إلى المسجد يأتي المصلي طمعا في الطمأنينة والسكينة، فيكون هو أول المساهمين في تحقيقها قبل غيره، ولو بأقل الأعمال ؛ يبتعد عن أكل الثوم و البصل الطازج تحسبا لإذاية المصلين، يحرص على فرك قدميه بالماء و الصابون محاربة لرائحة الحذاء الكريهة، كما أنه يأتي و يجلس حيث انتهى به المجلس ، ويلتزم الصمت و الخشوع و النظر أمامه، دون أن يرخي العنان لبصره ويحملق في الوجوه و قامات المصلين، وهذه أقل الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان المسلم داخل المسجد ذكرا او أنثى ، إلا أنه يبدو في بعض الحالات أن مطلب السكينة والطمأنينة قد يمس بشيء من آذى المشوشات الكثيرة التي تقفز إلى السطح بشكل فاضح خلال رمضان في صلاة التراويح ، ومن ذلك الهرج و المرج الذي تحدثه بعض النساء في المساجد ، مما يطرح أسئلة التشكيك في صدقية خروج الأولوف المألفة من النساء لشهود التراويح. "" على مقربة من الطابق المخصص للنساء، قد لا تنعم - إن قدر لك الجلوس في هذا المكان- بالهدوء إلا عند إقامة الصلاة ، أما قبل الصلاة و بعدها قد يخيل لك أن نساء التراويح لا يختلفون كثيرا عن نساء الحمام والسوق ، إلا من جهة المكان و العمل الذي يقمن به و ما عدا ذلك ؛ هناك ضجيج و نقاش و كلام في كلام .. في المقابل يفرح المرء بالحشود الهائلة من النساء اللواتي يحضرن صلاة التراويح ، فمجرد الحضور هو إعلان عن كفرهن بالمسلسلات التي تستهدف خيالهن، و بالإعلانات التي تريد أن تمتص أموالهن، كما أنه تأكيد على أن رسالة القرآن التي تتلى في صلاة التراويح لا تختص بالرجل وحده دون المرأة ، بل إن الرسالة موجهة لهما معا، و كأنها تستشعر أن تخلفها هو تخلف عن الاستماع للرسالة ، ويضفي هذا على مشهد التراويح أن الإنسان ذكرا و أنثى قائم أمام الله سبحانه يتلقى كلمات القرآن من أولها إلى آخرها، وإن استحضر الرجل و المرأة أن التراويح هي لحظة للتقي عن الله لتقييم مسار الكدح المشترك بينهما، المرأة قائمة والرجل قائم ويسمع آيات الميراث و آيات الأسرة و الزواج ، وآيات التبشير برسالة الله . لقطة رائعة ، الزوج قائم يسمع بخشوع لآيات الأسرة ، و في الطابق المخصص للنساء تسمع زوجته نفس الآيات ، والأروع أن يكون الابن شاهدا لهذه الصلاة فيسمع بصوت الإمام الندي وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، كما أن الفتى يسمع لآيات العفة و غير بعيد عنه فتاة من بنات حيه قائمة تصلي تسمع نفس الآيات ، فتكون صلاة التراويح بهذا المعنى؛ أن الأسرة والحي ينشأون بتربية قرآنية في مسجد الحي ، واعتقد أن حضور المرأة للتراويح يعزز هذا المعنى بقوة بالرغم من بعض التجاوزات المشوشة التي ينبغي على نساء التراويح العمل على عدم إتيانها تحقيقا لهذا المعنى العظيم. [email protected]