تأتي محاكمة واعتقال المدون وكاتب الرأي المغربي محمد الراجي لتدق مسمار آخر في نعش حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر ببلادنا الحبيبة. فبالأمس القريب فقط، تم الإجهاز على الصحفي علي المرابط بمحاكمته ومنع جريدتيه الساخرتين دومان ودومان مكازين ومنعه من الكتابة لمدة عقد من الزمان، واضطر الصحفي أبو بكر الجامعي مدير مجلة لوجورنال الأسبوعية إلى المغادرة نحو بلاد العم سام بعد أن تم التضييق عليه قضائيا والحكم عليه بأداء غرامة مالية جدا ثقيلة، أما الصحفي مصطفى حرمة الله فقد كان نصيبه قضاء بضعة أشهر في سجن عكاشة على خلفية إعداده لملف صحافي لم يعجب جزءا من الدوائر الحاكمة، في حين أن المداد الذي كتب به الحكم القاسي الصادر في حق يومية المساء القاضي بأدائها لغرامة تقدر ب 600 مليون سنتيم فلم يجف بعض. وغير ذلك كثير من الأساليب التي ترمي في نهاية المطاف إلى لجم كل ثغر وكل صوت حر قال كلمة حق في قضية من قضايا الوطن الكثيرة. "" إن هذه المتابعة الأخيرة للمدون الشاب محمد الراجي – كأول مدون مغربي يتم الزج به وراء القضبان بعد محاكمة أسرع من البرق لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة- تؤكد من جديد، وخصوصا بالنسبة لمن يحتاج إلى مزيد تأكيد، مدى ضيق صدر فلسفات ونظريات " العهد الجديد" من المضامين التي تحفل بها كل يوم الصحافة المستقلة ومن ضمنها الصحافة الإليكترونية التي أصبحت تفرض نفسها يوما عن يوم في مغرب اليوم. كما أنها تعكس مدى ضيقه من كل الأصوات الحرة المغردة خارج سربه وخارج خطابه بعباراته المسكوكة التي لم تعد تفيد شيئا. هذه الأصوت الحرة التي لم تكف هذا "العهد الجديد" مضايقتها، فاضطر بعد طول تفكير وتدبر إلى الزج بها في أقفاصه الحديدية. متابعة المدون المغربي محمد الراجي، كسابقة أولى من نوعها في تاريخ المغرب المعاصر، رسالة أخرى وليست أخيرة تحمل في طياتها تهديدا ووعيدا لكل الأصوات الحرة من مدونين وصحفيين ومناضلين وكتاب...وهي كذلك رسالة لكل الصحف الورقية المستقلة وكل المواقع الإليكترونية المستقلة لكي تكف عن الاهتمام بقضايا المغرب الحقيقية، إلا أن المرسل أخطا العنوان كعادته دائما. إن قضية المدون محمد الراجي، ينبغي أن تكون قضية جميع الأحرار في ربوع العالم، قضية كل الجمعيات الحقوقية والأحزاب الديمقراطية – إن مازالت هناك أحزاب من شاكلتها في المغرب- وقضية كل المناضلين والمناضلات في مجال حقوق الإنسان. هكذا، فإن أول الغيث قطرة، إذ شكلت هذه القضية مثار اهتمام مجموعة من الصحف الوطنية والصحف والقنوات الإعلامية الدولية مثل جريدة لوموند الفرنسية وقناة الجزيرة التي بثت الخبر في نشرتها المغاربية، إضافة إلى منظمة " مراسلون بلا حدود"...فهل بمثل هذا يحرص " العهد الجديد" على سمعته وصورته ؟ مجرد سؤال للذكرى وللتاريخ. .