القضاء في المغرب لا ينظر إلى ناهبي المال والمرتشين على مر سنوات مند فجر الاستقلال ولكنه ينظر بعين الريبة إلى الصحفيين والكتاب المغاربة كلما قالوا كلمة صدق وجدوا أنفسهم بين أيدي الشرطة القضائية . "" في حالة محمد الراجي الذي خط ماتعلقت به نفسه من قصاصات الظلم والاحتقان الاجتماعي وما علق بذاكرته من سنوات الضياع وهو يودع المدرسة والكتاب ليعود لهما من باب آخر أشد حرقة وهو ينتقي بعفوية وبصدق ليكتب عن التهميش وصفوف المعوزين وآليات القهر التي نصبها المخزن وزمرته لعامة المغاربة.
في حالة محمد الراجي يغيب مفهوم المواطنة ، يغيب القضاء الحر بأوجهه المشرقة وهو قابع هناك في زنازين العهد الجديد التي رسمت لها لونا في بدايتها لتعود إلى ألوانها الطبيعية المتسمة بالقهر وبالجبن وتصفية الحسابات.
كان ذلك هو محمد الراجي وقد أكون أنا وقد يكون الآخر ، كان الراجي بعفويته يطرح سؤال من علم المغاربة التواكل والكسل والاعتماد على الوسطات والمحسوبية ؟
بطبيعة الحال لم يكن محمد الراجي لأنه لا يملك سوى قلما وأفكارا نيرة وقلبا حزينا يخفق بنبض هذا الوطن.هذا ماحاول أن يرمز إليه الراجي بجرأة ويتساءل بغضب شديدين : من المسؤول ؟. ليعيد السؤال الم يكن محمد السادس هو المسؤول كملك على البلاد عن كل شاذة وفادة فيها. والسؤال لماذا لايرضى ولا يقبل المسؤولون المغاربة بتحمل المسؤولية كاملة في القيام بواجباتهم حيال " الرعية" أو المواطن. المواطن الذي لا يملك سوى تلك القشور من الحقوق ، سوى تلك الكلمات المنمقة التي طفح بها الكيل من كل قناة بالية ولت بوجهها للمواطنين الفقراء .
في تلك الزنزانة التي زارها محمد الراجي وقبلها وبعدها آخرون لم تتوقف عربات المخزن عن التنكيل بكل شريف ذا عفة .كم سمعنا من آهات رجال الاستقلال وجيش التحرير وثوار السبعينات من القرن الماضي وطويت صفحاتهم بطي المصافحة كأن دار المقري لم تكن في تاريخ المغرب وكأن تازمامرت نسيت دون أن يعرف المغاربة مكانها وحجم معاناة أولائك الزوار الذين كانوا يعتقدون كما اعتقد محمد الراجي وآخرون بإمكانيات التغيير التي تبخرت كما تتبخر الأحلام .
في تلك الزنزانة التي سيكتب محمد الراجي بعضا من كلماته على جدرانها : "أن الحرية ضاعت في وطن يئن بسؤال المطالبة بالمسؤولية؟".
في مغرب الكريمات بدون سابق إنذار ، في مغرب الرشوة ، المحسوبية ، الزبونية، وإحكام القبضة على الكلمة الحرة ، يرفع القلم عن هذه البلاد التي لم يتبق فيها سوى أفول شمس قاومت كثيرا لتؤول إلى غروب ، و مهما طال فهو غروب مؤقت يوما ما سيأتي بفجر ثليد يلد من الرجاء والأمل أمثال محمد الراجي كما سبقه آخرون واللائحة ستطول قي ميزان الوطن السليب.