد على الحقل السياسي المغربي المتمثل في" حركة لكل الديمقراطيين " ، التي جمعت بين مجموعة من الفعاليات المغربية المنتمية لمشارب وآفاق فكرية وثقافية وسياسية مختلفة، أن رصيدها المهم الذي وظفته للترويج لأطروحاتها هو صداقة مؤسسها ومنظرها السيد فؤاد عالي الهمة لملك المغرب، وهو بهذا يستعمل حقا ليس له وحده. فملك المغرب ليس صديق السيد فؤاد عالي الهمة وحده، بل إن صح القول فإن الملك صديق لكل المغاربة وواحدا منهم، قبل أن يكون ملكهم وقائدهم. وعليه يمنع على أي جهة كانت فردا، أو كيانا سياسيا، أن يوظف الملكية التي هي رمز المغرب والمغاربة لأي غرض كان، يرمي من خلال ذلك ترجيح كفته على من سواه. معروفة هي بنود الدستور المغربي، التي وصفت ملك المغرب بأنه أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، وأنه الضامن لحوزة المملكة المغربية ووحدتها، وأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وهي صفات تؤكد وتصرح بأن ملك المغرب هو للجميع وأن الملكية بالمغرب هي إرث تاريخي لكل المغاربة. كما أنه طيلة فترة الخمسين سنة الموالية للاستقلال عُرفت الملكية بالمغرب بأدوارها التحكيمية والمنظمة لكل خلاف يقع بين الأطراف السياسية المتنافسة، ومافتئ ملك المغرب يصرح في كل خطبه بأنه ملك كل المغاربة بدون استثناء ولا يفرق بين أحد من أبناء وطنه. فكيف يحق بعد ذلك لجهة ما أن تسعى لتوظيف الملكية في تنافسها وتدافعها السياسي مع الآخرين؟، هو توظيف أقل ما يقال عنه أنه يُبقي شعورا عند المغاربة، أن المؤسسة الملكية أضحت طرفا داخل حلبة التنافس السياسي مع أطراف هي لا يمكن بتاتا أن تكون ندا لها. لا يمكن لأي كيان سياسي أن يقبل بان يكون ندا للملكية، بالمقابل لا يحق لأي كيان سياسي أن يوظف الملكية بأي شكل من الأشكال لصالحه في إطار تنافسه مع الكيانات السياسية المنافسة له. وعليه ينبغي للسيد فؤاد عالي الهمة وحركته أو حزبه المرتقب دخوله حلبة التنافس الانتخابي القادم أن يكف عن إطلاق أي إيحاءات، أوالقيام بأي تصرفات يُعرف من خلالها أن هناك توظيفا لإرث علاقته مع الملك وصداقته معه، يرمي من خلالها تحقيق نجاح سياسي داخل الحقل السياسي المغربي. على السيد فؤاد على الهمة وكيانه السياسي أن يُبين عن كفاءته السياسية وقدرة كيانه على الصمود والمواجهة استنادا على قدراتهما الذاتية، بعيدا عن أي توظيف، ولو معنوي، لشيء هو مشترك بين كل المغاربة بمختلف اتجاهاتهم وميولا تهم. إن من أوليات التعددية والتنافسية السياسية داخل المجتمعات، المسماة بالديمقراطية تكمن في خلق تكافئ في الفرص بين الكيانات السياسية على اختلاف اتجاهاتها ومشاربها الفكرية، مع دعم متساو لها يقدم من قبل الدولة، التي تسهر على حسن سير العملية الانتخابية بكل شفافية ونزاهة وحياد إيجابي، لأجل الدفع بتوسيع مجال المشاركة السياسية وإفساحها أمام مختلف فئات وأطياف المجتمع. بعيدا عن كل تحيز لهذه الجهة أو ذك، الأمر الذي يضفي على سلوك الدولة السياسي نوعا من المصداقية.