أجمع حقوقيون وفاعلون في المجتمع المدني على وصف حكم المحكمة الابتدائية بالرباط بأداء مدير جريدة «المساء» مبلغ 600 مليون سنتيم لأربعة وكلاء للملك بمدينة القصر الكبير على خلفية ما عرف بحفل الشواذ، بأنه «يستهدف حرية التعبير، وإفلاس جريدة «المساء». وأكد عبد الرحيم الجامعي، المحامي بالرباط، أن الشعار الذي يجب أن يحمله هذا الحكم هو «من أجل تصفية متسترة للصحافة»، وقال بخصوص تولي نفس القاضي، محمد العلوي، إصدار أحكام على الصحافيين، ومنهم علي المرابط، وأبو بكر الجامعي، «إن المحكمة الابتدائية بالرباط أصبحت متخصصة في تصفية المنابر الإعلامية منذ «دومان» بالعربية، و«دومان مكازين» بالفرنسية، و«لوجورنال»، و«لوجورنال إيبدو» وأضاف: «إن الدور الآن على جريدة «المساء» لتصفيتها» ووصف الجامعي حكم المحكمة ب«الطائش»، وأنه يكرس «اتجاها فريدا في عصره». وقال عن الحكم: «إنه هدية نارية مفعمة بالعنف ضد الصحافة من المحكمة للمؤتمر الأخير لنقابة الصحافيين». والقاضي محمد العلوي، الذي أصدر حكمه ضد «لمساء»، هو نفسه الذي أصدر أحكاما بمنع علي المرابط مدير جريدة «دومان» من الكتابة لمدة عشر سنوات، وهو الذي حكم على أبو بكر الجامعي بأداء تعويض 350 مليون سنتيم لفائدة مركز أوربي. أما محمد الأزهر، أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، فقال إن «هذا الحكم ضد «المساء» غريب وفريد، لأن نواياه واضحة في محاولة دفع الجريدة للإفلاس، والإجهاز على حرية الرأي والتعبير»، وأكد الأزهر أن الحكم الذي قضى به القاضي العلوي يعد برأيه «أكبر تعويض تحكم به محكمة في العالم العربي ضد الصحافة»، واستغرب الأزهر كيف أن قضايا مماثلة طرحت أمام القضاء تتعلق بالقذف صدرت فيها أحكام بالتعويض أقل بكثير مما صدر ضد «المساء»، مثل قضية المحامي محمد زيان ضد جريدة «العلم» التي اتهمته بتهريب المخدرات على متن حافلات من الشمال، حيث قضت المحكمة بتعويضه بمبلغ 30 مليون سنتيم. كما استغرب كيف أن المحكمة قضت لفائدة أربعة نواب وكيل ملك، في حين أن «المساء» تحدثت عن نائب واحد لوكيل الملك. وفي نفس السياق أكد محمد الصبار، المحامي بالرباط ورئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، أن الحكم بأداء تعويض قدره 600 مليون ضد «المساء» «يستهدف إفلاس الجريدة». وأكد الصبار أن الحكم يسير في اتجاه تقييد حرية الصحافة من خلال الحكم عليها بمبالغ خيالية، واستغرب الصبار كيف أن القضاء المغربي والسلطات سبق أن أكدا أن الحفل الذي نظم في القصر الكبير كان تقليديا ولم يكن يتعلق بحفل الشواذ، وأن ما سبق أن نشرته «المساء» يتعلق بمجرد الحضور وليس بالاتهام بالشذوذ، ورغم ذلك أكد أن من يؤمنون بحرية التعبير والصحافة لا يطالبون بتعويضات خيالية، بل يطالبون في حالة المساس بهم بدرهم رمزي فقط مع نشر الحكم في عدد من الجرائد على نفقة الجريدة المتهمة، حتى يتم رد الاعتبار إليهم.