قراء هسبريس، عيد مبارك سعيد لكل من اختار القراءة في زمن التفاهة والعزوف، شكرا لمن يقرؤون رغم أنه العيد، ولا عزاء لمساندي الجهل الذين يبذلون قصارى جهدهم لدفع المطالعة والبحث إلى أدنى مستوياتهما. عيد مبارك سعيد لكل أب أدخل الفرحة على أسرته، وابتسم في وجه أقربائه رغم حزنه الداخلي، ورغم ما تكبده من عناء طيلة ليال، حيث لم يغمض له جفن حتى وفر ثمن الكبش.. عيد مبارك سعيد للمهووسين بقراءة الأخبار، وتوقع الطالع السياسي، والشكر موصول للفقراء الذين لا يتسامحون في إظهار التميز العقائدي عند الشعب المغربي من خلال التضامن والتعاون والتآزر، وشكرا للقلة القليلة التي تحرص على إظهار وعي حضاري في هذه اللحظات المقدسة، في انتظار أن يلتحق الجميع بقطار "التحضر". عيد مبارك سعيد للأغنياء الذين لم ينسوا الفقراء في هذا اليوم، رغم أن الأطباء ينصحونهم بتجنب لحم الخروف، والشكر موصول للمقاولين الوطنيين، صناع السعادة، وصناع الفارق بين الليبرالية المتوحشة والليبرالية الوطنية.. شكرا لمن يجعل سعادته في سعادة الآخرين. لكل من يؤمن بالاختلاف، ويؤمن بقيم التعايش والتسامح، لكل من يفهم العقيدة ومغزاها، ويقرأ أبعادها الروحية..عيد مبارك، والشكر موصول لكل الأئمة والقيمين الدينيين الذين يبلغون المراد من التدين، ويرشدون الناس إلى طريق الخير، دون غلو.. شكرا لكل من يعلم الناس أن الدين لله والوطن للجميع.. ويساهم من موقعه في صناعة قصة نجاح لشخصه ولوطنه ولعائلته.. شكرا لعمال النظافة، ولوحدات صيانة الإنارة، شكرا لمن لا عيد لهم هذا اليوم، شكرا لمن أجل عيده لكي يحتفل الآخرون بعيدهم، والشكر موصول لمن يشتغلون اليوم ليضمنوا عطلة الآخرين. عيد مبارك سعيد مع أغلى المتمنيات لحراس الحدود، الذين يقفون على أهبة الاستعداد لمواجهة العدو في أي لحظة، وينتظرون فقط اللحظة الحاسمة لمسح "الوهم" الذي يتربص بوطنهم من الوجود.. شكرا لحملة السلاح المرابطين بشجاعة على خط النار، أولائك الذين يحملون العتاد العسكري كي يحمل آخرون هواتفهم النقالة، ويفتحوا حساباتهم لنشر تعليقات تافهة على مواقع التواصل الاجتماعي. عذرا لعمال النظافة، عذرا لمن لم يجد ثمن شراء أضحية، عذرا بالنيابة عن كل المتهافتين لأولائك الصامدين والصامدات في وجه متاعب الحياة، الذين سيسهرون اليوم في غرف الإنعاش لإنقاذ الأرواح، والمهددين بكوفيد 19 وغيره من مسببات الألم.. إنه العيد، وإنها مناسبة غير مستمرة في الزمن، فليفعل كل منا ما في وسعه لكي تعم السعادة، وتنعدم التفاهة، ويعم الفرح، وحبذا إذا عمت قيم التضامن التي يمكن أن تشكل وحدها سلاحا لمواجهة معارك المستقبل.. عيد مبارك سعيد وكل عام وأنتم بخير، والأمل معقود على الزمن كي تزول غمة هذه الجائحة، في انتظار عودة الحياة إلى سكتها المعتادة.