تقديم "" قبيل الساعة الرابعة من صبيحة الثلاثاء الموافق ل28 تموز/ يوليو 2009، أصدرت المحكمة الابتدائية في سلا (المغرب) حكمها على الموقوفين في ما بات يعرف "بقضية بلعيرج". وتوزعت الأحكام على المتهمين ال35 بين سنة مع وقف التنفيذ، إلى المؤبد بما يخص السيد بلعيرج. أما بما يخص "المعتقلين الساسيين الستة" الذين زجوا في هذه القضية، فقد تراوحت أحكامهم بين سنتين (2) سجن للأستاذ حميد النجيبي العضو بالحزب الإشتراكي الموحد، و20 سنة للدكتور العبادلة ماء العينين القيادي في حزب العدالة والتنمية، والأستاذ عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار، و25 سنة لكل من الاساتذة محمد المرواني أمين عام حزب الأمة، ومصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري، والدكتور محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي له. التهم التي وجهت للمعتقلين هي: "المس بسلامة أمن الدولة الداخلي وتكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف والقتل العمد ومحاولة القتل بواسطة أسلحة نارية مع سبق الإصرار والترصد ونقل وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بغرض استعمالها في تنفيذ مخططات إرهابية وتزييف وتزوير وثائق رسمية وانتحال هوية وتقديم وجمع أموال وممتلكات وقيم منقولة بنية استغلالها في تنفيذ مشاريع إرهابية وتعدد السرقات وتبيض الأموال". ذلك في الوقت الذي لم تستطع المحكمة على مدار سنة ونصف من الجلسات المتتالية أن تثبت أية تهمة ضدهم بمن فيهم السيد عبد القادر بلعيرج، المتهم الرئيسي في القضية والذي نسب للبعض علاقتهم به كتهمة رئيسية. كان قد سبق النطق بالحكم ادلاء المتهمين الستة بالكلمة الأخيرة خلال الجلسة الأخيرة يوم الأثنين 27 يوليو، ليجتمع القضاة فيما بعد للتداول (وكانت المحكمة قد تمثلت بالقاضي الرئيس الاستاذ بنشقرون ومستشاران وممثل للنيابة العامة وكاتب الضبط). عملية الاخراج هذه كانت تبغي اعطاء الانطباع بأن الأحكام ليست جاهزة، وبأن القضاء مستقل ونزيه، والأحكام تتناسب مع ما اقترفه كل من المتهمين من ذنوب وجرائم. في حين أن الشهادات حول المتهمين، بما فيها أقوال مسئولين حكوميين، تدلل على أشخاص يتمتعون بسمعة عالية وأخلاق حميدة ونشاط مدني وسياسي وثقافي متميز. بانتظار الأحكام، تجمهرت عائلات المعتقلين وهيئة المحامين وصحفيون من صحف ومجلات وقنوات تلفزة، كما وممثلون لجمعيات حقوقية ومتضامنون من العديد من الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية والثقافية التي لم تستسغ الرواية الرسمية، فبادرت منذ 21 أبريل 2008 لتأسيس لجنة وطنية للتضامن معهم. شهد التجمع توتراً وتدافعاً مع رجال الأمن الذين حاولوا منع البعض من دخول مبنى المحكمة، إلى أن انفض الجمع بعد النطق بالحكم للتظاهر داخل المحكمة والتعبير عن رفض الحاضرين للأحكام واستنكارهم للمهزلة وتضامنهم مع المعتقلين وحسرتهم على ما آل اليه القضاء في المغرب من تبعية للإرادات السياسية والأمنية والمخابراتية. منذ الجلسة الأولى للمحكمة التي جرت في 16/10/2008، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، بالتنسيق مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وقسم مناهضة الإرهاب، تتابع تطور المحاكمة وحيثيات ملف "المعتقلين السياسيين الستة ". كان قد آزرها في بداية المراقبة المعهد العربي للتنمية والمواطنة والمرصد الفرنسي لحقوق الإنسان. وذلك مواكبة للقرار الذي اتخذته عدة منظمات حقوقية عربية عقد في مدينة كييف في شهر أبريل/نيسان من السنة نفسها. فأرسلت إلى عين المكان عدة مراقبين منهم: كاتبة التقرير رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، والدكتور هيثم مناع المتحدث باسمها، والدكتور منصف المرزوقي الرئيس الأول لها، حيث بينهم من حضر عدة جلسات، كما تم تفويض مراقبين أوربيين منهم فاوستو غيديسي. يفترض الإشارة بادئ ذي بدء إلى أن السلطات المغربية قد سمحت لكل من شاء حضور الجلسات، ولكل نشاطات التضامن مع المعتقلين داخل المغرب، كما ولم تمنع أي حقوقي أو فرد من عائلات المعتقلين من السفر للمشاركة في ندوات التضامن خارج المغرب. أما الصحف المغربية المستقلة، فقد نشرت مختلف وجهات النظر في هذا الملف الخطير. نشير أيضاً لقبول القاضي بنشقرون وهيئة المحكمة والنيابة العامة لطلب لقاء قبل إحدى الجلسات مع الدكتور هيثم مناع، والنقباء عبد الرحيم الجامعي وعبد الرحمن بن عمرو، والأستاذ خالد السفياني، حيث تم الترحيب بحضور مراقب دولي ومتابعة اللجنة العربية لحقوق الإنسان للجلسات كافة. جرى في اللقاء الاطلاع على جوانب هامة تتعلق بسلامة النفس والجسد بشأن عدد من المعتقلين وبظروف اعتقالهم. ذلك على خلفية انتقادات وجهت لظروف التوقيف والاعتقال وأخذ التصريحات تحت الإكراه وتعرض أكثر من معتقل للقمع والقهر والمعاملة اللاإنسانية أو غير اللائقة، خاصة وأن اعتقال البعض كان لتقاطع طارئ مع المتهم الرئيسي. ومن الواضح أن المعتقلين السياسيين الستة وبعد حملة التضامن المغربية والعربية والدولية قد عوملوا في السجن معاملة جيدة، نسبة لما يعامل به المتهمون في ملفات التهم بالإرهاب. لكن لم يشمل ذلك بقية المعتقلين. وفي حين يمكن القول عموماً أن رئيس المحكمة قد تمتع بصدر رحب في الاستماع للمحامين خلال الجلسات ولم يقاطعهم إلا نادراً، لم تكن مداخلات وكيل الحق العام بمستوى النقاش. إلا أن قرار المحكمة ومنذ البدء بعدم إطلاق السراح المؤقت لأي معتقل أو التعامل بمطاطية وموضوعية مع المعطيات والمستجدات يذكَر بما هو متداول في المغرب: "المحامون يقولون ما يريدون والقاضي يحكم بما طلب منه". منذ القراءة الأولى للاعتقالات، وبمواكبة سبعة عشر ناشطاً عربياً من ثمانية منظمات عربية لحقوق الإنسان، واستناداً إلى التقارير الأولية التي صدرت عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمركز المغربي لحقوق الإنسان، وكذلك لتقييم العديد من المحامين المتطوعين للدفاع عن المعتقلين الستة، تم استنتاج أن الاعتقال تعسفي بحق المعتقلين السياسيين الستة، وأن زجهم في هذا الملف أمر في غاية الخطورة، وأن الخطر لا يتوقف وحسب على المعنيين وعائلات من أقحموا من شخصيات مسئولة في أحزاب سياسية مرخص لها في تهم إرهاب، بل ينسحب على المغرب وسمعته وسيرورة الاصلاح والتغيير برمتها. كما وأن مكمن القلق يطال بنوع خاص القضاء الذي مرة أخرى قدم الدليل على أنه لا يتمتع بالمصداقية وإمكانية الحكم بالعدل والنزاهة، لاسيما عندما يزج في قضايا سياسية عليه مباركتها بغطاء محاكمات بقيت صورية ولم ترق للمستوى المطلوب. وذلك في بلد يراد له أن يعطي المثل في إمكانية التحول الديمقراطي ودولة القانون بعد خروجه من سنوات الرصاص وسجن تزمامرت وإلى ما هنالك مما بقي من علامات فارقة في جبين هذه الدولة. الملابسات والدفوعات بالاستناد لمجمل فصول القضية ولما سيلي عرضه، كانت إذاً هذه التهم جاهزة منذ وقت طويل وقبل أن ينطق القضاء بها ضد 35 شخصاً تم وصفهم بالانتماء لأخطر خلية إرهابية عرفها تاريخ المغرب أطلق عليها اسم " شبكة / خلية بلعيرج ". بان ذلك منذ أن سارع لافشائها وزير الداخية والوزير الأول ووزير الاتصال في 20 فبراير/ شباط 2008، والتهديد بمتابعة كل من تسول له نفسه التشكيك في الرواية الرسمية وفي صكها الاتهامي. ومنذ إصدار رئيس الوزراء في 21 فبراير / شباط 2008، وفقاً للمادة 57 من قانون الأحزاب المغربية، مرسوماً يقضي بحل حزب "البديل الحضاري". ومنذ إصدار الحكم القضائي في 28 فبراير2008، وقبل أن يحال المعتقلون على قاضي التحقيق، بإبطال تأسيس حزب الأمة. وقبل متابعة المعتقلين من طرف النيابة العامة، أو حرمان قاضي التحقيق لهيئة الدفاع من نسخ محاضر ووثائق الملف. علماً أن قاضي التحقيق لم يبدأ بعملية الاستنطاق سوى بعد مضي ثلاثة أشهر، كما أن تقديم المتهمين للمحكمة لم يتم إلا بدءا من يوم 28 فبراير / شباط 2009. بما يدلل على أن ما سبق يقع ضمن حملة تسييس المحكمة وتغول السياسي على القضائي، بل ومحاولة توجيهه مسار المحاكمة. وحيث بان اختلاف وتناقض بين تصريحات السيد عبد القادر بلعيرج، يُطرح بداية السؤال على أي اساس اعتمدت تصريحات دون غيرها، لاسيما وأن المتهم الرئيسي غيّر المحامي الذي توكل عن ملفه بين الاستنطاقين الابتدائي والتفصيلي. لقد أعزي لبلعيرج أنه هو من ورط المعتقلين الستة، حيث ظهر ذلك في المحضر المؤرخ بتاريخ 18/2/2008 والذي اطلع عليه المحامون. لكن في الواقع هذا المحضر صيغ خصيصاً لتوفير سند الاعتقال، في حين أن خبر وجود القرار بمنع المرواني والمعتصم من السفر قد تسرب للصحافة قبل تاريخ تحرير المحضر المذكور. ويؤكد على ذلك المحضر الذي سبقه والذي لم يتضمن أية إشارة لأسماء الشخصيات السياسية الست. بما يعني أن اعتقالهم ليس سوى قرار سياسي سبق ما سُمي ب«اعترافات بلعيرج». ولمن يطرح السؤال عن سبب عدم متابعة بلعيرج في بلجيكا، يأتي الجواب بأنه بكل بساطة لم يرتكب ما اتهم به. مع ذلك حكم بالمؤبد في محكمة مغربية افتقرت لكل مقومات النزاهة والمصداقية. للأسف، قام بمواكبة هذه الحملة عدد من الصحفيين عندما بدأوا بالترويج عن مؤامرة كبيرة تستهدف المملكة المغربية. وساهم عزل عبد القادر بلعيرج عن العالم خلال تسعة أشهر، حيث لم يسمح له خلالها بالاجتماع أو بالاتصال بأحد من أفراد عائلته، في زيادة الشائعات والقيل والقال. فاتهم البعض إيران بمحاولة زعزعة الأوضاع في المغرب، وبعضهم تحدث عن دور لحزب الله، بل ولم يمتنع البعض الآخر عن ذكر دور لمنظمة القاعدة. لقد سمح بعض الإعلاميين لانفسهم بكل الفنطازيات الممكنة، بحيث اكتشف خيطاً سرياً يمتد من جماعة "أبو نضال" إلى الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، ثم حركة التشيع عبر قناة المنار من أجل تثبيت اتهام إيران وحزب الله وقناته الفضائية بالإرهاب. الأمر الذي ما زالت تصر عليه الحملة الديبلوماسية والأمنية التي جرت خلال الأشهر الأخيرة في المغرب ضد الشيعة والتشيع والكتب الشيعية. وهو يبدو تهديداً مشفراً موجهاً لأحزاب ومجموعات أخرى، ومبرراً لوجود أجهزة أمنية بعينها. أما الصحف التي روجت لكل هذه الأمور فلم تسمح لمن طالب بحق الرد بالدفاع عن نفسه. بل تم استغلال الفراغات القانونية في الصحف الصادرة على الشبكة العنكبوتية للترويج لاتهامات كبيرة للسياسيين المعتقلين في هذه القضية. أما المعتقلون السياسيون فقد اقتيدوا، بناء على تصريحات أناس اعتقلوا قبلهم بشهرين، إلى الضابطة القضائية في الدارالبيضاء لاستنطاقهم في ظروف غير إنسانية، ومنهم من كان بلباس النوم، بعد أن جرى تفتيش بيوتهم دون إذن وحجز كتب وحواسيب وأقراص مدمجة تخصهم. وعند مثولهم أمام هيئة المحكمة، صرّح المتهمون بأنهم أكرهوا على الادلاء بوقائع تحت التعذيب بالمخفر السري بتمارة. مما دفع هيئة الدفاع للمطالبة بإجراء بحث تكميلي للإستماع لقاضي التحقيق الذي استمع للمتهم الرئيسي بحضور شخص قام بتعذيبه. كما تقدمت الهيئة بطلب الذهاب لعين المكان الذي هو مقر التعذيب بتمارة بعد ما رواه المتهمون عن هذا المركز، لكن هذا الطلب تم رفضه كما رفض غيره. وقد كان الوكيل العام قد لجأ لكل الأساليب لمنع محامي الدفاع من زيارة موكليهم، وعندما استطاعوا تحقيقها وقاموا بزيارة مصطفى المعتصم أجمعوا على أن التزوير وقع. لقد رُفضت طلبات المحامين أيضاً بإطلاق سراح موكليهم المؤقت منذ الانتهاء من التحقيق معهم، حيث كانوا قد أوضحوا بأن موكليهم، وبشكل خاص ذوي المواقع السياسية والإعلامية المعروفة، تتوفر فيهم كل صفات إطلاق السراح الشرطي وهي: أن المتهم عديم السوابق، ومعيل لأسرة وأطفال قّصر، وقد انهى مرحلة الاعتقال والاستجواب، ومستعد للمثول قضائياً في أي وقت ولدفع كفالة مادية أو معنوية، ومن حقه قرينة البراءة الدستورية والقانونية، ولا يتسبب الإفراج عنه بعرقلة الإجراءات المسطرية أو بأي خطر على الأمن العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات عامة. فالنيابة العامة رأت أن طلبات الافراج المؤقت لا تستند لمسوغ قانوني، رغم أن قرينة البراءة في القانون المغربي هي الاصل وتفسر دائماً لفائدة المتهم. علاوة على أن ملف السياسيين الستة لا يوجد فيه دليل إثبات واحد. وحيث أن المغرب لا يعوّض على السراح المؤقت، فنحن أمام حالة ظلم يجتمع فيها: غياب خطورة الشخص، وهلامية خطورة الفعل. وبالتالي الحرمان من حق الحرية، وحق العمل، وحق التعويض، دون أن تشكل حرية المتهم خطراً على أحد. علاوة على أن الاحتفاظ بالمعتقلين نجم عنه نتائج سلبية على المجتمع، بما في ذلك بطالة عدد كبير ممن يعمل في مشاريع اقتصادية. لذا ركّز أكثر من محام على رفع الحجز المالي خاصة فيما يتعلق بأقرباء المتهمين، حيث كان قد جرى التطرق في إحدى الجلسات لحالة صلاح بلعيرج، شقيق عبد القادر، وإصابته بالسرطان ومصادرة كل أمواله. وحالة الأب الذي صودرت أملاكه بجريرة ابنه. من المؤسف أن النقاش المعمق في مفهوم الطابع الشخصي والفردي للاعتقال الإداري، وعلاقته بخصوصية خطورة الشخص، وغياب خطورة الفعل، والاحتفاظ بالمتهمين في السجن، كان يتطلب من وكيل الحق العام رداً قانونياً وجيهاً، إلا أن رده كان خارج المنطق القانوني وضمن منطق التعليمات المسبقة. كذلك رُفض طلب رفع العقوبات المالية عن أقارب معتقلين، وتُركت مسألة وضع السجناء للمؤسسة العقابية. لقد التمس الدفاع إيقاف البت في القضية لحين البت في الشكاية الموجهة ضد قاضي التحقيق بتزوير المحاضر و"دس" مستندات الإنابة القضايئة الدولية التي انجزت ببلجيكا (وهي وثائق باللغة الفرنسية) بملف القضية خلسة وبطريقة غير قانونية بعد الإنتهاء من الإستنطاق التفصيلي، واصفاً ذلك بأنه مؤامرة تدبر ضد المتهمين. كما وطالب بضرورة ترجمة الوثائق المنجزة باللغة الفرنسية لأن الأمر يتعلق بالسيادة ولغة المغرب الرسمية. لكن هذا الالتماس كان دون جدوى حيث لم يتوقف البت في القضية، واقتُصر على ترجمة بعض المقاطع شفهياً. يجدر بالذكر أنه يتابع في هذه القضية ثلاثة أشخاص لا يعرفون كتابة أو قراءة اللغة العربية: الأول أمازيغي والآخران يتكلمان الفرنسية، لم يتوفر في البداية لأي منهم مساعدة مترجم لفهم اللغة العربية التي صيغت بها محاضر الضابطة القضائية، وخلال الإستنطاق التفصيلي لدى قاضي التحقيق. فوقَّّعوا على المحاضر المكتوبة باللغة العربية الفصحى دون أن يستطيعوا قراءة ما جاء فيها. وحيث طالب الدفاع تمتيع هؤلاء المتابعين بحقهم في مترجم، تم ذلك للمتهمان اللذان يتكلمان اللغة الفرنسية، في حين حرم الشخص الذي يتحدث الريفية من حقه في مترجم بحيث تطوع أحد المحامين لمساعدته عند مثوله أمام هيئة المحكمة. كذلك، لم تعط وزارة العدل موافقتها على طلب توكيل محامين من بلجيكا، سواء عن المتهم الرئيسي أو ضده. كما ولم يطلع المتهمون على كامل الملفات، واشتكوا من نقاط رمادية لم يستطيعوا فهم كنهها. لقد ظهرت في جلسات المحكمة الماراتونية وقائع تدل على عدم تماسك التهم والتلاعب بالعديد من الوثائق، مثل وجود بيانات بالعربية من متهم لا يتحدثها واتهامات للتآمر بين أشخاص لم يتقابلوا قط، واعتبار أن «الاختيار الإسلامي» تنظيم نشأ عام 1992 كما جاء في المحاضر، في حين أنه يعود إلى 1981 وغيره من ثغرات كبيرة. أما الشهود فلم يستدعوا نزولاً عند طلب الدفاع، ومنهم وزيرين قاما ب "إدانة المتهمين قبل أن يبت القضاء في الملف وأدليا بتصريحات يحذران فيها كل من يشكك في الرواية الرسمية"، وأيضاً رئيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان خاصة وأنه أدلى بشهادة في برنامج حواري لفائدة الأستاذ مصطفى المعتصم. وبما يخص طلب السماح لكاميرات الصحافة بدخول قاعة المحكمة كون الجلسات علنية، لاسيما وأن خمس كاميرات ثبتت على جدران القاعة لنقل وتصوير المتواجدين داخلها دون أخذ إذن من أحد، الأمر الذي يجرمه القانون وجعل الدفاع يطالب بإزالتها، كما وبإحضار الأشرطة لإتلافها كون المتهمين يرفضون تصويرهم دون إذنهم، رفضت هيئة المحكمة كل الطلبات. فلم تسمح بدخول كاميرات الصحافة لقاعة المحكمة، ولم تأمر بنزع الكاميرات عن الجدران، رغم أن الجلسات تميزت بحراسة أمنية مشددة في الوقت الذي وضع فيه المتابعون في قفص زجاجي. كان الدفاع قد احتج أيضاً على عدم عرض المحجوزات على المتهمين أثناء مرحلة التحقيق التفصيلي، وطالب بإحضارها أمام هيئة المحكمة خلال مرافعته. لكن لم تُحضر المحجوزات وإنما الأسلحة النارية التي عزي مصدرها للمتهمين. فقد وضعت على طاولة خصصت للأمر داخل قاعة المحكمة قبل حضور المحامين، وذلك بطريقة مشهدية ضمن سياج حديدي وحراسة ست أشخاص بزي مدني ومنع الاقتراب منها أو مسها، بل عرضت على شاشة مكبرة. أيضاً أُبرزت هذه الأسلحة بطريقة غير قانونية حيث لم تكن مختومة بالشمع الأحمر، كما لم يقدم إسم الضابط الذي قام بعملية الحجز، أو تاريخ الحجز، أو اسم الشخص الذي ضبطت بحوزته، ومن دون استدعاء خبراء لفحص البصمات. أما المسدس الوحيد الذي عرض فهو من مصدر تشيكي، لكن الرصاص الذي اطلق فلم يكن منه وان كان من صنع تشيكي. بمعنى أنه يجب أن يكون هناك مسدسان على الأقل. ذلك أن عملية السطو المسلح على ناقل الأموال من بنك مغربي تظهر أن الخرطوش من مصدر برازيلي. الأمر الذي يدعو للتساؤل أي من المحضرين كاذب أو أي خبير لم ينطق بكلمة الحق. لذا ليس بالامكان التأكد من المسدس الذي استعمل في محاولة اغتيال التاجر اليهودي آزنكوت. خلال هذه الجلسة حصل جدل طويل بين هيئة الدفاع ورئيس المحكمة بعد اتضاح وجود اختلاف بين الأسلحة الموجودة في الصور التي نشرتها الصحافة المغربية بخصوص «عملية ماكرو» ومحاولة قتل آزنكوت التي تمت في 1994، وتلك المعروضة في المحكمة. وقدم المحامون والمتهمون المحاضر التي حُررت في حينه عن العملية وخبر اعتقال الفاعلين المنشور بالصحف، وأسماء من ارتكبها، والأحكام التي صدرت بحقهم. ورغم انعدام أية إشارة فيها لمشاركة طرف آخر في العملية، عادت محاضر هذا الملف لتنسبها مجدداً لهؤلاء المعتقلين مستعملة نفس الرواية والوقائع وذات الجمل أحياناً. كان المشهد مضحك ومحزن بآن عندما توجه محامي الدفاع بالسؤال عمن من المتهمين لديه أوصاف الفاعل، مستنداً بالمعطيات للشاهد الوحيد الذي عاين جريمة محاولة اغتيال أزنكوت. وعندما لم يكن هناك شبه من قريب أو بعيد بأي من المتهمين، تقدم المحامي بمحضر الضابطة القضائية لرئيس المحكمة لتثبيت اعتراضه. مع ذلك لم يوقف الرئيس الجلسة بعد انهيار مكونات التهمة. لكن اضطره الجدل مع المحامين للخروج من القاعة عدة مرات دون رفع الجلسة، حيث استمر الأخذ والرد ما يناهز ثلاث عشرة ساعة. كذلك اعترض الدفاع على مناداة المتهمين غير المعنيين بهذه الأسلحة للتعرف عليها. لكن هذا الاعتراض أيضاً رفض من قبل رئيس المحكمة الذي استدعى المتهمين فرداً فرداً. فكانت الأجوبة وردود الفعل هزلية بمستوى الأسئلة التي طرحت عليهم. الردود المختزلة من هيئة المحكمة قابلها ردود عنيفة من المحامين الذين أكدوا على خطورة الانتكاسة التشريعية التي أدت لانتكاسة أمنية، وبالتالي لانتكاسة قضائية، بما أعطى الانطباع بغياب الشعور بالمسؤولية عند القضاة أو إدراكهم لخطورة القضية. ففي قراءة لظروف الاعتقال والتحقيق والمحاكمة، نستنتج أن المواطن المغربي هو من يحتاج إلى ضمانات، وليس الدولة أو وكيل الحق العام. لقد رأى محامو فريق الدفاع بأن التعامل معهم ومع المتهمين بهذه الطريقة هو توريط للبلد ومنحه سمعة رديئة، كما وأن رد الإدعاء يستخف بالعقول والمعطيات القانونية، كونه لا يمكن رفض الطلبات دون تعليل الأسباب. وحيث أن التفريد والتشخيص هو الأساس، رد الإدعاء كان التعميم والإجمال، بل تعويماً يضرب في الصميم مفهوم الحريات الشخصية. وقد علّق أحد المحامين بالقول : "نحن أمام حالة متابعة بالجملة واعتقال بالجملة واحتفاظ بالجملة، رغم أن القانون يعتبر كل شخص حالة قضائية". لقد لخص التصريح الصحفي لهيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين الستة وللجنة الوطنية للتضامن معهم الذي صدر في 03-08-09 إثر النطق بالحكم الموقف بأن الملف مطبوخ ومفبرك ولا يستند لأي أساس. وبأنه قرار سياسي حاول أن يستند لتزوير المحاضر المنسوبة للمتهمين ويحرمهم خلال مرحلة التحقيق من حقوق دفاعهم كافة، بما فيها الحصول على نسخ من المحاضر والوثائق، ومن استدعاء شهود أساسيين لتبيان الحقيقة. كما وظهر خلال كافة مراحل المحاكمة إصرار شديد من طرف المحكمة على عدم الكشف عن حقيقة الملف وحقيقة المتابعة وحقيقة رواية وزير الداخلية التي بقيت هي "الحقيقة" الوحيدة التي تتحكم في الملف. الأمر الذي تجلى في رفض هيئة الحكم لكل الدفوع والملتمسات الجادة التي تقدم بها الدفاع في هذه القضية، بما فيها استدعاء شهود أساسيين والطعن في المساطر المختلفة المجراة ( بحث تمهيدي، تفتيش، حجز، اعتقال، حالة تلبس، تعذيب، تزوير محاضر..الخ). وكان الدفاع قد قدم جميع الوثائق والتصريحات والمقالات والاستجوابات التي أجريت مع المعتقلين السياسيين، والتي أكدت جميعها زيف ما حاولت الرواية الرسمية إلصاقه بهم. لا بل أكدت على مواقفهم السياسية من مختلف القضايا الوطنية، مثل الملكية، الوحدة الوطنية، إرساء دولة القانون ونبذ العنف وأهمية المشاركة السياسية في إطار القبول بالتعدد الفكري والسياسي واعتماد الحوار والنضال السلمي. في تقييمه للقضية، يقول المصطفى صوليح، عضو اللجنة العربية لحقوق الإنسان، الذي حضر بعض جلسات المحكمة : "في حين أن المملكة المغربية ما فتئت تتصدر قائمة دول العالم التي يستشري فيها الفساد، وقمع حرية التعبير، وإبداء الرأي المسالم لكن المخالف، وعدم تمتيع القضاء بسلطته وباستقلاله، وعدم مساءلة ومحاسبة الجناة من موظفي الدولة الرسميين، وعدم تنفيذ باقي الالتزامات القانونية المستمدة من معايير حقوق الإنسان (الاحترام والحماية والوفاء) خاصة في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتنموية والبيئية... فإنها كذلك تكاد اليوم، وبعد حوالي عقد من الزمن، تنفرد وحدها بمواصلة الاعتماد على ما يسمى قانون مكافحة الإرهاب في اتهام الأفراد والمجموعات وجعل غيرهم من المعارضين بمثابة رهائن خاضعين للحراسة النظرية أو للتحقيق أو الاعتقال الاحتياطي أو للسجن أو للتصنت وغيره من أشكال المراقبة عن كثب ...)إلى حين قد يطول أو يقصر تبعا لأجندة مالكي القرار السياسي والمالي الداخليين وخطط حلفائهم الدوليين). في مداخلتها تحت عنوان " ظروف وملابسات اعتقال السياسيين الستة " التي شاركت بها في ندوة "حقوق الإنسان في المغرب" (التي نظمتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان بمالاكوف باريس يوم 13/9 /2008)، قالت السيدة سكينة قادة، منسقة عائلات المعتقلين الستة بالمغرب : "هؤلاء المناضلين السياسيين شخصيات معروفة وطنيا ودوليا ولم يكن ضروريا لجوء السلطات إلى إجراءات مخلة بالكرامة والحقوق ومنافية للقانون من أجل التحقيق معهم.. هؤلاء الرجال الشرفاء مشهود لهم بإيمانهم بالعمل في إطار القانون والدستور واعتماد الاعتدال في مواقفهم ورفضهم المطلق والمبدئي اللجوء لكل أشكال العنف والتطرف والغلو والإرهاب وإيمانهم بالعمل السياسي المشروع وقناعتهم بثقافة الحوار والديمقراطية". ردود المتهمين أول المطلوبين للمثول أمام المحكمة كان حميد النجيبي الذي طعنت هيئة دفاعه في محضر ضابطة الشرطة القضائية المنجز زوراً، وصرح المدعى عليه بما مارسه نحوه رجال أمن بزي مدني من احتيال لاعتقاله ونقله إلى مخفر الشرطة. كما وأن التحقيق معه كان يجري وهو معصوب العينين ومكبل اليدين وأن المحققين " استعملوا معه العنف بما فيه الصفع كلما سمعوا إجابات لم ترق لهم، علاوة للخنق باليدين والركل والسب". وكونه أستاذ لمادة التكنولوجيا الصناعية فقد اتهموه بصناعة المتفجرات لفائدة خلية بلعيرج، وذلك رغم نفيه لوجود أية علاقة بالزعيم المزعوم لهذه الخلية سوى قضية تسلم دواء من بلجيكا عبره. يقول: "أنا لم يسبق لي أن تعرفت على بليرج أو التقيت به، فهناك أشخاص عديدون كانوا يحضرون الدواء الذي كان يبعثه أخي من بلجيكا إلى والدي رحمة الله عليه، و لكن لم يكن من بينهم بلعيرج.... حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية التي أنتمي إليها هي حركة تقدمية بمرجعية يسارية... هل يمكن لعاقل أن يصرح بمثل هذا التصريح لدى الضابطة القضائية...وأن هناك شباب ديمقراطي تقدمي يساري له رغبة في الجهاد في المغرب؟ فهذا ليس تصريحي وانا اطعن فيه بالزور". إذا كانت تصريحات هيئة الدفاع تؤكد على براءة المعتقلين السياسيين الستة من كل ما نسب إليهم وتفند الرواية الرسمية وتلح على تمتيعهم بكافة حقوقهم، فإن ما أدلى به المعتقلون أنفسهم في دفاعهم لهو أكبر دليل على هذه البراءة. وللقارئ أن يحكم بعد الاطلاع على مقتطفات مما تقدم به المعتقلون الخمسة الآخرون أمام هيئة المحكمة: *في مرافعة الأستاذ مصطفى المعتصم يومي 07 و 12 ماي/أيار 2009 يقول: "بدأ قرابة 20شخصا بتفتيش المنزل حيث صادروا مئات الكتب من المكتبة وضعت في أكياس بلاستيكية كانوا يأخدونها من المطبخ. كتب متنوعة المصادر مثلا كتاب عن الطبخ المغربي للأندلس ومجموعة من الأقراص المدمجة من بينها مجموعة أقراص خاصة بالموسيقى الكلاسيكية. كما اقتحموا غرفة النوم وصادروا ما يقارب 50كيلوغرام من الوثائق الشخصية التي كتبتها عن الإستشراق واليهودية واحداث 16 ماى وقضية الصحراء، وانتهكوا الحميمية بالعبث في دولاب الملابس .كما صادروا حاسوبي والوحدة المركزية لحاسوب اطفالي". "بعد ذلك تم اقتيادي إلى المعاريف حيث تعرضت لتعذيب نفسي ممنهج فكانت سلسلة من المس بالكرامة الإنسانية تمثلت في الضرب والوعيد والتهديد بالإجلاس على" القراعي"، إضافة إلى السب والشتم بعبارات نابية وأنا معصوب العينين مقيد اليدين .كان هناك ثلاثة إلى إربعة حراس يتناوبون على السرير الذي كنت أتمدد عليه لمنعي من النوم مع عدم إطفاء الضوء لتستمر التحقيقات معي إلى الفجر ناهيك عن فقدان النظافة والطعام الملوث .كما منعت من الوضوء لعدم توفر المعاريف على مراحيض عصرية، فاضطررت للصيام لمدة ناهزت الأسبوع، أكتفي فيها بسد الرمق فقط . تم الاستنطاق يوم الاثنين والثلاثاء حيث وقعت على 15 محضرا. لكن أعيد التحقيق معي يوم الخميس حيث أخبرني أحدهم بأن الأسلحة يتم تهريبها الى المغرب وأن بلعيرج قام بقتل خمسة يهود وأن اسرائيل "ستنزع السروال للمغرب" قبل أن يطلب مني التعاون باسم الوطن .أخبرني المحققون مباشرة بعد الندوة الصحفية التي عقدها وزير الداخلية أن المسؤولين غير راضين عن المحاضر التي أنجزت سابقا ولا بد من تعديلها ليتم استنطاقي من جديد بطريقة وحشية. وهكذا يكون وزير الداخلية وجه مسار التحقيق، أي أن الإدانة سبقت التحقيق. فالإعتقال كان يوم 18/ 02/ 2008وعقدت الندوة الصحفية يوم20 /02 2008/ حيث وجهت التهم مع حل حزب البديل الحضاري ليعاد معي التحقيق يوم 21/02/2008 الأحد مساء في العاشرة ليلا. طلب مني التوقيع على المحاضر وكان الضوء خافتا وكنت بدون نظارات. وقعت على ثلاثين محضرا وكنت أقرا نسخة واحدة منها فقط وأوقع على الباقي دون الإطلاع عليها حيث تم التزوير..." "صرحت أمام البوليس، حينما قالوا لي "أنت متابع بعدم التبليغ عن خلية بلعيرج"، أنني لم أكن أعلم بوجودها ولو كنت أعلم بوجود أي تنظيم يهدد أمن المواطنين لبلغت عنه. المرة الوحيدة الدي بلغني فيها عن طريق شخص أتصل بي من روما ليبلغني عن قرب وقوع هجمات ارهابية في صيف 2003- وهنا أصحح 2003 وليس 2005 كما صرح أحمد حرزني- تستهدف منشآت حساسة... فسارعت للاتصال بأحمد حرزني، الذي يشغل حاليا منصب رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، لأبلغه وأطلب منه الاتصال السريع بأحد المسؤولين الأمنيين ليتخذوا الاجراءات المناسبة والسريعة..." يضيف المعتصم في دفاعه، "بخصوص لقاء طنجه، فإنه لقاء عادي مثل مئات اللقاءات التي عقدناها في أفق الإعداد لمبادرة سياسية. اللقاء كان تعريفيا تعارفيا. عرفنا فيه بتيار الاختيار الاسلامي وأعطينا فيه تحليلا عن الوضع السياسي القائم آنذاك ببلادنا والتحولات الجيوستراتيجية التي كان يعرفها العالم. السيد بلعيرج بعد الاستماع لنا طرح سؤالا : هل تفكرون في أن يكون لكم وجود في أوروبا بحكم الوجود القوي للمغاربة في الخارج وبحكم أن وزارة الداخلية ستعيق أي مبادرة سياسية وستسعى لنسفها، ومن هنا تأتي قيمة التواجد بالخارج. السيد بلعيرج لم يعرض علينا أن يكون ممثلا بالخارج فاللقاء كان تعارفيا. لم ألتقيه بعدها نهائيا حتى التقينا هنا بالمحكمة حتى أنني لم أستطع التعرف عليه.." "المحاضر المزورة تقول أيضا أننا خططنا للاعتداء على اليهود وهذا كذب وزيف... ان الهجوم على اليهود وتخويفهم يصب في طاحونة الصهيونية والموساد وعملائها. ولذا لا أستبعد أن يكون من وراء هذه الاعتداءات العصابات الصهيونية ومن يواليها، وقد يستغلون سذاجة وبساطة البعض. نحن نأمل بأن يعود اليهود المغاربة الى بلادهم ويتركوا فلسطين لأهلها. يعودوا للمغرب ليعيشوا حياة الطمأنينة. نحن سنفتح لهم ذراعنا شرط أن يقطعوا علاقتهم بالمشروع الصهيوني وبالدولة الصهيونية... حزب البديل الحضاري حزب لا يمانع من وجود مواطنين يهود به شرط أن يلتزموا بأهدافه.." "وحيث أن القاضي لم يسألني عن عملية "ماكرو" فقد بادرته الى القول عندما كان يهم بترك الكلمة للنيابة العامة : لم تسألني سيدي القاضي عن" ماكرو" والتي تقول المحاضر البوليسية أني صاحب فكرتها سنة 1994وتقول أنني بقيت 3 أشهر أراقب السوق المركزي لماكرو للتخطيط ووضع خارطة. قلت له سيدي القاضي محاضر البوليس تقول أني كنت أراقب ما يجري حول "ماكرو" انطلاقا من مقهى موجود به باعتبار أني كنت اشتغل بالمدرسة العليا للاساتذة بالدارالبيضاء. وكنت أقوم بذلك عند انتهائي من عملي. كانوا يظنون أني اقطن بالرباط وأشتغل بالبيضاء. سيدي القاضي سنة 1994 كنت أقطن بفاس التي تبعد عن البيضاء 250كلم وأشتغل بالمدرسة العليا للاساتدة بفاس ولم أنتقل الى الرباط إلا سنة 1999عندما عينت بالبيضاء. فكيف أراقب يوميا لمدة ثلاثة اشهرسوق ماكرو بالبيضاء وأنا أسكن في فاس ؟" "نحن سيدي القاضي أمام مؤامرة يقودها أوفقيريون جدد أو فوضويون جدد ضد أبناء الحركة الإسلامية فهم لايرون الإسلامي إلا مقتولا، مفجرا نفسه، أو مسجونا. هم لا يعتبروننا شركاء في المواطنة. إن سجني مؤامرة مدبرة عقابا على مواقفنا من الترتيبات السياسية التي كان يهيأ لها لفتح المجال للمولود الجديد. نحن يجب أن ندخل السجن .العدالة والتنمية التي حملوها المسؤولية الاخلاقية عن احداث 16ماي 2003 يتم تهديدها باعتبار أنها تعرضت للاختراق. والحزب الاشتراكي الموحد يعاقب لأنه فتح لنا مقراته لإقامة مؤتمرنا التأسيسي للحزب... إني أحذر من سقوط المغرب في فخ الإرهاب الذي سيعيده إلى الخلف ليجد نفسه في وضع مماثل لما تعيشه الجزائر وتونس. كما أحذر من تكرار سيناريو البوليزاريو الذي خلق بسبب اهانة مجموعة من الشباب في كرامتهم من قبل جهات في الحكم سنوات السبعينات". ينهي بالقول: "تأسيس حزب البديل الحضاري لم يتم عن طريق وزارة الداخلية وهو ما لم يرق لبعض الاشخاص. لقد راسلنا الملك في هذا الشأن فكلف وزارة الأوقاف بالنقاش معنا حتى ننال الاعتراف القانوني. وقد أراد هؤلاء المتآمرون ارسال رسالة قوية مفادها أن تجاوزهم كان خطأ كبيرا... أنا لا علاقة لي بشبكة اسمها شبكة بلعيرج لأنها أصلا غير موجودة. الشبكة الوحيدة التي أنا عضو فيها وكنت من مؤسسيها هي شبكة الديمقراطيين العرب في العالم". * أما الأستاذ محمد المرواني، فأكد في مرافعته في 14 مايو/أيار 2009 بأن هذه المحاكمة تفتقد لشروط المحاكمة العادلة لأن "النازلة تتم مناقشتها دون وجود وسائل الإثبات ومن ضمنها المحجوز والشهود". وعبّر عن استعداده للتعاون من أجل كشف الحقيقة، موضحاً أن المنطق القانوني يشترط في ثبوت الوقائع "العلم القاطع الجازم بأن ما وقع وقع فعلا" وأنه لا يمكن أن تبنى التهم على الظن والقيل والقال ... وقدم جرداً بمواقفه من موضوع العنف والغلو والتطرف خلال مساره في إطار الاختيار الإسلامي، فالحركة من أجل الأمة، ثم حزب الأمة. وقال أن هناك قراراً سياسياً من جهات معينة لإقحامه في هذا الملف، مشيراً إلى أن وزير الداخلية قال في ندوة صحفية عقدها يوم 20 فبراير 2008 أنه هو أمير التنظيم، في حين أن مسؤولاً بوزارة الداخلية زاره أثناء التحقيق معه في مقر الشرطة القضائية وقال له "نحن نعرف أن لا علاقة لكم بهذا الملف". وأشار المرواني إلى أن عناصر الشرطة القضائية سلموه المحضر يوم 24 فبراير 2008 ليلاً وطلبوا منه توقيعه، فقرأه وصحح فيه بعض الأمور البسيطة. بعد ذلك سلموه المحضر المصحح فقرأه ولما أراد توقيعه طوقه عدة أشخاص وطلبوا منه التوقيع على العديد من الأوراق مدعين أنها نسخ من المحضر الصحيح فقام بتوقيعها على هذا أساس، ليتبين له بعد أن اطلع على المحضر المرفق بملف القضية أن عناصر الشرطة القضائية تحايلوا عليه ليوقع على محضر مزور. وعلق المرواني على هذا التزوير قائلا "واحزناه على الضابطة القضائية". وفي معرض رده على أسئلة الوكيل العام، ذكر أن لقاء طنجة صيف 1992 كان أول وآخر لقاء مع بلعيرج. وأشار إلى تناقض في المحاضر حيث ورد فيها أن الشبكة نفذت عمليات سطو في 1994 لتمويل إصدار جريدة الجسر في حين أن جريدة الجسر صدرت في سنة 1992. وتساءل ساخراً "كيف يعقل أن تمتلك الشبكة 17 مليار ويكون أعضائها في حالة مادية يرثى لها؟". وفي ختام رده، أكد المرواني أنه يمتلك الدليل على أن الملف مصطنع، وأشار لعملية السطو على "ماكرو" سنة 1994 التي وردت في المحاضر، وفاجأ هيئة المحكمة حينما عرض عليها نسخة من جريدة الاتحاد الاشتراكي ليوم 29 غشت 1994 تتضمن بلاغاً صادراً عن وزارة الداخلية يؤكد أن السلطات اعتقلت كافة الأشخاص المتورطين في عملية السطو على "ماكرو"، ثم خاطب هيئة المحكمة صائحاً: "كيف يحاكموننا على جرائم قام بها أشخاص آخرون وحوكموا عليها؟" * مما أدلى به الدكتور محمد الأمين الركالة في 15 مايو/أيار 2009 الآتي: "إني أمثل أمامكم متابع بتهم لم يقدم فيها الإدعاء أي دليل، تهم تستند إلى محاضر مزورة يفندها العقل والمنطق وتفندها سيرتي ومسيرتي الفكرية والسياسية... إن هذه المحاكمة سياسية تندرج في إطار عملية قيصرية لإعادة ترتيب الساحة السياسية بالإكراه وفق حسابات ضيقة ومحدودة الأفق، تقوم على منطق إخضاع الأحزاب السياسية وتدجينها في إطار أجندة انقلبت على كل الجهود التي بذلت وتبذل من أجل توفير شروط الإنتقال الديمقراطي. واستهدف هذا الإنقلاب على الديمقراطية الأحزاب العصية على التدجين بالتضييق على بعضها والإجهاز على البعض الآخر". "يجدر بنا ونحن نستدعي السياق المحلي البدء من يوليو 1999، يومها انتقل الحكم من ملك إلى ملك أعلن عن بداية عهد جديد. وبقدر ما أثلج هذا الإعلان قلوب أغلب المغاربة وقواها الحية وفتح باب أمل جديد، بقدر ما أرعب تلك الفئة المتنفذة المستفيدة من العهد القديم... على المستوى الدولي فقد قادت الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جورج بوش هجمة ممنهجة على الشعوب العربية والإسلامية شهدت أوجها في كل من أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين تحت شعار محاربة الإرهاب. ستنخرط أغلب الدول في هذه الحرب وسيفرز هذا الإنخراط فئات مستفيدة مباشرة من الدعم الذي وفرته الإدارة الأمريكية وسترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الحرب المزعومة وستوفر اعتداءات 16 ماي الإجرامية لهم الشروط الضرورية لإطلاق أيديهم في البلاد والعباد يفعلون ما يشاؤون دون حسيب أو رقيب. هكذا سيوظفون هده الجريمة، التي أدناها في إبانها، لإضعاف خصومهم السياسيين أو استئصالهم. وكان حزبنا أحد المستهدفين لانتزاعنا حقنا في التنظيم .. وهو الشيء الذي لم يغفره لنا مهربو القرار السياسي، وكانت مناسبة إعادة رسم الخارطة السياسية فرصة سانحة لهم لتصفية حساباتهم معنا والإنتقام من جرأتنا... تعلمون أن المتطرف لايؤمن بمنطق التشارك والتعاون بل إن همه الوحيد هو استئصال خصومه أو من يعتبرهم كذلك وإقصاؤهم وإبعادهم. فهل نحن كذلك؟" ينهي الركالة شهادته بالقول: "كان موقفنا من الإرهاب، ومازال، واضحا. لذلك لم نكتف، حين تعرضت بلادنا يوم 16 ماي للإعتداءات الإرهابية الإجرامية، بإصدار بيان إدانة بل ساهمنا في تنظيم وتأطير المسيرة الوطنية لمناهضة الإرهاب. وقمنا بحملات تحسيسية بخطورة الإرهاب على شعبنا ووطننا ومؤسساتنا... وجه حزب البديل الحضاري يوم 08/أكتوبر/2006 نداء من أجل تشكيل جبهة وطنية لمناهضة الفساد. وأكدنا أن بناء هذه الجبهة ضرورة تاريخية ومطلب آني إذ بدون تطهير جهاز القضاء والأجهزة الساهرة على أمن المواطنين من الفاسدين وبدون بناء أحزاب خالية من مزوري الإنتخابات ومروجي المخدرات وبدون متابعة ومحاكمة ناهبي المال العام ومرتكبي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فإن التمرس بمقولات الإنتقال الديمقراطي والمشروع الحداثي يصبح لغوا وكلام ليل يمحوه النهار.." * أدلى الاستاذ عبد الحفيظ السريتي أمام هيئة المحكمة في جلسة 19/05/2009 بما يلي: "لي ملاحظتين :"الأولى : هي أن الأقوال المنسوبة إلي في محضر الشرطة القضائية شابتها خروقات ولحقها تزوير على مستويات أربع : الأول : هو أن المحضر تضمن واقعة لم أدل بها على الإطلاق. الثاني :هناك واقعة تم تزويرها وتغيير مكانها وطبيعتها عمدا لتلتقي بالرواية الرسمية وفي التاريخ التي بنيت عليه. الثالث :مواقف عامة سئلت عنها فقدمها المحققون في المحضر بشكل مبتور أساء إلى مضمونها. والمستوى الرابع والأخير يتعلق بأسئلة طرحت علي فلم ترد بالمرة في المحضر. أما الملاحظة الثانية فهي أنني أمثل أمامكم السيد الرئيس بصفتي الشخصية بدون انتماء جمعوي أو سياسي، فتجربتي الجمعوية السابقة أنهيتها منذ العام 2000. وعليه أعتبر محاكمتي محاكمة لآرائي ومواقفي، هذا إلى جانب أنها محاكمة لحقبة تاريخية ترجع إلى القرن الماضي وتحديدا إلى سنة 1987". "بعد أن تم ترحيلنا إلى سجن سلا، وتحديدا بعد اطلاعي على مضمون الندوة التي عقدها وزير الداخلية شكيب بنموسى هنالك علمت سبب إصرار المحقق على تزييف التاريخ الذي صرحت به. فالخلفية كانت واضحة وهي الخلط العمد بين لقاء طنجة الذي حضره عبد القادر بلعيرج عام 1992 واللقاء الطلابي حول المسألة السياسية عام 1989 واللقاءان تما في زمنين متباعدين...واقعة ثانية تم زرعها في محضر الأقوال المنسوبة إلي وهي ما سميت بمحاولة السطو على سيارة تابعة لشركة توزيع الماء والكهرباء عام 1990، إلا أننا بحسب زعمهم وخيالهم الواسع وحتى يضفوا جانبا من المصداقية على روايتهم قررنا، يقول المحضر، التراجع عن هذه المحاولة...إن هذه الواقعة/الأكذوبة هي محض افتراء الهدف منها محاولة تشويه سمعتي ثم الزج بي في هذه القضية التي بدت خيوطها أوهن من بيت العنكبوت وأخال جازما أن الأيام القادمة سوف تكشف الجهة التي دبرت هذا الملف والمرامي التي كانت تتغياها من وراء صناعة هذا المسلسل السخيف". "لكن الغريب السيد الرئيس، هو أن يصبح المرء متابعا ومتهما بالإشادة بإيران على وزن الإشادة بالإرهاب. فإيران شغلت الناس في الحرب كما شغلتهم في السلم. وليس محرما على مواطن إهتم بالدراسات السوسيولوجية واشتغل على ظاهرة التحول والتغير التي طبعت مرحلة كاملة... لماذا اخترت قناة المنار، معروف ومعلوم لدى الخاص والعام أن سنة 2000 لم تكن هناك أكثر من أربع قنوات عربية تتوفر على مراسلين لها بالمغرب وهذه القنوات هي (إم ب س )، الجزيرة، أبو ظبي والمنار. ومع الإشارة إلى أن اختيارالفرد يبقى حرا فإن في هذه الحالة لم يكن لدي شخصيا الإختيار بحيث كان كل صحافي يشتغل مع واحدة من هذه القنوات." ينهي السريتي بالقول: "تم اطلاعي وتوقيعي على المحضر على مراحل وفي وقت متأخر من الليل. في البداية سلم لي الضابط نسخة أولية طلب مني الإطلاع عليها وإدخال التعديلات إذا كانت لدي ملاحظات. في مرحلة ثانية عرض علي نسخة من المحضر تشمل التصحيحات والتعديلات التي أدخلتها على النسخة الأولى فوقعتها بعد الإطلع عليها. في مرحلة ثالثة عرض علي عدد من النسخ، لا يمكنني تحديد عددها، وطلب مني توقيعها باعتبارها نسخا مطابقة للنسخة الأصلية دون أن أطلع عليها... أما فيما يتعلق بالإذن بالتفتيش فقد طلب مني كتابته والتوقيع عليه يوم 24/02/2008 بينما تفتيش بيتي تم صبيحة 19/02/2008 على الساعة السابعة والنصف صباحا. وبدلا من وضع تاريخ اليوم الذي وقعت فيه على الإذن بالتفتيش وهو 24/02/2008 وضعوا تاريخ 19/02/2008". * في مرافعته في 21 مايو/أيار 2009 ، يقول الدكتور العبادلة ماء العينين: "إن شريط الأحداث الممتد لخمسة عشر شهرا خلت، ليكشف عن حقيقتين جوهريتين؛ الأولى، وتتعلق بالمساطر القانونية، إذ اتضح من خلال الطلبات الأولية والدفوعات الشكلية والملتمسات العارضة، أن خرق المسطرة شَكَّلَ الأصل، وأن احترامها مثل الاستثناء؛ أما الحقيقة الثانية، فهي الإخلال بشروط المحاكمة العادلة، بدءا من قرينة البراءة التي تم طمسها في ندوة السيد وزير الداخلية بتاريخ 20 فبراير 2008، مرورا بحرماننا من الحصول على نسخ من محاضر الضابطة القضائية وبالتالي إجراء التحقيق التفصيلي، ثم عدم تمتيعنا في أقل الأحوال بالسراح المؤقت؛ رغم انتفاء حالة التلبس واستيفاء كل الشروط والضمانات القانونية، وأخيرا وليس آخرا، استبعاد الشهود وإرجاء ما سمي "بالمحجوزات".. ينهي العبادلة شهادته بالتساؤل: "الواقف أمامكم أمضى الليالي ذوات العدد نقاشاً وحواراً مع العشرات من الشباب الصحراوي سواء داخل قبيلته أو مع إخوانهم من القبائل الأخرى، توجيهاً وترشيداً، إقناعاً وتسديداً، عسى أن ينخرطوا بقوة في العمل السياسي، ويتدافعوا بالحجة والبرهان مع أنصار الأطروحة الانفصالية أملاً في استمالتهم إلى الأطروحة الوحدوية.. وهنا أطرح تساؤلاً مشروعاً: هل الذين زجوا باسمي في هذا الملف يريدون فعلاً لمثل أولائك الشباب أن يقتنعوا بالعمل السياسي وينخرطوا في مسلسل الإصلاح الديمقراطي بالوطن؟! أبمثل هذه الحسابات السياسوية، المُدَِّثرَةِ بسرابيل القضايا الأمنية نبني جسور الثقة ونزرع بذور الأمل؟! أم أن هناك من تهمه، حقيقة، حالة الجمود الملفوفة بظلال الشك والريبة، لأن له في ذلك ريعا سياسيا ومآرب أخرى؟" تساؤلات مشروعة طوال المحاكمة لم تبرز كما بات واضحاً سوى المفارقات والتناقضات والخروقات دون تقديم ولو دليل واحد على صحة الادعاء وعلى الأعمال المنسوبة للمحكوم عليهم والذين مع ذلك خضعوا لأحكام جائرة. ولا شك بأن اسئلة كثيرة تطرح نفسها على المحامين والحقوقيين والمدافعين عن سلطة قضائية مستقلة: من المستفيد من كل ذلك ومن تحويل أبرياء لضحايا تلفيقات تخدم مرامي لا علاقة لها بحفظ أمن شعب المغرب من أخطار الإرهاب وبنمائه الاجتماعي والاقتصادي؟ هل ما اعترى هذا الملف من شوائب هو مؤشر بداية استراتيجية ترهيب الحركات السياسية الإصلاحية بعقابيل وبقايا ما عرف بالحرب على الإرهاب؟ هل نحن أمام وسائل جديدة للتصفية السياسية عبر تهم عابثة ومغطاة بأحكام يصدرها قضاة التعليمات؟ هل ما شهدناه هو سياسة وضع الرموز السياسية بين طائل الاسترحام بطلب العفو والانتقام بالأحكام القاسية؟ هل الخطوة المقبلة التي ستذهب للاستئناف ستشهد نفس التعنت في اتخاذ قرارات واجراءات ظالمة، أم أن بعض من احتفظ بحصته من ضمير مهني وحب للوطن ودرء لنسيجه الاجتماعي من المزيد من الاحتقان قد يردع عن الغلو ومراكمة الاخطاء بحق مظلومين وأبرياء؟ في مرافعته الأخيرة في هذه القضية تساءل أحد محامي الدفاع الأستاذ خالد السفياني إن كان هناك من يزعجه التوجه لبناء الوطن على أسس سليمة تحفظ الوطن واستقراره، ومن يريد توجيه رسائل في هذه اللحظة بعدما اعتبر أن فتح الأبواب لحزب ذو مرجعية اسلامية جريمة تحدي يجب ان يعاقب عليها، ومن أزعجته بعض خيوط ضوء الحرية بعد سنوات الرصاص، ومن يشعر أن استقرار المغرب خطر على مصالحه ومستقبله، وأن العمل والحوار بين مكونات المجتمع خطر عليه؟ هو يرى أنه رغم أن تاريخ المغرب حافل بمحاكمات الرأي العام والأحزاب والتنظيمات والصحافة، هذا الملف فريد من نوعه، حيث طبخ وحددت شخوصه في وزارة الداخلية. فبدى أن المتهمين الذين يعملون من أجل كرامة المواطن يلعبون دورين في السرية والعلانية. لكن إذا كانت هذه الأحزاب متورطة بأعمال إرهابية لما لا يستدعى جميع أعضاء هذه الأحزاب؟ وحيث اعتبر هذا الملف سياسياً، توجه بالكلام "للقابعين وراء الكاميرات" لأنهم يخربون البلد بهذه الممارسات، في حين أن المواطن يريد الديمقراطية الحقة والتنافس السياسي الحقيقي وليس المصطنع. كما أن بناء المغرب لا يمكن أن يكون إلا بقضاء نزيه مستقل توفر له كل الامكانيات للقيام بدوره المستقل، كون عهد ام الوزارات قد انتهى. إن كنا سنتابع في الأسابيع والأشهر المقبلة ما سيؤول إليه الوضع بخصوص هذا الملف وغيره، مع أملنا بانفراج سياسي في المغرب ينسحب على أبنائه بعيش أهنأ وانخراط مسئول في بنائه بخطى حثيثة لمجاراة الشعوب والأمم التي تتبارى في الدفع للأمام بمسيرة التقدم والحضارة، نحن نخشى في الواقع من مزيد من التصعيد. والتساؤل هنا مفتوح حول ماهية العلاقة بين اسرائيل والصهيونية وأزلامها الداخليين في المغرب وحياكة هذا الملف وسواه؟ لقد توقفنا على ما أكده المحامون على لسان رئيس هيئة الدفاع بأن المعتقلين السياسيين الذين عملوا من أجل المغرب ورفع سمعته عالياً ومن أجل القضايا العربية والاسلامية ومن أجل فلسطين، ناضلوا أيضاً "لاستبدال كلمة اليهود بالصهيونية، لأن اليهودية كما الاسلامية والمسيحية ديانات سماوية يجب أن تتعاون. وهم أعضاء في لجان يوجد فيها يهود تضامنوا مع حزب العدالة والامة. فكيف يقال أنهم يخططون لاغتيال شخص لكونه يهوديا؟" ما يدعم التساؤل هو ما أورده الأستاذ محمد المرواني في شهادته من أن وزير الداخلية نسب له في ندوة صحفية أنه أمير التنظيم، لكن كذّبه مسؤول آخر بوزارة الداخلية نفسها عندما قال له حين زيارته له أثناء التحقيق معه في مقر الشرطة القضائية : "نحن نعرف أن لا علاقة لكم بهذا الملف". كذلك ما ورد بنوع خاص في شهادة الأستاذ مصطفى المعتصم الذي قال: "أعيد التحقيق معي يوم الخميس حيث أخبرني أحدهم بأن الأسلحة يتم تهريبها الى المغرب وأن بلعيرج قام بقتل خمسة يهود وأن اسرائيل "ستنزع السروال للمغرب" قبل أن يطلب مني التعاون باسم الوطن"... المحاضر المزورة تقول أيضا أننا خططنا للاعتداء على اليهود وهذا كذب وزيف... ان الهجوم على اليهود وتخويفهم يصب في طاحونة الصهيونية والموساد وعملائها. ولذا لا أستبعد أن يكون من وراء هذه الاعتداءات العصابات الصهيونية ومن يواليها، وقد يستغلون سذاجة وبساطة البعض. نحن نأمل بأن يعود اليهود المغاربة الى بلادهم ويتركوا فلسطين لأهلها. يعودوا للمغرب ليعيشوا حياة الطمأنينة". ما يذهب في هذا الاتجاه ويربط الأحداث ويؤكد من تصاعد الدور الاسرائيلي والصهيوني داخل المغرب ما ورد بتاريخ 07/09/2009 في بيان لمجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وفعاليات المؤتمرات القومية الثلاث بالمغرب، حيث ندد البيان بمختلف مبادرات التطبيع مع الصهاينة، الرسمية وغير الرسمية المغربية والعربية والإسلامية، مطالباً المسؤولين المغاربة بوضع حد لكل ما تشيعه وسائل الإعلام الصهيونية وتتناقله عنها وسائل الإعلام الغربية، بالإعلان عن عدم صحة المشاركة في المناورات العسكرية للناتو بحال شارك فيها الكيان الصهيوني، وتكذيب ما قيل عن الاستعداد لفتح الأجواء المغربية أمام الخطوط الإسرائيلية وما يروج عن الاستعداد لإعادة العلاقات مع الدولة العبرية. كما وطالب البيان المسؤولين المغاربة بالتصدي لكل المبادرات التطبيعية التي اعتبرها الشعب المغربي في مسيراته المليونية وفي كل المناسبات بأنها خيانة وطنية، بل والتصدي بالحزم الضروري لكل المحاولات الرامية لزرع بذور الفتنة العرقية أو الطائفية بالمغرب، حيث يصر عملاء المخابرات الإسرائيلية والأمريكية على تلويث سمعة أبناء المغرب الأمازيغ بمد اليد للإرهاب الصهيوني والعمل على تنفيذ مخططه التطبيعي والإعلان من جديد عن تأسيس جمعية للصداقة الأمازيغية الصهيونية. كان البيان قد أوضح بأن المغاربة فوجئوا بمجلة إسرائيلية تباع في الأكشاك المغربية اتضح أنها تسربت إليها دون ترخيص، تبعها غزو الأسواق للتمور الإسرائيلية، والإعلان عن المشاركة المدانة للملحق العسكري المغربي بواشنطن في حفل توديع الملحق العسكري الإسرائيلي ببيته، وتسريب أخبار عن ارتفاع المبادلات التجارية بين المغرب والدولة العبرية وفتح أجواء المغرب، كما بعض البلدان العربية، لعبور الطائرات الإسرائيلية، وسماحه لمن يحملون أختاماً إسرائيلية على جوازاتهم بالدخول لأراضيه، واستعداده لفتح مكتب اتصال وإعادة العلاقات مع الصهاينة بحال تم تجميد الاستيطان واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والدولة العبرية. وكان بنشتريت رئيس الفيدرالية العالمية لليهود المغاربة قد كشف عن ارتفاع نسبة السواح الإسرائيليين إلى المغرب، وأعلن أن وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى، شمل أعضاءاً من الكنيست الإسرائيلي وزعماءاً من الجالية المغربية، قد قام بزيارة للمغرب وأجرى لقاءاً على مستوى عال. مالاكوف 8 سبتمبر/أيلول 2009 أنقر هنا لزيارة موقع اللجنة العربية لحقوق الإنسان